رئيس التحرير
عصام كامل

سيد ولد آدم


جاء في هدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يعرف قدري إلا ربي"، صدق الرسول الكريم فهو صاحب القدر العظيم والمنزلة العالية الرفيعة، وهو المتأدب بالآداب الربانية والمتخلق بالأخلاق القرآنية، وصدق صلى الله عليه وسلم إذ قال: "أدبني ربي فأحسن تأديبي".

وإن من يطالع سيرته الكريمة العطرة بإمعان وبحيادية ليشهد لحضرته بالإنسانية الكاملة وليدرك أنه بحق سيد أهل الفضائل والمكارم، وأنه صاحب الخلق العظيم، وأنه بحق رحمة رب العالمين للعالمين، وليس للمسلمين والبشر فقط، وإنما هو رحمة رب العالمين لجميع الخلق، حتى الملائكة عليهم السلام ويؤكد ذلك حواره صلى الله عليه وسلم مع الأمين جبريل عليه السلام عندما جاءه بالآية الكريمة: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".

وسأله صلى الله عليه وسلم بقوله: "يا أخي يا جبريل أما نالك من تلك الرحمة شيء، فأجابه جبريل عليه السلام قائلا: بلى نالني منها يا رسول الله وإنها لدين في عنقي أوفيه لأمتك يوم القيامة فإني سألت الله عز وجل أن يأذن لي يوم القيامة أن أضع جناحي على الصراط حتى تمر أمتك بسلام يا رسول الله".

وحينما ننظر لقول الله تعالى الذي أشار فيه عز وجل إلى قدر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ومكانته والذي يقول فيه سبحانه: "ورفعنا لك ذكرك"، ونتساءل عن هذه الرفعة المشار إليها في الآية الكريمة ونقول هي على قدر من، أهي على قدر الرافع وهو الله سبحانه وتعالى أم هي على قدر المرفوع وهو النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، لا شك أنها على قدر الرافع وهو الله تبارك في علاه وهو سبحانه الذي لا حد ولا منتهى لقدره وعظمته وجلاله فهو العلي فوق العلى وهو سبحانه الذي لا يشار إليه بأين ولا كيف ولا منتهى في وصفه جل جلاله فهو الذي يحيط ولا يحاط ويدرك ولا يدرك وهو المهيمن على عوالم الكون باسم من أسمائه سبحانه، إذا لا منتهى لقدر النبي الكريم.

ومن المعلوم أنه صلى الله عليه وسلم صاحب الفضل على الإنسانية بما حوت من رحمة وإحسان وكرم وجود وقيم إنسانية ومكارم أخلاق فهو الذي جلاها وأظهرها وجملها وقدمها للبشرية في أسمى وأجل صورة ومظهر وحقيقة قولا وعملا وسلوكا، ورسول الله لم يكن يتكلف شيئا من الفضائل بل كان مصدرها فطرته الطاهرة النقية السليمة الثابتة التي فطره الله تعالى عليها.

وإذا نظرنا إلى العلاقات الإنسانية في حياته الكريمة عليه الصلاة والسلام والتي شملت الأبناء والزوجات والأحفاد والأهل والأقارب والأصحاب والمسلمين وأهل الكتاب والمشركين وأهل الكفر والحيوان والنبات والجماد والكبير والصغير والمرأة والغني والفقير واليتيم والأرملة والمسكين والمريض والقريب والبعيد والعدو والحبيب وكل ما يدب على الأرض والملائكة والجن.

نرى السمو الأخلاقي والنبل الإنساني في أرقى مراقيه وسيرته الكريمة العطرة حافلة بالمواقف التي تجلى ذلك، هذا وإذا طالعنا أقواله وأحواله الشريفة نرى الكمال في أسمى وأرقى معانيه ونرى الرحمة بكل ما تعنيه كلمة الرحمة، أنظر معي عزيزي القارئ إلى بعض أقواله الشريفة التي تشير إلى عظيم سمو خلقه ورحمته وإلى علو قدره ومنزلته، يقول عليه الصلاة والسلام: "ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا"، ويقول: "صل من قطعك وأعط من حرمك واعف عمن ظلمك"، ويقول: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"، ويقول: "أفشوا السلام بينكم"، ويقول: "لم أبعث لعانا وإنما بعثت هداية ورحمة"، ويقول: "أقربكم مني منزلة يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا"، ويقول: "كان الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه".

 ما أحوجنا بل ما أحوج البشرية إلى الرجوع إلى هديه القويم وسنته الرشيدة وأخلاقه العظيمة عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم السلام.
الجريدة الرسمية