رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مدير معهد بحوث الحشرات: السودانيون نقلوا «الملاريا» لسكان أسوان خلال تنقيبهم عن الذهب

فيتو

  • نتعاون مع «الصحة» لتقنين شركات المبيدات
  • نحتاج لإنشاء عدد من المعامل البيولوجية بقيادة متخصصين
  • نتعاون مع الصحة لتحديث «الخريطة الحشرية» 



في الخمسينيات من القرن الماضي، أنشئ معهد بحوث الحشرات أحد أقدم المعاهد البحثية في مصر لمواجهة خطر الملاريا، وكان اسمه وقتها «وحدة دراسة واستئصال الملاريا»، ويتبع لوزارة الصحة، وبعد نجاح تلك الوحدة في القضاء على بعوضة الـ «أنوفيليس» في مصر، أنفصلت كمعهد مستقل يتبع الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية.

مدير معهد بحوث الحشرات، الدكتور نور الدين شمس الدين، حل ضيفًا على صالون «فيتو»؛ ليتحدث عن دور المعهد في مواجهة الأوبئة والحشرات الطفيلية وغيرها من الحشرات التي تهدد حياة المصريين، كما تطرق ليكشف أوجه التعاون بين المعهد ووزاة الصحة في القضاء على الأمراض قبل انتشارها، كما حل الدكتور محمد راشد، عضو مجلس نقابة العلميين، رئيس شعبة التحاليل الطبية بالمعهد ضيفًا في نفس الندوة، ليكشف مسببات الحساسية والتي تنتشر بكثرة في تلك الأيام، وطرق علاجها وإلى نص الحوار.

*في البداية.. ما الدور الذي يقدمه معهد بحوث الحشرات ؟
الدكتور نور الدين شمس الدين : وزارة الصحة تعمل من خلال قطاعاتها المختلفة في تحقيق هدف واحد وهو الحفاظ على حياة المواطنين، مستعينة في ذلك بعدد من البرامج، والمعهد دوره في تلك المنظومة بحثي في المقام الأول، فيقدم عدد من الوظائف الفنية والعلمية، ويتبع للهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية، والتي تضم 28 وحدة طبية من ضمنها المعهد القومي للكبد ومعهد القلب ومعهد التغذية ومعهد السكر القومي، وكذلك بعض المستشفيات الكبيرة مثل مستشفى الساحل التعليمي ومستشفى الجلاء للنساء والولادة.

والمعهد عندما أنشىء في الخمسينيات من القرن الماضي، كان يعمل تحت قيادة ثلة من العلماء المصريين؛ لمواجهة ثلاثة أمراض متوطنة وهي «الملاريا والفلاريا والليشمانيا»، أما الآن يختص المعهد في عملية اكتشاف المرض ومدى انتشاره وطرق علاجه.

*وما الفارق بين المستشفيات التعليمية التي ذكرتها والمستشفيات الأخرى ؟
الدكتور نور الدين شمس الدين : المستشفيات التعليمية كل من يعمل بها أساتذة جامعيين، حاصلين على درجة الدكتوراه في الطب، ولديهم معلومات علمية طبية وغير طبية مستحدثة يوميا من خلال الإنترنت والمؤتمرات والندوات والأبحاث العلمية، وبتحديث المعلومات نكتشف الأدوية الجديدة والأمراض الجديدة أيضًا، وكذلك تغيير نظم علاجية قديمة كانت تعطل عملية الشفاء، ولدينا مثال حي على ذلك وهو معهد الكبد حيث إنه من أكبر القطاعات الطبية على مستوى الجمهورية ويعمل على علاج فيروس «C» فهو ليس منوط بعلاج المريض فقط وإعطاء الجرعات ولكنه أيضًا مسئول عن تحديد درجة تمكن المرض من الكبد ومدى كفاءة الكبد وسياسة العلاج التي سيتبعونها مع المريض ونسب الجرعات التي سيأخذها المريض.

