رئيس التحرير
عصام كامل

الأسرة المصرية تتآكل.. ونحن أول العالم في الطلاق!


تقريبا منذ عام تقريبا أو أكثر قليلا كتبت عن تزايد حالات الطلاق في مصر، وكانت النسبة 35%، وحذرت ومن المؤكد حذر غيرى من هذه الظاهرة المدمرة، خاصة في السنة الأولى للزواج والسنوات الأولى، والأسبوع الماضى نشر دراسات عن الطلاق في العالم وفى مصر لنفاجأ بأن مصر الأولى في العالم في نسبة الطلاق، وأن نسبة الطلاق ارتفعت من 35% العام الماضى إلى 40% هذا العام!


الأسباب التي جاءت بالتقرير لم تختلف عن تقرير العام الماضى، من أبرزها الزواج السريع، تدخل الأسر خاصة الحموات في حياة أبنائهم وتحكماتهم بالإضافة إلى الخلافات المادية التي تصل إلى 55% من الأسباب التي تهدد الأسرة، سهولة الحلف بالطلاق عمال على بطال، عدم نضج الزوجات، الخيانة من الأزواج في السنة الأولى للزواج، والمدهش العجيب أن هناك زواجا عدة ساعات أو أياما أو شهورا يمكن حصرها على أصابع اليد الواحدة، ومن الأسباب إخفاء إصابة الأزواج بأمراض مزمنة، والعجز الجنسى الذي يعتبر أهم أسبابه المخدرات والتي بلغ نسبة الطلاق بسببها 55%، ويدعون بأنهم لم يكن يعلمون من قبل، ويظهر التقرير أن في مصر حالة طلاق كل أربع دقائق، خمس عشرة حالة كل ساعة، أي مائتين وخمسين حالة في اليوم! يا الله إلى أين نحن نسير، إلى أين يتجه المجتمع الذي دائما نردد أنه مجتمع متدين بالفطرة، نحن ورثنا منذ الفراعنة ماذا تعنى الأسرة والاهتمام بها والأولاد، كل هذا قبل نزول الرسالات من السماء، وقبل كل الشرائح التي تحدد العلاقة الزوجية من خلال السماء.

مع كل احترامى للأسباب التي وردت في في الدراسات وبالتأكيد منها ماهو صحيح، إلا أن هناك عوامل لم تذكر أو تم تجاهلها عمدا أو سهوا، فليس من المنطق أن تقفز نسبة الطلاق في النصف قرن الأخيرة من 7% إلى 40 % إلا الجميع ينظر للنتائج ويتجاهل الأسباب، أين دور الأسرة من التربية السليمة للبنت أو الشاب!؟ أين دور التعليم والشباب والمجتمع؟! لقد تمزقت الأسرة لأن الأسرة تريد المال والذي في أحيانا كثيرة ليس ضروريا، كل القمم في المجتمع تزوجت بأبسط الأشياء ثم طورت من حياتها، لم يكن في بيت الأستاذ الجامعى وهو كان النموذج الأرقى في المجتمع، غسالة ولا بوتاجاز وتليفزيون.. إلخ ولكن بعد ذلك أصبح يملك كل شىء وطور من حياته وأسرته، اليوم الأسر تستدين لسنوات قادمة من أجل التليفزيون والدش والغسالة آخر موديل، وموبيليا لا لأزمة لها والمطلوب بعد السلف والدين يعيشوا في هنا.. كيف؟!

الأسرة أصبحت مصدرة أبناء لايعرفون أن الزواج مسئولية، الأسرة المصرية تصدر الكذب في التعامل مع الأسرة الأخرى التي تمارس نفس الكذب هي الأخرى، الشباب أصبح يفتقد القدوة في البيت سواء البنت التي تشاهد تجرؤ أمها على والدها أو الشاب الذي يشاهد كل سوءات والده، افتقد الشباب في العمل، في الشارع، للأسف كان من أهداف العولمة غير معلنة تفتيت الأسرة في الدول التي لا تزال محتفظة بكيان الأسرة، مثل المنطقة العربية، وجاءت ثورات الخريف العربى لتكشف الحقيقة المرة بأن الاسرة في طريقها للتفتت، كما نرى.

بمجرد أن كتبت على صفحتى خبر أن "مصر الأولى في العالم في الطلاق" حتى انهالت التعليقات التي وصلت أكثر من مائة تعليق اخترت منهم الآتى، الأديب الكبير مختار عيسى يتفق مع د/ فايزة خاطر في أن المجلس القومى أحد الأسباب، عيسى: إنجاز المجلس القومى للمرأة، في حين تقول د.فاطمة: البركة في مجلس النسوان وسوزان مبارك! أما ابن البلد الحاج رفعت معجوز: النسبة الحقيقية 60% وليس 40%!

ويؤيد ما قاله الحاج رفعت كلام د.فاطمة عطوة: 40 % نسبة اللى قدروا ياخدوا القرار ونفذوه.. وليس معنى 60 % متزوجين..ده النسبة اللى فشلت في اتخاذ القرار أو مضطرون للاستمرار لأسباب مختلفة ومتعددة منها الحفاظ على الأولاد.. خوفا من كلام الناس والمجتمع.. ليس لديها مصدر اقتصادي آخر، أو العمر جرى واللى جاى مش كثير للمجازفة. أو الخوف من الوحدة والعزلة.. ومن رؤية أكثر عمقا يحذرد.نبيل الطوخى (أستاذ التاريخ الحديث): نسبة كبيرة جدا وهذا خطر على الأمن القومى.. لابد من علاج وحل لهذه الكارثة!

أما الذي أزعجنى أيضا رؤية الأستاذة سماح بغدادى بتعليقها الساخر: هما المتجوزين خدوا إيه! وهذا يلفت النظر إلى الرؤية لقيمة الزواج ومعناه السامى من سكن وأمن وحياة الإعمار في الأرض! ويتواكب مع هذا التقرير مشروع قانون أعده العضو عبدالمنعم العليمى لتقديمه في مجلس النواب خاص بالمرأة وفيه هو حق الزوجة تطليق نفسها! وعلقت د.أمنة نصير بان هذا ليس ضد الشريعة!

وهذا جاء مع هوى المرأة ولكن تعلق د.فاطمة عطوة ينبه: الزوجة التي تطلق نفسها مثل طلاق الخلع.. سوف تتنازل عن كل حقوقها التي كانت ستأخذها في حالة طلاق الزوج لها! أما المهندس فتحى الغنيمى: أرى أنها بداية للعمل الجاد- ومؤشر لتجديد الخطاب الدينى- والخروج من تسلط الرجل على المرأة والتي عانت منه طول التاريخ الإنسانى- وليس هناك خوف من خراب الاسرة- الرجل في يده 90% من الحفاظ على الحياة الزوجية، أي امرأة تريد أن تعيش في ظل زوج يحترم مشاعرها ويحتضنها، أما الرجل فيريد أن يمتلك الزوجة ويكون الحاكم بأمره !

الأسرة المصرية تتآكل ونحن لا نشعر جهلا أو سهوا.. الأسرة المصرية الطلاق يدمرها.. الأسرة المصرية في خطر عظيم.. ليست المرة الأولى التي أصرخ فيها من الأسرة المصرية، والغريب أن معظمنا مشغول بقضايا وأشياء لا ترقى لأى أهمية وللحديث بقية!
الجريدة الرسمية