رئيس التحرير
عصام كامل

هجرة الأخذ بالأسباب والتخطيط والدروس الباقية!


كان من الممكن وكما حدث في الإسراء أن يتكفل رب العزة بنقل الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام من مكة للمدينة حافظًا له من كل مكروه ومن كل تربص أهل قريش.. وكان الأمر لن يستغرق إلا ثواني معدودة وربما أقل.. فالمشيئة الإلهية تتم بقوله أو أمره سبحانه "كن فيكون"! لكن ذلك لم يحدث.. ولا توجد معجزة من معجزات رسولنا الكريم خارقة كمن سبقه من الأنبياء والرسل.. فلا أحيا الموتى كما فعل عيسى بإذن الله ولا معه عصا موسى عليهما السلام.. بل سيرته كلها عليه الصلاة والسلام كلها اشتباك مع الواقع بل حد إصابته في أُحد وسالت الدماء منه واختبر الناس في مصابهم بعد شائعة أنه عليه الصلاة والسلام قد "قتل"!


فهل فكر أحد في ذلك؟ هل سأل أحدهم لماذا كل ذلك وكان يمكن أن ينتهي الأمر في لحظات؟! لماذا كان كل هذا التخطيط العبقري الذي حدد كل شيء بدقة متناهية من بقاء الإمام علي بن أبي طالب ليرد الحقوق لأصحابها في مكة قبل أن يهاجر هو فيما بعد حتى لا يتهموا الرسول بشيء وجزء منه خداع في لحظات الهجرة الحاسمة.. إلى اختيار دليل للهجرة خبيرًا بالطرق رغم أنه ليس على دين الإسلام في فتوى علنية بجواز الاستعانة بغير المسلمين في أخطر العمليات العسكرية أو السرية شرط ألا يكون عدوًا أو معاديًا وشريطة أن يكون كفئًا لذلك أي أهل الخبرة والتخصص! إلى تحديد من يقوم "بتموين" الهجرة وإمدادها بالطعام والشراب إلى الخداع الاستراتيجي بالسير تمويها في اتجاه يثرب ثم قطع الأثر والسير جنوبًا ثم السير شمالا من جديد إلى سرية العملية كلها؟!

هذا التخطيط ممن تعهد الله بحفظه فما بالنا بمن لم يتعهد الله بحفظهم؟ أنها الرسالة المدوية أنه دين العلم والأخذ بالأسباب وليس دين الدروشة والدعاء والتواكل، كما يريد أن يصوره البعض ويسيئون لدين عظيم دروسه علنية تاريخية لا يمكن نفيها ومع ذلك يتركونها لروايات مكذوبة لا أصل لها ولا يمكن أن تصمد أمام دروس الرسول الحبيب نفسه!

أمامنا الكثير لننقي ديننا مما تسلل إليه.. شرط أن تتركوا من يريد أن يعلل ذلك دون الدفاع بالباطل عن عبدة التراث المزور الذي تسلل إلى الإسلام ظلمًا وزورًا وما هو من ديننا بأى صلة.. وكل عام وأمتنا بخير تستلهم دروس رسولها وتفهم منه حقيقته البيضاء الناصعة!
الجريدة الرسمية