رئيس التحرير
عصام كامل

السيسي ليس رومانسيا.. عملية حصار العدو و«إحياء الميت»!


هل يمكن أن يوافق العدو الإسرائيلي على إعادة الضفة الغربية لللفسطينيين؟ هل يمكنه الانسحاب من القدس؟ أو على الأقل هل سيوافق على الانسحاب من القدس الشرقية، وهي المدينة القديمة التي تضم المقدسات العربية الإسلامية والمسيحية؟ الإجابة بسيطة ومباشرة وهي: كيف سيوافق على ذلك والفلسطينيون بل والعرب عموما في أضعف حالاتهم في تاريخهم كله؟ وكيف سينسحب العدو ولا أحد يقف أمامه، أو يتصدي لما يفعله من عدوان على المسجد الأقصى أو بناء للمستوطنات؟


إن كان العدو الإسرائيلي لم ينسحب من متر واحد، وكان ياسر عرفات الزعيم التاريخي للنضال الفلسطيني موجودا وبكامل نفوذه وضربات الأجنحة العسكرية تتم في قلب الأراضي المحتلة، والعالم مجتمع في "أوسلو" وغيرها من أجل التوصل إلى حل سلمي للصراع، وكان العراق بقوته وسوريا بعنفوانها، فكيف يمكن أن ينسحب الآن والعالم يتجاهل القضية، وياسر عرفات غير موجود ولا توجه رصاصة واحدة لتحرير الأرض؟!

إذن إن كان ذلك كذلك فلماذا تتدخل مصر لإجراء حوار بين الطرفين، أو للوساطة أو لطرح مبادرات حل سلمي للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي؟ أليس ما قلناه في السطور السابقة تعرفه الدولة ويعرفه الرئيس السيسي؟ فلماذا إذن كل هذه الجهود؟
 الإجابة أيضا نعم.. يعرفونه جيدا.. لكن السعي لتوحيد الصف الفلسطيني، وترتيب البيت من الداخل جيدا هو هدف في ذاته.. كما أن بقاء القضية الفلسطينية على وضعها الحالي يعني موت محقق لها خلال فترة قليلة وتبقي مفاوضات بلا نتائج أفضل من موت بلا نتائج طبعا.. في الثانية نهاية محققة بينما في الأولى إعلان غير مباشر عن وجود أرض محتلة، وعن وجود طرفين للصراع، وعن وجود شعب بلا أرض يحتل أرضه شعب آخر.. ولذلك وجود مفاوضات بلا أمل وإلي حين تغير الظروف الدولية والإقليمية في وقت ما أفضل جدا من موت للقضية بلا عودة!

الرئيس السيسي ليس رومانسيا.. إنما موضوعيا يتعامل مع الواقع بمعطياته، وواقعنا للأسف هكذا تقول معطياته.. وإسرائيل لا تعرف إلا لغة القوة.. وما أخذ بالقوة لا يسترد فعلا إلا بالقوة.. وهذا غير ممكن الآن للأسباب التي نعرفها جميعا.. فإما أن نستسلم لها وإما نتعامل معها بشروطها.. وأن يقول العالم: "إسرائيل ترفض" و"إسرائيل تتعنت" و"مصر تبذل جهودا مقدرة ومحترمة" أفضل كثيرا من القول ذات يوم وباندهاش: "يعني إيه قضية فلسطينية؟"!
الجريدة الرسمية