*بالعودة لدور المعهد.. اشرح لنا كيف تتم عملية رصد الحشرات القاتلة ؟
الدكتور نور الدين شمس الدين : الأمراض تنتقل للإنسان بطريقتين، الأولى أن تكون منقولة من الحشرة نفسها وهنا نعمل على القضاء على تلك الحشرة نهائيًا، وإما أن تكون الحشرة مجرد ناقل للمرض من شخص لآخر عن طريق اللدغ.
والمعهد يخرج لكافة محافظات الجمهورية، لترصد الحشرات وترصد الأوبئة، من خلال فريق طبي متخصص يتنقل بأجهزة JPS، ويأخذ عينات من الحشرات لتصنيفها وتحديد نوع المرض، وبعد ذلك ندرس المبيدات الحشرية الأكثر فاعلية على تلك الحشرات، ونتواصل مع وزارة الصحة لتقاوم تلك الحشرات باستخدام المبيدات الحشرية.

*ما خطتكم لمواجهة أي مرض جديد يظهر في المحافظات ؟
الدكتور نور الدين شمس الدين : لدينا في المعهد «خريطة حشرية»، تم إعدادها من خلال عمليات الترصد الحشري المستمرة التي نفذها المعهد، وباستخدامها نستطيع توقع المرض المنتشر في المحافظة، قبل زيارتها للتأكد من ذلك، فمثلًا مؤخرًا حددنا وجود «عائل الملاريا» ونوع الملاريا بالفيوم في فترة الصيف.

والمعهد صمام الأمان لمصر من الأوبئة والأمراض عن طريق اكتشاف الأمراض بالعمل الميداني وتبليغ الإدارة المعنية في وزارة الصحة، وبدورها تبلغ الشرطة لمحاصرة المنطقة وأخذ عينات دم من الأشخاص المصابين بالمرض وحجزهم بالمستشفيات، كما أن المعهد يتلقى بلاغات من الصحة بانتشار مرض معين مثلا «الفلاريا» - مرض الفيل - في منطقة معينة فننتقل معًا لرصد الواقعة ومحاصرتها وحلها.

*هل يقتصر دوركم على مواجهات الأمراض عند ظهورها ؟
الدكتور نور الدين شمس الدين : دورنا مواجهة الأمراض حين ظهورها، ولكن يكون لدينا ومضات باحتمالية ظهور مرض معين في توقيت محدد من السنة بإحدى الأماكن «أمراض موسمية»، فنشكل فرق لعمل مسح شامل لأنواع الحشرات، وإذا رصدنا وجود مرض منقول من حشرة لإنسان، وتم التأكد أن الحشرة مصابة بالمرض يتم إبلاغ الجهات المعنية الطبية والشرطية.

ومؤخرًا اشترك المعهد مع الصحة لإيقاف مرض انتشر فجأة في منطقة «العدوة» بأسوان نتيجة تجريف الأراضي لصناعة طوب البناء، ووصل حجم بؤرة الأرض المجرفة إلى 25 فدانا، وعمق المياه بها كان 15 مترا وفي هذه المياه يعيش الطور الأول للحشرة «اليرقة» وتخرج للبيوت بعد تحولها للطور البالغ لتسبب العدوى للأشخاص خاصة خلال مرحلة سكون الفرد "فترة النوم" وما حدث في أسوان كان نتيجة وجود السودانيين "وافدين"؛ للتنقيب عن الذهب مما ساعد على نقل الحشرة للمرض منهم إلى أهل أسوان وأبلغتنا وزارة الصحة فتوجه فريقين متخصصين من المعهد للترصد وأخذ عينات من البعوض حتى يتم تشريحها وفريق من الصحة لمكافحة المرض عن طريق الرش وإبلاغ قسم الشرطة لأخذ عينات من الأشخاص لتحديد إذا كانوا مصابين بالمرض أم لا، وعند التأكد من إصابتهم بالمرض تم نقلهم لمستشفى الحميات لعلاجهم واستمرت مرحلة المكافحة نحو ثلاثة أسابيع في هذه المنطقة.

