رئيس التحرير
عصام كامل

وظائف حكومية مصرية فقط!


كلاف ممتاز، تباع ممتاز، بواب ممتاز، سايس ممتاز، فراز ممتاز، مكوجي ممتاز، حارس ممتاز، عامل حشائش ممتاز، دادة ممتازة، عتال ممتاز، شحام أول، رئيس عتالين، شغالات أول، رئيس مربيات، سائق حنطور أول، جنزرجي أول، عامل حشائش أول، رئيس فراشين، عامل مشالات أول، رئيس عمال رص مواسير، مناول ملفات أول، عامل مشرحة أول، معاون خدمة مشاتي أول، عامل غسيل ملاعب ممتاز، هل تصدق عزيزي القارئ أن هذه الوظائف مازالت موجودة في الهيكل الإداري للدولة؟


اخترت بعض النماذج منها مع ملاحظة أن درجة أول أو ممتاز أو رئيس هي قمة الهرم الوظيفي ويندرج تحتها وظائف كثيرة درجة رابعة وثالثة وثانية وهكذا، أكثر من 200 وظيفة بهذا الشكل مازالت تحتفظ بها الحكومة وهى وظائف تثير الأسى والحزن والسخرية وأيضا الضحك والبكاء، إصرار الدولة على القيام بكل المهام جعلها تحتفظ بهذه الوظائف إلى الآن وهذا لا يوجد في أي دولة أخرى سوى مصر..

كان لدينا زمان وكيل وزارة للفول والطعمية واستغربت حينما سمعت رئيس جهاز حماية يطالب بعودة الدولة لامتلاك محال البقالة حتى تستطيع السيطرة على الأسعار، ولأن الجهاز فشل في مهمته إذن الحل هو أن تعود الدولة إلى الوراء 100 سنة، وأن يكون لدينا بائع خضراوات أول، وبائع جبنة ممتاز، وسماك ثالث، وجزار رابع، وفران ثان، ورئيس شيالين، جشع التجار وعدم ضبط الأسعار سببه عدم قيام الدولة بدورها في الرقابة ولا يمكن التعويل على الضمير الوطني للتجار لأنه وحده لا يكفي فمن أمن العقاب أساء الأدب، ومن لم يرتدع بالمعروف يرتدع بالسلطان وبقوة القانون وهيبة الدولة..

نحن مصمون على اختراع العجلة من جديد، وعدم الاستفادة من تجارب الآخرين، كل الدول تقريبًا تخلت عن معظم المهام وتركتها للقطاع الخاص تحت رقابتها الصارمة، وفتحت الباب للمنافسة التي أدت إلى تحسين مستوى الخدمة وتخفيض أسعارها..

ومصر لن ينصلح حالها إلا إذا تحول دور الدولة من مقدم الخدمة إلى منظم لها، وأن تنسحب من معظم المجالات وتتركها للقطاع الخاص ينفق من أمواله وينشأ المشروعات ويتولى مسئولية تشغيلها وصيانتها وتوفير فرص العمل، ثم يحقق أرباحا يسدد عنها ضرائب للدولة تدعم منها محدودي الدخل، الفوائد كثيرة لمن يريد ولكن ما زال هناك تفكير عقيم يتولى إدارة بعض مؤسسات الدولة..

صحيح هناك تخوف من القطاع الخاص بسبب بعض تجاربه السابقة الفاشلة، ولكن الدولة هي كانت السبب في هذا الفشل لعدم وجود منظومة حوكمة صارمة ولا شفافية واضحة، بالإضافة إلى الفساد الذي انتشر في معظم مؤسساتها..

أنا أعلم جيدا أن الدولة حاليا تسعى إلى تحقيق الحوكمة والمساءلة والشفافية والقوانين الجديدة التي صدرت مؤخرا سواء الخدمة المدنية أو الاستثمار أو الإفلاس والشركات وسوق المال هدفها الحوكمة والقضاء على الفساد وتشجيع الاستثمار، ولكن كل هذا يتوقف على إرادة الدولة هل هي تريد تشجيع القطاع الخاص أم سوف تصبح هذه القوانين حبرًا على ورق مثل غيرها؟

الواقع والتطبيق سوف يجيب عن هذا السؤال، وإن كنت أتمنى أن يتم تفعيل هذه القوانين وأن تتخلى الدولة عن كثير من المهام وإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص في ظل منظومة حوكمة صارمة تحقق المنافسة وتمنع الاحتكار والفساد.
egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية