رئيس التحرير
عصام كامل

د. طارق كامل - رئيس «آداب المهنة» بنقابة الأطباء: لا توجد عقوبة لمن يفتتح منشأة طبية غير مرخصة

فيتو

* الحل في منح موظفي جهاز التفتيش في «الصحة» مرتبات جيدة لتحصينهم ضد الرشاوى
* على البرلمان محاسبة الوزارة لتراخيها في مواجهة المخالفات


المنشآت الطبية غير المرخصة تمثل خطورة داهمة على أرواح المواطنين.. وانتشارها بكثافة في مختلف أنحاء الجمهورية، وخاصة في الأقاليم، والريف والعشوائيات يزيد من درجة الخطورة.

ومن المعروف أن الفقراء ومحدودي الدخل يلجئون إلى تلك المراكز والمنشآت هربا من ارتفاع أجور الأطباء، إلا أن النتيجة في كثير من الأحيان تكون مؤسفة، وينجم عنها أخطاء طبية كارثية، ربما يروح ضحيتها المريض المسكين.

"فيتو" أجرت حوارا مع الدكتور طارق كامل، رئيس لجنة آداب المهنة بنقابة الأطباء، لمعرفة تفاصيل دور النقابة في عملية مواجهة المراكز غير المرخصة، وما حجم هذا الدور، وما إذا كان هناك تنسيق بينها وبين وزارة الصحة، والأسباب التي أدت لانتشار تلك المراكز بصورة واضحة، والعقوبات التي تنتظر المتورطين في المخالفات.. وحملت إجابات د. طارق كامل العديد من المفاجآت المثيرة.. فإلى نص الحوار:


• في البداية.. ما أسباب التهرب من إصدار تراخيص المنشآت الطبية؟
- السبب في تهرب الأطباء من ترخيص المنشأة الطبية، هو الشروط المحددة في القانون لتجهيز تلك المراكز، وعدم القدرة على إكمال المتطلبات المشروطة لتسجيلها، وليست العقبة في "الرسوم" لأن الرسوم بسيطة، سواء التي يتم تسديدها للنقابة كخطوة أولى، أو وزارة الصحة لتسجيل المنشأة الطبية.


أما الجانب الآخر، لنصابين ينتحلون صفة أطباء، يسعون للكسب غير المشروع، بادعاء ممارسة المهنة، وإيهام المواطنين بأنهم أطباء يقدمون وصفات طبية، ويضعون لافتات لدعوة المرضى للعلاج، فتعد تلك جريمة جنائية مختلفة، عقوبتها الحبس وتدخل تحت طائلة قانون ممارسة المهن الطبية، وتلك هي الطامة الكبرى، التي ينجم عنها فضائح وكوارث أكبر بكثير من الواضحة على الساحة العامة.


• اعترف وزير الصحة، في أكثر من لقاء، بعدم القدرة على رصد المنشآت غير المرخصة.. ما سبب ذلك؟
- الجهاز المسئول عن تفتيش المنشآت الطبية في وزارة الصحة "إدارة العلاج الحر" يعاني من نقص عدد الأفراد، ومواجهة تلك الكارثة على مستوى الجمهورية لا تتم إلا بالمرور في كل شوارع المحروسة لرصد لافتات عيادات أو مراكز أو مستشفيات غير مرخصة، مما يتطلب عددا ضخما جدا من القائمين على هذا العمل لتغطية كافة الساحات المصرية، كما أن المرور الدوري المفترض إجراؤه على المنشآت المرخصة للتأكد من التزامها بكل الشروط، وليس فقط الترخيص الأولى، لا يتم نظرا لنفس الأزمة، لذلك لا ترصد مخالفات تلك المنشآت إلا بعد وقوع كارثة.


• لماذا لا يتم ربط الحصول على الأجهزة الطبية بترخيص المنشأة؟
- الفكرة مثالية، ولكن يصعب تطبيقها في الوقت الحالي، خاصة أن شراء الأجهزة الطبية يتم من خلال شركات قطاع خاص، وشركات غير مسجلة في الأساس، ليتم محاسبتها على الإستراتيجية التي تتبعها في توزيع بضائعها من المعدات والأجهزة الطبية، كما أنه لا يوجد قانون أو تشريع يمنع شراء الأجهزة الطبية إلا بموجب الحصول على ترخيص المنشأة الطبية، الأمر من الممكن تطبيقه مع المعدات الطبية الكبيرة المستخدمة في تجهيز المستشفيات، ولكن شراء المعدات البسيطة المستخدمة في عيادة أو مركز طبي من الصعب السيطرة عليها، الفكرة جيدة في مجملها ولا بد من وضعها في الحسبان.


