رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

عن المترو وسنينه


مترو الأنفاق، وسيلة المواصلات الأشهر، والأكثر ازدحاما بالركاب في مصر.. يضج مسئولوه بالشكوى بسبب الخسائر التي يحققها.. ويجأر وزراء النقل برغبتهم الأكيدة في رفع أسعار التذاكر، معربين عن ثقتهم الكاملة في أنها الحل الوحيد لوقف نزيف الخسائر.

من كان المترو وسيلته الوحيدة، أو الأهم، للوصول إلى عمله، والعودة إلى محل سكناه، يوميا، يدرك تمامًا الأسباب الحقيقية للخسائر، التي لن تتوقف برفع الأسعار، حتى لو وصلت قيمة التذكرة إلى 100 جنيه.

في مقدمة تلك الأسباب الموظفون.. من حراس البوابات، الذين لا يكفون عن تدخين السجائر، في المحطات، علنا، رغم أن ذلك محظور في لوائح المترو بالنسبة للركاب.. ويتعرض من يفعل ذلك لعقوبة صارمة.. ناهيك عن مضايقة السيدات والتي تصل في بعض الأوقات إلى حد التحرش.

فضلا عن أعطال ماكينات التذاكر، لدرجة أن البعض شكك في كونها متعمدة تسمح للكثيرين بالخروج، دون تذكرة.. أما عن مجاملات الموظفين لأصدقائهم ومعارفهم، حدث ولا حرج.

الكارثة الأكبر في السائقين، فبعضهم لا يقتنع بأن وظيفته قيادة المترو بسلاسة، وتركيز متناهِ، وإذا اعترضته مشكلة فإنه يسعى لحلها بلباقة، وإن تعسرت عليه فله أن يطلب مساعدة رجال الأمن المختصين، إلا أننا نفاجأ كثيرا بسائق يلقي محاضرة في الأخلاق والذوق على الركاب، متهما أحدهم بأنه يجذب أحد الأبواب، طالبا منهم احترام أنفسهم، وبهذا فهو يوجه سبا في حقهم، يدري أو لا يدري، ليست تلك هي المشكلة.. لكن الأزمة في أنه يخرج عن مقتضيات مهنته.. وكان عليه أن يستدعي رجل الأمن في المترو أو المحطة التي حدثت بها الواقعة.

ويتعامل مسئولو المترو مع هذا المرفق على أنهم ملاك "ميكروباص"؛ فإذا حدثت مشكلة ما عطلت سير القطارات لإنهم لا يشغلون بالهم بإبلاغ الراب وطمأنتهم، وإمدادهم بمعلومة.. بل يظل القطار متوقفا حتى يتم إصلاح المشكلة، وليذهب الركاب إلى الجحيم.

في إحدى المرات، فوجئت بسائق القطار يعطل التكييف، وعندما ثار الركاب، تدخل أحدهم، مدعيا الحكمة، قائلا: إنه يعاقبكم.. ويبدو أن الأجهزة الموجودة أمامه أظهرت مشكلة ما بأحد الأبواب.

أما المفاجأة الأكبر، فحدثت يوم الأحد 16 سبتمبر الحالي، حيث أقلع القطار من محطة المرج نحو التاسعة صباحا، ووصل إلى محطة السادات بعد العشرة و15 دقيقة، متأخرا عن التوقيت الصحيح بنحو ثلث الساعة.. ويرجع السبب في ذلك إلى أن السائق كان يتعمد التأخر في معظم المحطات؛ عقوبة للراكبين بالقطار الذي يتولى قيادته، لأن أحدهم، حسب مزاعمه، كان يجذب مفتاح الفرملة.. ورغم أنه كان يحدد الباب والعربة، إلا أنه لم يبلغ الأمن.. بل وصل الأمر به أن طالت الوقفة في محطة عرابي عما كان الأمر عليه في المحطات السابقة.. وأسقط في يد الركاب حينما فوجئوا به يترك موقعه في مقدمة القطار ليلقي بعض المواعظ، والتقريع على مسامع ركاب كل عربة.

مطلوب من وزير النقل، ورئيس شركة المترو إخضاع سائقي المترو، وموظفي المحطات لجلسات تأهيل نفسي لإذابة الأحقاد المتراكمة في النفوس ضد المواطنين، وعلاج الأمراض النفسية لدى الكثيرين منهم، وتدريبهم على حسن المعاملة مع جمهور ركاب المترو.

هذا فرض وواجب قبل التفكير مجددًا في أسباب الخسائر، ورفع أسعار التذاكر، وطرح تذاكر ملونة.
Advertisements
الجريدة الرسمية