رئيس التحرير
عصام كامل

مصلحة الجمارك والمناطق الاستثمارية!


ميكنة الإجراءات والخدمات من أهم أسباب القضاء على الفساد والبيروقراطية والروتين، فالدول التي قطعت خطوات واسعة في الحوكمة ومكافحة الفساد كان من خلال منع التعامل المباشر بين مقدم الخدمة وطالبها، بين الموظف والمواطن، من خلال الميكنة وإنهاء كل الإجراءات بالكمبيوتر والإنترنت.


الميكنة شيء جميل ومطلوب ولابد منه ولا غنى عنه، ولكن حتى ينجح ويؤتي ثماره فإنه يحتاج ثقافة من المجتمع مع تدريب جيد للعاملين القائمين عليه، لكن مصلحة الجمارك فعلت العكس تمامًا حينما قررت فجأة تطبيق نظام الميكنة على المناطق الحرة، مما تسبب في تكدس البضائع في المخازن وتوقف إمدادات السلع المنتجة من مصانع المناطق الاستثمارية الحرة للسوق المحلية، وأصحاب المصانع وعددهم 212 مصنعًا مازالوا يواجهون مشكلة تهدد بإغلاق مصانعهم بسبب القرار المفاجئ لمصلحة الجمارك بميكنة كل شهادات الصادر للسوق المحلية دون تدريب العاملين على النظام الجديد.

المستثمرون ليس لديهم اعتراض على المكينة، ولكن المشكلة تكمن في البدء في التطبيق دون استعداد العاملين في المصلحة وعدم تدريبهم على كيفية إدخال البيانات وقدرتهم على تشغيل النظام المميكن، مما أدى إلى إيقاف كل المعاملات، المصلحة تقول إنها تسعى لمنع التهريب الجمركي، ولا أحد يختلف معها في ذلك ولكن قرارها المفاجئ أدى إلى تكدس البضائع في المخازن وحرمان السوق المحلية منها، وبالتالي ارتفاع الأسعار، وسوف تضطر الدولة إلى فتح باب الاستيراد مرة أخرى لاستنزاف الاحتياطي الأجنبي كل هذه آثار سلبية للقرار.

الدكتور هاني قسيس، صاحب مصنع لإنتاج الأدوات المدرسية، أكد لي أن قرار مصلحة الجمارك غير المدروس تسبب في ضياع موسم ننتظره من العام للعام وهو بداية الدراسة، والخسائر بلغت مائة مليون جنيه لمصنع يعمل فيه أكثر من أربعة آلاف عامل، بالإضافة إلى نقص السلع في الأسواق وارتفاع أسعارها على المواطنين الذين تحملوا في النهاية نتيجة القرار المفاجئ..

القرارات الصحيحة اتخاذها في التوقيت الخاطئ نتائجها كارثية؛ لأننا دولة مستوردة لكل شييء تقريبًا وعلى رأسها الأدوات المدرسية بنسبة تزيد على 80%، ونحن في بداية العام الدراسي ولدينا 21 مليون طالب في المدارس وثلاثة ملايين في الجامعات، وكنت أتمنى من المسئول الذي اتخذ هذا القرار في هذا التوقيت أن يدرس الموضوع من كل أبعاده وآثاره السلبية والإيجابية.

المناطق الاستثمارية الحرة تتعرض لمؤامرة كبيرة وهناك نوايا سيئة نحوها وتضييق عليها، حتى يضطر المستثمرون فيها إلى هجرها وإلغاء استثماراتهم رغم أنها توفر 83 ألف فرصة عمل وحجم صادرات 4 مليارات دولار وإجمالي استثمارات 12 مليار دولار.. فهل الدولة على استعداد للتضحية بكل ذلك؟

الإجابة بالقطع لا، ولكن ترك الأمور في أيدي أصحاب العقول العقيمة وصغار الموظفين سوف يسهم في مشكلات نحن في غنى عنها، إذا كانت هناك سلبيات للمناطق الحرة فلابد أن يتم علاجها في إطار القانون، وإذا كان هناك تهريب جمركي يتم منعه والسيطرة عليه أيضًا من خلال إجراءات ورقابة صارمة، ومن أهمها الميكنة ولكن بعد تدريب العاملين عليه، حتى يساعد في تسهيل الإجراءات والقضاء على التهريب والفساد بدلا من التسبب في طرد مستثمرين نحن في أشد الحاجة إليهم.
egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية