رئيس التحرير
عصام كامل

أزمة المعارضة


لا يختلف أحد على أن المعارضة لدينا ضعيفة، بل ضعيفة جدا وتمر بأزمة ليست بسيطة، وعدم تقدمها بمرشح أو أكثر في انتخابات الرئاسة ليس هو المظهر الوحيد لهذه الأزمة، هناك مظاهر عديدة أخرى، ربما كان أخطرها أن عددا من رموز المعارضة اهتزت مصداقيتهم بين عموم المصريين، حتى بين صفوف المواطنين الذين لا يرضون عن بعض سياسات الحكم، خاصة السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلى تآكل دخولهم الحقيقية.


ولعل السبب الرئيسي لأزمة المعارضة ليس، كما يقول البعض، التضييق عليها وملاحقة النشطاء منها، أو فقدانها منابر إعلامية كانت متاحة لها، وإنما سلوك بعض رموز المعارضة صنع لها هذه الأزمة قبل أي أسباب أخرى، حينما بدا أنها لا تتمسك بمواقفها، وتغيرها حسب الظروف، في ظل رغبتها في أن تبدو رافضة لكل شيء، وأي شيء، دون مراعاة أنها سبق أن طالبت ونادت به.

لقد ظل رموز المعارضة منذ عهد السادات، وطوال عهد مبارك يطالبون بمشروع قومي يتوحد حوله المصريون، مثلما حدث في عصر عبد الناصر الذي شهد مشروعا قوميا كبيرا، هو مشروع السد العالى، وعندما شرعت الإدارة المصرية في تنفيذ مشروع قومى جديد في قناة السويس، انطلق بعض هؤلاء يهاجمونه ومعه المشروعات القومية الأخرى، وقالوا ما حاجتنا لمثل هذه المشروعات؟!

كما كانت رموز المعارضة طوال عقود مضت تطالب بتقوية القوات المسلحة المصرية، تدريبا وتسليحا، وعندما بدأ الاهتمام بتزويدها بالأسلحة الحديثة، هاجم بعض هؤلاء ذلك، لأن هناك أولويات أخرى تسبق تسليح القوات المسلحة، رغم المخاطر التي تحيط بِنَا من كل جانب.

وذات الشيء ينطبق على مواقف أخرى مثل تنويع مصادر السلاح، وأسلوب التعامل مع دول حوض نهر النيل، خاصة إثيوبيا، والاهتمام ببناء الدولة مساكن لمحدودي ومتوسطي الدخل، تبدلت مواقف بعض رموز المعارضة تجاهها، وذلك التبدل يفقد المعارضة مصداقيتها ويضعفها، رغم أن المعارضة القوية ضرورة للدولة القوية.
الجريدة الرسمية