محمود حافظ يكتب: «أوراق الخريف»
“جمال الخريف في سقوط أوراق الشجر التالفة، كونوا مثل الخريف ونظفوا أوراقكم جيدًا”.. ففي فصل الخريف تتساقط كل أوراق الشجر الصفراء ولا تبقي سوي الأوراق المزدهرة الخضراء.
أشياء كثيرة نحتفظ بها بين ثنايا العقول وداخل الوجدان تركت لنا العديد من الأسئلة التي أصبحت تُشكل لنا متاعب قاتله وحان الوقت لفك ألغازها والإجابة عليها، لماذا نُصر على أن نثقل كاهلنا بهذا الكم الهائل من الذكريات المؤلمه، والمعتقدات الخاطئة، والقناعات الزائفة، والأحلام المستحيله ؟!.. متي سندمر هذا الروتين الممل الذي يكاد يقضي علينا ؟!..
حان الوقت لكى تنظر بعمق إلى علاقاتك بالأصدقاء، إلى عملك وبيتك ومجتمعك، فمثلًا ورقة الأصدقاء بها العديد من الأسماء التي لم يصبح لها وجود سوى رقم الهاتف أو رسالة إليكترونية في المناسبات، وهناك أيضًا من الأصدقاء الذي لم يعد هناك منفعة من وجودهم في حياتك هم موجودون فقط اسمًا لا تتواعدون أو تلتقون مثل الأمس ولا يجمعكم أي شىء جديد لا شدائد ولا أفراح تباعدت القلوب وافترقت الطرق واختلفت الرؤى وطُرق التفكير، فلما تحتفظ بأشخاص قد مروا في حياتك؟..،نظف ذاكرة هاتفك من هؤلاء فهناك من يستحق أن يأخذ مكانهم في حياتك أكثر منهم.
الماء الذي هو أصل الحياه نحتاج إلى تنقيته أحيانا من الشوائب لكى نستطيع أن نستسيغه ،فماذا عن الأحلام ـ أحلامك الشخصيه التي تبعث داخلك الأمل لكى تحيا هل قمت بتنقيتها جيدًا ؟..، هل نظرت إلى ما ينفعك منها وما لا ينفعك ؟..، هل قيمتها ؟..، فالأحلام والخيال منهما ماهو صعب وقد يتحقق ومنهما ماهو أسطورى ولن يتحقق مهما كانت قدراتك المعنويه والماديه، ولكى تستطيع أن تحلق بعيدًا كباقى العظماء امسك بورقة الأحلام واحذف منها كل ماهو اسطورى ولا تتشبث بوهم أو سراب حتى لا تسقط إلى الهاويه.
الحياه عباره عن مجموعه من الأوراق التي طويناها، احداث كثيره مضت علينا تعلمنا منها ماهو إيجابي، وأخرى احداثها كانت سلبيه، وكلاهما ترك فينا أثر، فلما نحمل في ادراجنا ما ينفعنا من تلك الأوراق وما لا ينفعنا ؟!.. لما لم نتعلم من الطبيعه التي خلقها الله ونأخذ الحكمه من فصل “الخريف” هل هذا عاده.. ام كسل..ام خوف من بعثرة اوراقنا المُهمله ؟!.
على عكس ما يظن البعض لا يشترط أن يكون الخريف حزينًا بل هو فصل ” التغيير نحو الأفضل ”،نتعلم منه أن الماضى صفحه وانطوت وقد انتهت صلاحيتها، قال أحد شعراء اليابان قديمًا عن حكمة الخريف :_ أحب الربيع ، لكنه غض ، طري العود،أحب الصيف ، لكنه شديد الغرور،أحب الشتاء ، لكنه مخيف، لذا أفضل الخريف على الفصول جميعًا لأن أوراقه تميل للصفره ولهجته أدق.. وألوانه أكثر ثراء وتشوبه مسحة حزن.. وغناه الذهبي يحدثك لا ببراءة الربيع..و لا بصلف الصيف.. بل بالدعه والحكمة الحانيه اللتين تميزان الشيخوخه المقتربه، إنه يعرف حدود الحياه وهو قانع بذلك.