*ما هي أعراض مرض «الملاريا» ؟

أعراض الملاريا تبدأ بارتفاع درجة حرارة المريض ويصاحبها عرق غزير ثم هبوط في درجة الحرارة ورعشة في الجسد، وعندئذ يجب أن يتجه المريض إلى مستشفى الحميات حيث يطلب منه إجراء مجموعة من الفحوصات ومن ضمنها اختبار الملاريا ويتم تجميع العديد من المعلومات عن المريض لمعرفة إن كان ينتمى لمنطقة من المناطق المعروفة بإحتوئها لهذا المرض وعن البعوضة التي تنقل المرض يطلق عليها «الأنوفيل».

والوقاية من هذا المرض القاتل، تكون بمكافحة الحكومة للحشرات بالمبيدات، أو المكافحة البيلوجية أي تغيير مواصفات البيئة التي تعيش بها هذه الحشرات، أو وضع بعض الحشرات الأخرى التي تتغذى على الحشرات الناقلة للأمراض، وأحيانًا تلجأ الحكومة للمكافحة الميكانيكية عن طريق قطع دورة حياة الحشرة بتحويل المياه المكشوفة لصرف مغطى أو مواسير تحت الأرض، كما أن المواطنين لديهم طرق في مكافحة الحشرات مثل تركيب سلك لشبابيك البيوت تحميهم من الحشرات، أو استخدام أجهزة لمكافحة البعوض لكن يجب إبعادها عن الأطفال وكبار السن ومرضى الحساسية.

وماذا عن مرض «الفلاريا» ؟
الدكتور نور الدين شمس الدين : أعراض مرض الفلاريا تتلخص في تورم القدمين حتى تصل حجم القدم لحجم قدم الفيل، وتنقله بعوضه يطلق عليها «الكيولكس بيبينز»، ويحدث نتيجة دخول اليرقات الأوعية الليمفاوية الطرفية سواء في القدمين أو الساعد أو الخصيتين مما يؤدى إلى انسدادها وتورم هذه الأوعية مما يحدث نوع من الإعاقة في الحركة، ومن أشهر الأماكن التي تنتشر فيها مرض الفلاريا محافظة الشرقية.

ويتم إجراء فحوصات كل مرض في أوقات محددة، فمثلا مرض الملاريا يتم إجراء الفحوصات ليلا؛ لأن الدورة الدموية الطرفية تكون نشطة والطفيل يكون نشط لأن نظام تغذيته ليلي، ويتم أيضا إجراء المسح الشامل فترة الليل وتأخذ اليرقات والبعوضة نفسها بعد المغرب مباشرة أو في بداية فترة الصباح.

*هل هناك تواجد مكثف لمرض الـ «لشمينيا» في مصر ؟
الدكتور نور الدين شمس الدين : أولًا مرض اللشمينيا يتواجد تحت الجلد أو تقتحم الجلد وتتواجد في المجرى المائي وتسبب انسداد الأوعية كلها، وهناك أنواع للشمينيا "جلدي، وحشري، ويصيب العين، والأنف"، وتعيش في الخلايا المناعية التي تتكاثر وقد تصل للوفاة.

وتتركز تلك الحشرات في المناطق الصحراوية مثل سيناء، وفى هذه المنظومة هناك ما يسمى خازن "موجودة في القوارض والأرانب" وهذا غير مؤذي ولا تتطور بداخله وعائل "نوع معين من البعوض" وفيها تتطور وتصل للطور الذي يعدي الإنسان.

و«ليشمانيا» تؤدي لحدوث قرحة نتيجة دخول الدودة الجلد وتتغذى على خلايا الجلد وتسبب الوفاة، وهناك مشكلة خطيرة أنه قد يمكن تشخيص اللشمينيا كمرض آخر ويتم معالجته بطريقة أخرى مخالفة للطريقة الصحيحة لعلاج المرض نتيجة التشخيص الخاطئ.

