رئيس التحرير
عصام كامل

10 أسئلة عن الموت والحياة يجيب عنها شريف قمر أحدث منتحر.. «تقرير»

شريف قمر
شريف قمر

ما بين الحياة والموت، طريق طويل يسير فيه الإنسان بحثًا عن إجابات لتساؤلات كثيرة تجول في خاطره، يتساءل عن ماهية الحياة والهدف من ورائها، وهل تستحق كل تلك المعاناة التي يحياها مع صباح كل يوم.


للوهلة الأولى يبدو الانتحار فعلا لا يقبله العقل، ويحرمه الشرع والإنسانية، البعض يتمسك بأن قيمة الحياة في كونها فرصة لن تطالها مرتين.. وبالرغم من مقتنا وغضبنا اليومي تجاه الحياة إلا أن بها لذة تجذبك وتشدك إليها، متعة ومساحة من "المعافرة" تسحبك من أحلك الظروف وتُوهمك أن هناك أملا ولو كان كاذبا أو أضغاث أحلام في غدًا أفضل.

في الآونة الأخيرة زادت وتيرة عمليات الانتحار بين الأوساط الشبابية، وسجل 5 شباب أسماءهم في قائمة ممتدة من المنتحرين، المتنازلين عن حقهم في الحياة، بدا أن تلك الظاهرة حديثة العهد بـ"كثرة" بين الشباب وجدت مرادها في ظل الظروف القاسية التي مُني بها الجميع.

«شريف قمر»، آخر هؤلاء الضحايا إن صح تسميتهم بأنهم ضحايا بالرغم من اختيارهم الحر، إلا أنهم بشكل أو بآخر رد فعل على حياة لم تكن عادلة من وجهة نظرهم.

أسئلة كثيرة أثيرت حول الأسباب التي دفعت شابا يافعا إلى اختيار الموت حلا للتخلص من مشكلاته، أسئلة لم تجد من يجيب عليها سواء من أسرته أو حتى من دائرة أصدقائه، لكن قمر نفسه أجاب على تلك الأسئلة في عدة تدوينات كتبها على صفحته الشخصية على فيس بوك وتويتر بدأت من شهر مارس الماضي واستمرت حتى أيام قليلة من انتحاره.

لم يطرح أحدا أسئلة على "قمر" لكنه كتب خواطر، وضعنا لها أسئلة توضح حالة الاكتئاب التي مر بها قبل قرار الانتحار.

أنت شاب في مقتبل العمر وكنت كثير الاهتمام بالأنشطة الثقافية، فضلا عن تواجدك بكثرة على السوشيال ميديا.. ماذا أصابك؟
قواي انهارت تمامًا، لا أقوى حتى على حمل كتاب، صرت أتنفس النيكوتين، صرت أتحاشى الخروج مع أصدقائي لأنني أكون كالحجر الذي يسد تدفق نكاتهم السخيفة التي تضحكهم، ولا تضحكني.

ماذا تغير في نظرتك للحياة؟
كعادتي في بدء أي سنة دراسية أكون متحمسًا كفحمة مشتعلة لا تلبث أن تبرد بمرور الأيام والشهور الدراسية، لكنني الآن مُطفئًا، ولم يستطع أي شخصٍ أو أي شيء إشعالي، فاشلٌ دراسيًا عاطفيًا ماديًا اجتماعيًا.

ما أغلى الأشياء في حياتك؟
أمي هي الشيء الأكثر قيمة في الحياة

ماذا تنتظر من الحياة أن تمنحه لك؟
لقد صرت كهلًا دون أن يخط الشيب رأسي، قال صديقي وهو يصرخ «أريد أن أتعلق بشيء، أن أتعلق بدين، بفتاة، بحياة، بأي شيء ليعطي معنى لحياتي»، فأنا انتظر حتفي بمنتهى الصبر، أتمنى أن أكون عجوزًا لأموت من الشيخوخة، أشعر أنني عجوز في العشرين من عمره. لقد كنت استمع إلى أغنية محمد منير «امبارح كان عمري عشرين» ولا أحس معانيها إلا الآن.

لماذا يبدو اليأس والاكتئاب سمة أساسية في نظرتك للحياة؟
أنا أشعر به جدًا، أشعر أنني في حاجة لنوم عميق، مضادات الاكتئاب لا تفعل شيئا سوى أنها تزيدني مزيدًا من الوزن، لا شيء يجدي معي، أنا غير صالح للحياة

أنت مهتم بشكل كبير بالسوشيال ميديا والكتابة.. لماذا تكتب؟
الكتابة بالنسبة لي نوع من قضاء حاجتي العقلية، أن تخرج فضلات عقلك، تستقبلك الورقة البيضاء بحوافها محتضنةً السواد الذي سيطر على عقلك وقلبك فتحيله إلى حبرٍ أسود، وكما تُستخدم الفضلات الحيوانية في صنع السماد الطبيعي، وبعض صناعات إعادة التدوير، فإن ما أكتبه من المحتمل أن يفيدَ أحدًا ما دون أن أقصد.

وقد قالوا قديمًا إن الكتابة مثل البقرة كلما أكلتْ العشب أو البرسيم كلما كان حليبها أكثر إنتاجًا وإفادة، ولذلك فأنا أحرص كل الحرص على أكل برسيمي بانتظام، والبقرة لا تشرب حليبها، وأنا لا اقرأ ما كتبته ولا أبدي رأيي فيه، لأن الأشياء من منظوري مختلفة بالتأكيد كل الاختلاف من منظور الآخرين.

كما أنني أتجنب شبهة الإعجاب المبالغ بالنفس، أنا أكتب كي أستريح وأريح عقلي من شتاته وحيرته وفوضاه، تحتضنني الورقة قائلةً هآنذا أسمعك وأنصت إليك حتى لو قمت بإلقائي في أول صندوق قمامة، أو حرقتني بقداحتك، سأظل أنا والقلم صديقيك الحميمين الواقفين بجابنك إلى الأبد، قلت لك يا صديقي أنا أكتب كي أحيا، أكتب كي أستريح وأعيش، هل تسمح إذًا أن أكتب هذا المقال..

يبدو أن لك قراءات فلسفية كثيرة.. حدثنا عن نظرتك الفلسفية للحياة وموقع الإنسان بها؟
"في الدنيا احنا قاعدين في سايبر كبير وكل واحد له وقته وهيخلص، المشكلة إننا كلنا فاكرين إننا فاتحين "أوبن"، بس في النص بتلاقي الجهاز بيطفي مرة واحدة وانت مش واخد خوانة، مرة واحدة من غير مقدمات، من غير ما "تسيّف اللي انت عملته، ولا تخلص اللي كان المفروض تعمله".

كيف ترى الحياة؟
الحياة كتذكرة مترو مصممة لرحلة واحدة.

هل أنت سعيد في وحدتك في الآونة الأخيرة؟
عزلتي اليوم ليست مؤلمة لي.. عزلتي هي سعادتي وعالمي الوحيد بعيدًا عن ضجيج الحياة وتفاهة البشر.

هل ترى أن الانتحار الحل الأمثل لمواجهة الحياة؟
هذه ليست الطريقة الصحيحة، لكن صدقًا لم يعد باليد حيلة، تلك الكلمات كانت رسالة انتحار ماياكوفسكي وأعتقد إنها تعبر عن شخصي.
الجريدة الرسمية