رئيس التحرير
عصام كامل

خناقات بالمتفجرات


هذا الحادث للأسف لم ينل ما يستحقه من الاهتمام الكافي، إنه الحادث الذي شهد قيام فتاة بقذف جيرانها بكمية متفجرات خلال خناقة عادية نشبت بين أسرتها وأسرة أخرى من الجيران، وأنا هنا لستٌ مهتما بالبحث عن كيف حصلت هذه الفتاة على المتفجرات؟ ولماذا احتفظت بها أو أي فرد آخر من أسرتها بها؟ فهذا من صميم عمل الشرطة المنوط بها كشف كل ملابسات الحادث، لكنني مهتم أساسا بجوهر الحادث اجتماعيا، وهو قيام فتاة صغيرة باستخدام متفجرات في خناقة نشبت بين أسرتها وأسرة الجيران..


الحادث الغريب كاشف لحقيقة لا بد أن تثير قلقنا جميعا وتحضنا على التحرك العاجل لحماية مجتمعنا، مما قد يحيق به مستقبلا، وهذه الحقيقة تتمثل في أننا نتجه للأسف الشديد إلى حالة مجتمعية ينتشر فيها العنف في المجتمع، ويصير فيها السلوك العنيف هو السلوك السائد في المجتمع، وهذا ما فعلته بِنَا خلال السنوات التي خلت تلك الجماعات التكفيرية التي تنتهج أسلوب العنف وتُنبذ قيم العيش المشترك.

هذا هو الخطر الأكبر الذي يهددنا الآن، وهو تحويل مجتمعنا من مجتمع التسامح وقبول واحترام الآخر إلى مجتمع الكراهية والعنف، أي إلى مجتمع يفتقد التماسك والتآخي واللحمة، وهذا هو طريق الندامة أو طريق هدم كيان دولتنا الوطنية، والذي أخفق من يتربصون بِنَا والحمد لله في تحقيقه.

نعم هذا مجرد حادث واحد، لكنه كاشف، انظروا إلى الطريقة العنيفة التي تتم بها الحوارات على مواقع التواصل الاجتماعي الآن، وانظروا أيضا إلى خلافات عادية تحولت إلى صدامات دامية خلال الفترة الأخيرة، وانظروا كذلك إلى كيف تحول الخلاف في الرأي إلى جريمة وتحول التنافس السياسي إلى كفر، ولا تنسوا أن النار من مستصغر الشرر.

مجددا نحن نحتاج إلى جهد كبير لنشر قيم المواطنة والتسامح والعيش المشترك لحماية مجتمعنا من شرور تلك الجماعات التكفيرية التي تريد تَمزيقه، وهذا الجهد لن تقدر أن تقوم به الحكومة وحدها، المجتمع المدني يجب أن يشاركها في ذلك وكل من ينتمون إلى مجالات الثقافة والفكر والإعلام والتعليم. 

الجريدة الرسمية