رئيس التحرير
عصام كامل

عمال تقطيع الأخشاب.. أكل العيش يهزم «سن المنشار» «تقرير مصور»

فيتو

عند نهاية منطقة الغورية في مصر القديمة، وتحديدًا بعد انعطافة بوابة المتولي، تبدأ رائحة الخشب تملأ أنف المار من هذه المنطقة، تزداد كلما اتجه إلى منطقة باب الخلق، للوهلة الأولى يشعر المار وكأنه انتقل إلى غابة أشجار مثل التي يراها في البرامج التليفزيونية، تلال من أخشاب الأشجار مختلفة الأطوال والأحجام، وأناس يغوصون في "نشارة" الخشب من رأسهم حتى أصابع أقدامهم.


في الثامنة صباحًا من كل يوم يترك «معتز» الشاب الثلاثيني، منزله القائم خلف ورشة تقطيع أخشاب الشجر في منطقة الغورية بالقاهرة، متجهًا إلى عمله، يدأب طوال اليوم على حمل قطع الخشب من فوق تلال الأغصان، ناقلًا إياها إلى حجرة القطع بالمنشار، أو كما يطلق عليها عملية "النشر".

في حجرة النشر تتطاير نشارة الخشب في أعمدة دخانية كثيفة، ففي هذه المرحلة يتم تنظيف القشرة الخارجية لقطعة الخشب، "المنشار بيقطع الطبقة اللي بره دي بنرميها، علشان الخشبة تنضف وتكون جاهزة على النقل للمصانع، بتصنع منها الأورمة والطبليات والكراسي وأرجل الأورم، وحاجات تانية كتير"، يتحدث معتز الذي يعمل في مهنة تقطيع الأخشاب منذ 18 عامًا، عما يحدث داخل هذه الحجرة الصغيرة الممتلئة بتلال نشارة الخشب.

"الخشب بيجي من الصعيد والفيوم والمنوفية وبلاد كتير، كل يوم الصبح تيجي نقلة ننزلها ونبدأ ننقلها قطعة قطعة على المكان ده، الشغل مبيوقفش لحد 10 مساءً، وأحيانًا لو الشغل كتير بنسهر للفجر"، يستأنف «معتز» الحديث بعد أن أزاح خط النشارة المنساب على جبينه، "الشغلانة دي خطر بس أكل عيشنا، غلطة بسيطة بالمنشار تطير إيدينا"، مهنة ورثها عن أبيه بحكم اقتراب الورشة من المنزل، حتى إن معتز لم يعمل في حرفة منذ أن وعي الأمور حوله غيرها.

أما عم "سيد"، 58 عامًا، فمنذ أكثر من 40 عامًا وهو يعمل في حرفة تقطيع خشب الأشجار، حتى بات هو والمنشار أصدقاء، يتعهد كل منهما ألا يغدر بالآخر! "أنا هنا بقالي سنتين بس، لكن قبل كده كنت في ورشة تانية وصاحبها مشاني، اتقفلت في وشي وقعدت في البيت لأني معرفش غيرها، وبفضل الله رجعت تاني، ربيت وجوزت ولادي الـ3 من الشغلانة دي".

يقتصر دور عم سيد بحكم سنه على الوقوف أمام ماكينة التقطيع والتنظيف، أما مهمة حمل القطع فيتولاها "معتز" وحده، يساعده في ذلك بنيانه الجسدي القوى.

الجريدة الرسمية