• ما القوانين التي تحكم قضية المنشآت الطبية غير المرخصة؟
- قانون واحد، وهو قانون المنشآت الطبية رقم 51 الصادر سنة 1981 المعدل بالقانون رقم 153 لسنة 2004، والقرارات الوزارية التابعة له، أعطى تعريفا للمنشآت الطبية، سواء كانت عيادة خاصة أو عيادة تخصصية أو مركزا طبيا تجري فيه عمليات بسيطة أو المستشفيات، وكذلك الشروط العامة لكل منشأة طبية وتفصيلاتها، وإذا توافرت تلك الشروط، يمكن الحصول على الترخيص.


• هل توجد عقوبة محددة للطبيب القائم على المنشآت غير المرخصة؟
- يحتم على "إدارة العلاج الحر" التابعة لوزارة الصحة، غلق أي منشأة غير مرخصة، وإعطاء الطبيب القائم عليها مهلة لتوفيق الأوضاع وإصدار الترخيص لفتحها مرة أخرى، وإذا تكرر الخطأ يصدر حكم من المحكمة بغلق نهائي ولا يُسمح له بفتحها مرة أخرى، فالعقوبات أجمعها غلق وغرامات لا ترقى لمستوى الحبس نهائيا.


• ما دور النقابة في مواجهة المراكز غير المرخصة؟
- النقابة لا تملك ضبطية قضائية لمداهمة المنشآت غير المرخصة، فلا يحق لها التفتيش على منشأة أو مركز أو مستشفى، لا تملك أن تدخل مستشفى وترصد مخالفات بها، تلك الضبطية ممنوحة للعاملين بوزارة الصحة فقط، ولكن الوزارة عندما ترصد منشأة غير مرخصة تتخذ إجراءها القانوني بغلقها، وتخطر النقابة للتحقيق مع الطبيب بتهمة مخالفة آداب المهنة، وبالتالي النقابة تحقق مع الطبيب المخالف بناء على بلاغ من وزارة الصحة، أو شكاوى من مواطنين أو شهود عيان، وما دون ذلك لا تملك النقابة أي صلاحيات للتدخل فيه.


• كيف تعاقب النقابة طبيب المنشأة غير المرخصة؟
- لم تحدد قواعد وقوانين النقابة عقوبة معينة لخطأ أو جريمة ارتكبها طبيب، حيث يتضمن قانون النقابة أحوال محاسبة الأطباء على الأخطاء، بذكر التهم المفترض التحقيق في ارتكابها، ثم رصد العقوبات التي يمكن فرضها، ولكنه لم يربط بين جريمة معينة وعقوبة بعينها، وترك الأمر لتقدير المحكمة الداخلية للنقابة "هيئة التأديب".


يسير عمل لجنة آداب المهنة كالتالي: تحقق هيئة التحقيقات مع الطبيب المخالف، ثم تحيله لهيئة التأديب المكونة من طبيبين ومستشار من مجلس الدولة، تلك الهيئة مسئولة عن تقدير العقوبة، ومن حق أي طرف التظلم على حكم محكمة التأديب الداخلية الأولى في النقابة باللجوء إلى هيئة التأديب الاستئنافية، ومقرها محكمة استئناف القاهرة ومكونة من 3 مستشارين استئناف، وطبيبين.


• في تقديرك، ما العقوبة المستحقة لفتح منشأة غير مرخصة؟
- وقف مؤقت عن العمل وليس فصلا، لأنه في النهاية ضحية اشتراطات لا يمكن أن أصفها بالتعسفية، ولكنها بحاجة لشيء من المرونة لمواجهة تلك المخالفات.


• أين تتمركز المنشآت الطبية غير المرخصة؟
- في المحافظات الريفية والصعيد أكثر من المدن الكبرى، وتتزايد في الأحياء الشعبية؛ نظرا لغياب كافة أنواع الرقابة، وبساطة المواطنين، وبالتالي يسهل خداعهم، ويصعب التعرف على المنشآت غير المرخصة.


