رئيس التحرير
عصام كامل

الإعلام بين بائع البيض وسائق التوك توك


عندما كشفت صحيفة "النيويورك تايمز" عن طبيعة عمل حاتم الجمسي، أشارت إلى دفاع محمد المحمدي، الذي قدمته صحيفة النيويورك تايمز على أنه منتج إخباري بتليفزيون "أون تي في لايف".. الصحيفة أشارت أيضًا إلى إعجاب أحد القائمين على قناة "نايل تي في" بمقال كتبه حاتم الجمسي عن فوز ترامب بانتخابات الرئاسة وقت أن كانت هيلاري كلينتون تتقدم في استطلاعات الرأي، تقرير "النيويورك تايمز"، أشار إلى ما قاله محمد المحمدي، ورويته أن جودة العمل أهم من المظهر.


صحيفة "اليوم السابع" نشرت تقريرًا عن "حاتم الجمسي" بعد تقرير "النيويورك تايمز" وقالت إنه بعد أن رفض التعليق في البداية ثم دافع عن نفسه مستاءً من الهجوم الذي تعرض له عبر وسائل الإعلام العربية".. والحقيقة أنه ليس هناك أي غبار على السيد حاتم الجمسي، المشكلة تتعلق بالإعلام المصري.. فمن حق السيد حاتم الجمسي أن يرى في نفسه محللًا سياسيًا وأن تكون لديه قراءاته عن السياسية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، تمامًا مثلما لخص سائق "التوك توك" الذي قيل إن لقاءه مع عمرو الليثي لم يكن مصادفة وعقب لقاء الشارع لم يظهر عمرو الليثي بعدها وقال إنه حصل على إجازة.. فالنسبة لمعظم المصريين، لخص "سائق التوك توك" حال المحروسة في أقل من دقيقتين، فهل يمكن أن يظهر على شاشات أي تليفزيون مصر محللًا.. أم أن رأي "سائق التوك توك" أثار حفيظة المسئولين، مثلما أثارت آراء إبراهيم عيسى في برنامجه "مع إبراهيم عيسى" حفيظة المسئولين وتم إيقاف البرنامج.

الإعلام المصري ليس لديه مشكلة في طبيعة الشخصية التي ستظهر لتتحدث، لقد عدنا للزمن الذي يجب أن يكون حديثك في الإعلام "متفقًا مع طبيعة المرحلة"، وأن ترى الإيجابيات ولا تبرز السلبيات.

لا أعرف من أين أتى السيد حاتم الجمسي بالمعلومة التي نشرتها صحيفة "اليوم السابع" من أن 99% ممن يظهرون على من المتحدثين في التليفزيون بالولايات المتحدة الأمريكية لديهم وظائف أخرى، لأنهم لا يتلقون أجرًا مقابل الظهور بالتليفزيون".. فالمحللون السياسيون في التليفزيونات الأمريكية لديهم عقود، ويتم اختيارهم بعناية وفقًا لمواقفهم المؤيدة للسياسية التحريرية للقناة التليفزيونية ومدى ما يمتلكون من خبرات أكاديمية وإعلامية.. وليراجع السيد حاتم الجمسي، الوثائقي عن قناة "فوكس الأمريكية" بعنوان The Outfoxed Fox والذي يتحدثون فيه عن المحلليين السياسيين للقناة.

وحتى لا يتوه المنطق في التيه الذي يسعى الكثيرون في مصر إلى إدخال الناس فيه، دعونا نطرح سؤالين: هل كان السيد محمد المحمدي – المنتج الإخباري – سيتخذ قرارًا بظهور السيد حاتم الجمسي على شاشة "أون لايف" إذا علم مسبقًا أن يمتلك مطعمًا لبيع السندويتشات وأنه لا يمتلك خبرة أكاديمية أو عملية في دوائر السياسة أو الصحافة الأمريكية؟

السؤال الثاني، إذا كان الموضوع يتعلق بجودة الرأي وجودة التحليل السياسي، فكم من المصريين المقيمين في مصر أو خارج من مصر ممن لديهم وظائف مثل السيد حاتم الجمسي ستسمح التليفزيونات المصرية بظهورهم على الشاشات؟

لست حزينًا على الإعلام المصري ولا على مجلسه الأعلى في زمن "الصدور الضيقة" فما يحدث طبيعي، طالما كان اختلاف الرأي لا يفسد الود فقط ولكنه يضعك في دائرة الشبهات وربما التخوين.. مصر التي نتمناها تحتاج إلى إعلام ومن ورائه دولة ومسئولون يتسع صدورهم لسماع كل الآراء بمن فيهم رأي السيد حاتم الجمسي ورأي سائق التوك توك.
الجريدة الرسمية