رئيس التحرير
عصام كامل

إعلامنا ومرضه القديم


عندما أخفقت ثورة عرابي بعد هزيمة جيشه أمام الغزو البريطاني، وتم إلقاء القبض على الزعيم أحمد عرابي ورفاقه من القادة ونجحت القوات البريطانية في احتلال الأراضي المصرية، خرجت جريدة الأهرام تبشر بذلك وترحب به، وتعلن كامل التأييد للخديو الذي استعاد عرشه، وتقدم له التهنئة هو والاحتلال الإنجليزي، وقالت الجريدة في افتتاحيتها:

"بشراك يا مصر، فقد نلت المنى، ودخلت العساكر الإنجليزية باسم الحضرة الخديوية عاصمة بلادك فاحتلها، وقبضت على عرابي وطلبة وأخواتهما، واستلمت القلعة وقصر النيل وسواهما من المراكز العسكرية، وتسنى لسمو خديو المعظم أن يتم فيك مقاصده النبيلة إلى نجاحك وترقيته، وانفتحت لأبنائك أبواب العصر الجديد، فادخلوها بسلام آمنين".

وهكذا مشكلة إعلامنا ليست جديدة ومرضاها قديم، والمناسبة أقدم من ثورة يوليو، ولذلك علاج هذا المرض يحتاج إلى وقت ليس قصيرا وجهد كبير وعلاج مر بالطبع لمن يتسببون في استمرار هذا المرض. ولعل القائمين على إعلامنا وصحافتنا يدركون ذلك حتى تبدأ رحلة الإصلاح الصحفي والإعلامي، فإن الإصلاح الإقتصادى يحتاج بجانبه لإصلاح سياسي، والإصلاح السياسي يحتاج بالطبع لإصلاح صحفي وإعلامي.

مصر تحتاج لعام يسهم في تحقيق نهضتها ويحارب معاركها الوطنية، لا أن يسهم في تسطيح الوعى وتضليل الرأي العام، وهذا طلب ليس بالعسير إذا اعتمدنا المهنية أساسا لإعلامنا.
الجريدة الرسمية