رئيس التحرير
عصام كامل

ترامب يدرس.. والسيسي لم يطلب


مع أني أكتب من القاهرة وليس نيويورك إلا أنني أستطيع التأكيد على أن الرئيس السيسي لم يطلب في اللقاء الذي جمعه أمس في مقر إقامته بنيويورك مع الرئيس ترامب أن تراجع الإدارة الأمريكية قرارها الصادر الشهر الماضي بتأجيل قدر من المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر.


أقول ذلك استنادا للموقف الذي انتهجته مصر بعد قيام واشنطن عام 2013 بتجميد كل المساعدات العسكرية لنا، والبالغ قدره أكثر من عشرة أمثال المبلغ الذي جمده وزير الخارجية الأمريكي مؤخرا، لأن القاهر تدرك أن أمريكا تستفيد من هذه المساعدات التي تقدمها لمصر أكثر منا، والرئيس كلينتون سبق أن كشف أن كل دولار مساعدات لمصر يعود منه نحو ٨٠ سنتا لأمريكا في شكل أجور للخبراء الأمريكان، وتكلفة نقل المعدات الأمريكية وغير ذلك.

كما أن مراجعة قيمة صفقة سلاح واحدة مما أبرمتها مصر سواء مع فرنسا أو ألمانيا أو روسيا ومقارنتها بإجمالي المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر تبين أنها تمثل نسبة صغيرة جدا من احتياجات القوات المسلحة المصرية من السلاح، وأتذكر أنني سألت الرئيس الأسبق مبارك: ماذا سنفعل إذا أوقفت أمريكا مساعدتها العسكرية لنا؟، فكان رده أن القيمة النسبية لهذه المساعدات مع الزمن تراجعت، مشيرا إلى أن مثلا عدد الطائرات التي كانت توفرها لنا هذه المساعدات تراجع كثيرا.

لذلك كله فإن اهتمام السيسي في لقاء ترامب كان أكبر من موضوع المساعدات الأمريكية لمصر، السيسي اهتم بأن تنتهي تلك الازدواجية في السياسة الأمريكية بين الأقوال والأفعال، فلا يكفي مثلا أن تعلن واشنطن دعمها لنا في حرب الإرهاب، بينما لا تتخذ مواقف حازمة من تلك الحكومات التي تدعم وتمول التنظيمات الإرهابية، ولا يكفي أيضا أن تعلن واشنطن عن نبذها لسياسة إسقاط الأنظمة السياسية من الخارج، بينما هي تُمارس ضغوطا على الدول المختلفة وتتدخل في أمورها الداخلية بذات لأسلوب الذي كانت تنتهجه الإدارات الأمريكية التي سبقتها، سواء ديمقراطية أو جمهورية، وكذلك لا يكفي أن يعلن ترامب أن هناك فرصة لحل المشكلة الفلسطينية، بينما لا يضغط على الحكومة الإسرائيلية لكي تهيئ الجو المناسب لبدء مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وذلك بوقف الاستيطان، وتحديد سقف زمني لهذا التفاوض..

ألم أقل لكم إن ما اهتم به السيسي في لقاء ترامب كان أكبر من إلغاء تجميد مبلغ قليل من المساعدات العسكرية الأمريكية.
الجريدة الرسمية