• هل توجد إحصائية بعدد المنشآت الطبية غير المرخصة، وفي أي عصر زادت؟
- ليست لديّ معلومة دقيقة عن ذلك، ولكن أماكن تمركز تلك المنشآت معروفة وعلى مرأى ومسمع من الجميع، سواء المواطنين أو العاملين في المهنة أو حتى رجال الوزارة والحكومة، ورغم ذلك لا توجد إستراتيجية واضحة لمواجهتها، فهي موجودة من قديم الأزل ولا زالت موجودة، ولا يتم التحرك بجدية لمواجهتها إلا لمدة محددة بعد كل كارثة.


• ما المعايير المحددة لمنح التراخيص؟
- الاشتراطات اللازمة للترخيص بتشغيل منشأة طبية، حددها قرار وزارة الصحة وفق قانون رقم 51 لسنة 1981 بشأن تنظيم المنشآت الطبية، والقرار الرئاسي رقم 268 لسنة 1975 بتنظيم مسئوليات واختصاصات وزير الصحة، وتتمثل في: أن تكون حجرات المنشأة الطبية جيدة التهوية والإضاءة، ومزودة بوسائل تغذيتها بالمياه النقية، ووسائل الصرف الصحي المناسبة والأدوات اللازمة للتخلص من القمامة والفضلات، وأجهزة إطفاء الحرائق، وتزويدها بالإسعافات الأولية، وأثاث سهل التنظيف لا يعوق التهوية والإضاءة.


كما يلزم تقسيم غرف إقامة المرضى في المنشآت الطبية التي بها أسرّة للعلاج إلى عدة مستويات، جناح والدرجة الأولى الممتازة والدرجة الثانية والثالثة، لكل منها نظام معين في عدد الأسرة، ولا تقل المساحة المخصصة لكل سرير عن 8 أمتار، على أن تقام دورة مياه وحمام لكل عشرة أسرّة على الأكثر، في حالة عدم تزويد الغرفة بدورة مياه مستقلة.


يجب على المنشأة تخصيص محطــة تمريض مجهــزة لكل 40 سريرًا، على أن تمد هذه المحطة بأثات خاصة بحفظ الملفات والسجلات وأخرى لحفظ الأدوية والمهمات والآلات الطبية اللازمة للعمل التمريضي، وكذلك بجهاز استدعاء.


أما شروط غرف العمليات، فهي: ينبغي ألا تقل مساحـة الحجرة التي تجرى بها العمليات الصغرى والمتوسطة عن 12 مترا مربعا، على ألا يقل طول أحد الأضلاع عن 3 أمتار، أما الحجرة التي تجرى بها عمليات كبيرة فلا تقل مساحتها عن 20 مترا مربعا، وأن تكون الأبواب والنوافذ جيدة الصنع ومحكمة، وأن يكون زجاجها سليمًا دائمًا، ويلحق بالحجرة مكان لتغيير الملابس وغسل الأيدي للجراحين وهيئة التمريض.


كما ينبغي أن تكون الحجرة مزودة بضوء صناعي كاف فوق منضدة العمليات، وأن تكون هناك أجهزة إضاءة احتياطية للعمل في حالة انقطاع التيار الكهربائي، وتزود الحجرة بالحد الأدنى على الأقل من الآلات الجراحية وأجهزة التخدير والإفاقة ووسائل الإسعاف التي تتناسب مع نوع العمليات التي تجرى بها.


• ما أفضل وسيلة لمواجهة المنشآت المخالفة؟
- الحل في زيادة وتدعيم جهاز التفتيش في الوزارة بعدد أكبر من الموظفين، بمرتبات جيدة لتشجيعهم على أداء عملهم على أكمل وجه، فضلا عن غلق الباب أمام تعرضهم للإغراء بالحصول على رشاوى ومخالفة ضمائرهم، وكذلك محاسبة البرلمان للوزارة بسبب التراخي في مواجهة هذا الملف، والنقابة لا تملك أن تفعل شيئا لأنها ليست جهة تشريعية أو إدارية، وأقصى ما تستطيع فعله هو محاسبة أطبائها المخالفين داخليا، وأيضا مخاطبة الدولة والبرلمان ولتصحيح الأوضاع.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"...
الجريدة الرسمية