رئيس التحرير
عصام كامل

إسقاط الجنسية عن عبد الناصر!!


الأفكار التي تثيرها تعديلات قانون سحب الجنسية قد تصبح ألغازا، إذا ما عدنا إلى وقائع تاريخية تعتبرها الأغلبية نقاطا مضيئة في تاريخ مصر، حيث تقضي بعض التعديلات بسحب الجنسية من كل من اشترك في جماعة إرهابية أو أي تنظيم يسعى إلى تغيير نظام الدولة بالقوة، وهو ما ينسحب بالتمام والكمال على تنظيم الضباط الأحرار، إذا ما عدنا إلى الوراء قليلا، حيث أنشأ عبد الناصر تنظيما سعى بموجبه إلى تغيير نظام الحكم!!

إذن الضباط الأحرار الذين غيروا وجه الحياة في مصر، لم يعودوا مصريين، وربما يمتد الأمر إلى كل من هتف لهم أو شجعهم أو تعاطف مع فعلتهم الإجرامية التي توجب إسقاط الجنسية عنهم جميعا، قبل إعدامهم بالطبع، ليموتوا بلا جنسية فيصبح عبد الناصر خاضعا لمصطلح «بدون».

الأمثلة كثيرة على هذا النحو، فما اعتبرناه ثورة شعبية استجاب لها الجيش في ٣٠ يونيو، قد اعتبره البعض تغييرا لنظام الحكم بالقوة رغم شعبيته، وهو أمر بالغ الخطورة، فلو فشلنا في التغيير عقب هذه الثورة المباركة ضد الحكم الديني الفاشي فإن إسقاط الجنسية عن الأغلبية من الشعب المصري كان هو النتيجة الطبيعية وفق التعديلات الجديدة التي وافق عليها مجلس الوزراء مؤخرا.

وإذا كان الأعضاء الذين ينتمون إلى جماعة الإخوان الإرهابية، قد وصل عددهم إلى خمسة ملايين، فإن دولة أخرى قوامها خمسة ملايين مصري ستصبح بلا جنسية، في واحدة من القضايا التي نتصور أن حلولها تكمن في فضح الفكرة وخطرها على المجتمع أكثر من أي إجراء آخر.. أضف إلى ذلك أن معلومات أجهزتنا عن جماعة الإخوان قد تتشابه مع معلوماتى عن تفاصيل انشطار الذرة وفوائد واستخدامات الفيمتو ثانية.

وبعيدًا عن طريقة مجلس الوزراء وتعاطيه مع الأمر على طريقة “والنبي لنكيد العزال”، فإن الأمر يحتاج إلى روية وهدوء وتفكير أكثر عمقا، فيما يمكن أن تؤول إليه التعديلات الجديدة، وما تفضى إليه مستقبلا، باعتبارنا بشرا غير مخلدين، وستأتي أجيال بعدنا تكتوي بنيران أشعلناها دون أن ندرى، خاصة وأن الحالات التي تستوجب سحب الجنسية في القانون القديم لا تنفذ في من يعملون بدول تتآمر ضد مصالح مصر وعلى رأسها قطر، حيث يجب إسقاط الجنسية عن قرابة ٣٠٠ ألف مصري يعملون بدولة قطر المعادية لمصر، والساعية إلى تغيير نظام الحكم فيها والأمر ينطبق على كل من يعمل بدولة تركيا!!
ولأن القضية شائكة فليس من المستساغ أن نصدر تعديلات ترتبط بالمرحلة دون النظر إلى ما يمكن أن تؤدى إليه مستقبلا، وارتباط ذلك بالنصوص الدستورية التي حددت وبشكل واضح قضية إسقاط الجنسية، ويكفى أن نراجع وبشكل دقيق قضايا الإخوان على سبيل المثال أمام المحاكم، والتي يخلو بعضها من الوقائع الدامغة ويكفي أيضا أن نراجع الأحكام القضائية النهائية في هذا المجال لنعرف إلى أين نتحرك؟ وما يمكن أن يصدر من أحكام بعدم الدستورية إذا ما تناقضت تلك التعديلات مع النصوص الحاكمة في الدستور.

الجريدة الرسمية