*ماذا عن شركات المبيدات الوهمية التي تبيع منتجاتها للمواطنين ؟
الدكتور نور الدين شمس الدين : المعهد مشترك في لجان السياسات التابعة لوزارة الصحة، والمنوطة بتقييم شركات المبيدات والمعهد أيضا في طريقه لإنشاء دبلومة متخصصة في مجال الحشرات الطبية واستخدام المبيدات "المكافحة الآمنة" ولدينا نية لتنظيم دورات تدريبية لأعضاء شركات المبيدات المكافحة، وذلك حتى لا تتمكن أي شركة من مزاولة المهنة إلا بعد حصولها على ترخيص من المعهد.

والسعر ليس مقياسًا لجودة مبيدات الصحة العامة، ونعمل في المعهد على نشر ثقافة الاستخدام الآمن للمبيدات وكيفية الاستخدام الأمثل للمبيدات.

*ما هي مسببات «الحساسية» ؟
الدكتور محمد راشد : نحن الآن في مقتبل فصل الشتاء، وهناك العديد من الأسباب التي تؤدي لإصابة الأشخاص بالحساسية، وعلى رأس تلك المسببات "التراب، وحبوب اللقاح، والفطريات"، وينتج عن ذلك عدة أنواع من الحساسية مثل «حساسية الصدر، والعين، والأنف، والجلد».

والتعرض للتراب أو لحبوب اللقاح والفطريات، أو التعرض لنوع معين من الحشرات مثل حشرة الفراش، تسبب حساسية للجهاز التنفسي، وتظهر نتيجة عدم تهوية الأماكن والتراب وأماكن رطبة، كما أن هناك مسببات في الأطعمة حساسية تجاه البيض أو الفراولة أو التفاح، وهناك مسببات من نوعا آخر تنتج من حساسية الأدوية نتيجة الاستخدام السيئ للأدوية وهنا يجب توعية من الطبيب أو الصيدلي.

*ما الفرق بين مسبب الحساسية ومثير الحساسية ؟
الدكتور محمد راشد : المسبب ينتج نتيجة عامل وراثي مع التعرض للمسبب تنتج الحساسية، أما المثير نتيجة حدث عابر يتعرض له الفرد مثل تعرض الشخص لعوادم سيارات مثلًا يؤثر على الفرد العادى وهذا يكون تأثيره أكبر عن مريض الحساسية.

وما هي طرق الوقاية من الحساسية ؟
الدكتور محمد راشد : يجب أن نتجنب مسببات الحساسية مثل عوادم السيارات، حبوب اللقاح وأماكن التنزه والحدائق، فنحدد نوع المسبب الذي يسبب الحساسية ونتجنبه.

وفي المنزل يجب تهوية الأماكن جيدًا ووضع المراتب في الهواء والشمس للقضاء على حشرة الفراش، وتجنب أجهزة التكييف لأنها مكان مناسب جدًا لوجود حشرة الفراش وتهوية وتنظيف خزانات الملابس، وبالنسبة للأطعمة يجب تجنب الأطعمة المسببة للحساسية أو ايقاف تناولها لمدة 6 شهور ثم إدخالها تدريجيا في الجسم.
وبالنسبة لحساسية الأدوية، يمكن الوقاية منها عن طريق عمل اختبار حساسية الأدوية عن طريق الجلد إذا تفاعل جسم المريض مع الدواء إذًا لديه حساسية من هذا الدواء أو عن طريق اختبار الدم "عن طريق النوع المتخصص للأجسام المضادة"، ويجب تجنب الاستخدام السيئ للأدوية واتباع ما ينصح به الطبيب.

*هل المعهد قادر على المواجهة أم ينقصه بعض الإمكانيات ؟
الدكتور محمد راشد : نحتاج إلى إنشاء عدد من المعامل البيولوجية تضم عدد من المتخصصين في مجال الزراعة والصيدلة والطب والكيميائيين والبيولوجيين؛ للتكاتف معًا في علاج الأمراض، ولكن ما يؤخرنا أن هذه المنظومة مكلفة للغاية من الناحية المادية، وتحتاج جهود وتكاليف باهظة لإنشائها.
Advertisements
الجريدة الرسمية