رئيس التحرير
عصام كامل

دراسة تكشف عن التراث الشعبي المرتبط بالحج وخروج المحمل

فيتو

كشفت دراسة أثرية للدكتورة شيرين القبانى الباحثة في التاريخ والحضارة الإسلامية عن معالم التراث الشعبى المرتبط بالحج وخروج المحمل الشريف من مصر، مما يؤكد ارتباط المصريين وعاداتهم بطقوس وشعائر الحج.


وقالت الدكتورة شيرين القبانى إن الدراسة تؤكد حرص المصريين على التبرك بالمحمل عن طريق لمسه إن أمكن أو حتى بمجرد الرؤية لمن تعذر عليه لمسه، ووصل الأمر إلى أن الأهالي كانوا إذ لم يتمكنوا من لمسه قذفوا بمناديلهم إلى خدام المحمل بعد أن يضعوا فيها شيئًا من النقود أو اللحوم البيضاء أو الفطير، فيأخذ خدام المحمل منهم ذلك ويردون المناديل إلى أربابها بعد إمرارها على المحمل لأنه سيوضع في المسجد الحرام وكذلك داخل المقصورة النحاسية حول قبر الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة.

وأضافت أن المصريين كانوا يقبلون خف جمل المحمل كنوع من نيل البركة لأن جمل المحمل يطأ بخفه على تراب أقدس مدينتين في نفس كل مسلم وكان الحاكم نفسه حريصًا على تقبيل مقود الجمل حيث قام خديو مصر عام 1901 بتقبيل المقود وتلاه قاضى القضاة وبعض الحضور وكذلك تبخير لوازم المحمل.

ومن جانبه، أشار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بوجه بحرى وسيناء بوزارة الآثار إلى بعض العادات المرتبطة بالحجاج أنفسهم ومنها الاحتفاظ بجزء من الأضحية للحاج لحين عودته لكى يأكل منها وتعليق الرايات البيضاء اللون على العربات والأتوبيسات التي تقل الحجاج وكذلك حرص الحجاج على ارتداء الملابس البيضاء أثناء توديعهم قبل السفر وعودتهم بعده.

وأوضح أنه في الوادى الجديد فيستعيضون عن الراية البيضاء بعمل راية من سبع جريدات من النخل يتم جدلها سويًا ويعلق فيها سبع ثمرات من الليمون والبرتقال والكعك والبيض المسلوق وتوضع على باب منزل الحاج.

ولفت إلى أن هناك أمثلة شعبية ارتبطت بذلك تظهر روح وفكر المجتمع المرتبط برحلة الحجيج ومنها "أول شيلة في الحج تقيلة" ويوضح الصعوبات التي تواجه الحاج من تحميل القافلة وربط الأحمال، ومنها "ياما الحج مربوط له جمال" ويعبر عن ضرورة الاستعداد لهذه الرحلة لمواجهة صعوباتها، وأمام كل تلك المصاعب رأى المصرى ضرورة التهوين من أمرها لتشجيع الحجاج على السفر فقال "أقل زاد يوصل للبلاد"، مشيرا إلى مثل "ذكروا النبى بكوا" فالبكاء عند ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام يرجع لشدة حب وتعلق قلوب المسلمين به وشوقهم لزيارة قبره الشريف وما يزال مستخدمًا حتى الآن تعبير "متجمعين عند النبى إن شاء الله".

وقال إن هناك العديد من الرسوم الجدارية المرتبطة بالحج والباقية حتى الآن في قرى مصر حيث كان المصريون يطلون منازلهم وحوانيتهم باللون الأبيض ابتهاجًا بهذا الحدث، كما استخدم الفنان الشعبى عددا من الألوان ذات دلالة خاصة فالأبيض رمزًا للضوء والسمو والنقاء والأحمر لون الفرح والسعادة والقوة والأخضر رمزًا للجنة والخصب والنماء وكانت الرسومات تمثل الكعبة المشرفة والحرم المكى ومسجد الرسول وحمامتين وغار ثور رمزًا لهجرة الرسول وكذلك حمام الحمى بالكعبة.

وتابع أن الرسومات شملت وسائل السفر ومنها الجمل وكذلك تطور وسائل المواصلات من الباخرة والطائرة كما رسم بعض الحيوانات ومنها الأسد الذي يرمز إلى نية الحاج مواجهة ذنوبه بشجاعة حيث يعود خاليًا من الذنوب، والجمل الذي يرمز إلى الصبر وقوة التحمل، والحمامة التي ترمز للرحمة والسلام والسرعة، والحصان وله مكانة خاصة في الحضارة المصرية القديمة والقبطية والإسلامية، مشيرا إلى أن الفنان ميز ألوان الخيل فالأسود أو الأدهم يرمز للفرسان والملوك والنبلاء، والأحمر القاتم المائل للسواد يعبر الأصلب عودًا والأشد بأسًا في الحروب، والأشقر أو الذهبى رمزا للأخبار السارة، والأبيض ذو العينين الواسعتين يرمز للعظمة والتباهى، وفى الرسوم الشعبية الحصان الأسود يمتطيه الفارس الخير بينما الحصان الأبيض يمتطيه الفارس الشرير.
الجريدة الرسمية