رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ضحايا «النقل» بلا ثمن أو حساب


ما أن اطمأن على استمراره في الحكومة رغم تصادم قطاري الإسكندرية، الذي خلف ضحايا بالعشرات سالت دماؤهم وأزهقت أرواحهم بلا ذنب، تنصل وزير النقل هشام عرفات من المسئولية، ملقيًا باللوم على مشكلات تعانيها "سكك حديد مصر" منذ سنوات طويلة، داعيًا إلى إشراك القطاع الخاص في المنظومة لتطويرها وتحديثها والحد من كوارث القطارات.. وبعد أيام قليلة نفى نية "خصخصة السكك الحديدية" وأن دعوته لإدخال القطاع الخاص إلى المرفق هدفها تحسين الخدمات ورفع كفاءة العمل!!


مآسي القطارات باتت سمة في بلدنا، تهدر معها أرواح المصريين دون ثمن أو محاسبة المسئولين أو إقالة وزير النقل، ما جعل الجميع لا يهتم بتطوير العمل وتحديثه، أو حل المشكلات المتراكمة، التي زادت معها حوادث الإهمال لتتحول إلى جرائم جنائية أفلت المسؤولين عنها من الحساب والعقاب المستحق على إزهاق الأرواح.. لدرجة أن وزير النقل اكتفى بعد مأساة قطاري الإسكندرية بقبول استقالة رئيس هيئة السكة الحديد، بدلا من محاكمته على سوء الإدارة والإهمال وعدم المتابعة وتفشي الفساد في مرفق تاريخي مهم يفترض أن يحقق أرباحا باعتباره مرفقًا اقتصاديًا وليس خدميًا فقط!!

تحدث الوزير عرفات كما لو كانت السكة الحديد لا تتبع وزارته، وأشار إلى أنها تحتاج تطويرًا شاملًا، وإدخال نظام تتبع القطارات للحد من الحوادث، وتحسين خدمات الأمن والسلامة، وأوضح أن 90% من الورش بحاجة لتغيير بالكامل، وتجديد القضبان والمزلقانات وغيرها الكثير.. فإذا كان عرفات يعرف كل هذه المشكلات في السكة الحديد، لماذا لم يبادر بالتطوير والإصلاح منذ توليه الوزارة، وترك الهيئة على حالتها المأساوية تحت إدارة لواء لا علاقة له بالسكة الحديد، بعد أن أثبتت تجربة اللواءات فشلها في مواقع عدة!!

لم يتطرق وزير النقل إلى مئات المزلقانات العشوائية وعشرات الباعة الذين يحتلون القضبان بلا رقابة، والإشارات المعطلة في غالبيتها دون أن يتحرك أحد لإصلاحها، والسيمافورات التي تسرق لاحتوائها على النحاس، كما لم يشر من قريب أو بعيد إلى فيديو منتشر تحولت فيه كابينة قيادة القطار إلى "مرقص"، فقد يوجد في القطار أثناء سيره 4 أشخاص بصحبة السائق يرقصون ويتبادلون تدخين سيجارة حشيش، إلى جانب من يتولى تصويرهم، غير عابئين بأرواح الركاب، ولا مبالين بمحاسبة أو عقوبة، ليقينهم من سوء الإدارة!!

انصب كلام الوزير على طلب الدعم المالي وهو طلب سبقه إليه مسئولو الهيئة، ولم يكشف عرفات عن خطط التطوير وحماية أرواح الركاب ومكافحة الفساد ومحاسبة المسئولين عن الإهمال وعشرات الحوادث، سواء في السكة الحديد أو النقل البري وهي حوادث تتكرر يوميًا في محافظات مصر دون محاسبة أو حتى مجرد إخضاع جميع السائقين في وسائل النقل على اختلافها لاختبار المخدرات، وتطهير المهنة من المدمنين حفاظًا على أرواح المصريين التي لم يعد لها ثمن في وزارة النقل!!

لم ينجز عرفات منذ توليه الوزارة شيئًا سوى زيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق أولا، بذريعة تقليل الخسائر، وبعد مضاعفة سعر التذاكر قام بتوزيع عشرات الملايين كمكافآت وحوافز للموظفين!! ثم كرر صدمته للغلابة دون سابق إنذار بزيادة مفاجئة تتراوح بين 25% و50% في تذاكر "باصات" هيئة النقل العام، حيث أبلغت بها الهيئة الموظفين فجرًا، ليصدم بالتالي الركاب بالزيادة يوم الجمعة، رغم أن مرفق النقل العام أنشئ لخدمة الفقراء ومحدودي الدخل، الذين تدعي الحكومة أن إجراءات الإصلاح الاقتصادي لن تمسهم والحقيقة غير ذلك تمامًا، فالمتضرر الأكبر هم الفقراء، وكان المبرر كالعادة مواجهة زيادة أسعار المحروقات ومحاولة تقليل الخسائر، فهل يعني ذلك أنه كلما زادت أسعار المحروقات انصياعًا لشروط صندوق النقد، زادت بالمقابل قيمة تذاكر وسائل النقل الحكومية كافة مثلما حدث في مترو الأنفاق وبعده أتوبيسات النقل العام؟!

نأتي إلى نية وزارة النقل ترخيص "التوك توك" بذريعة دمج أكثر من مليوني سائق في الاقتصاد الوطني، متجاهلة أن "التكاتك" مصدر رئيسي للشغب والفوضى والقيادة عكس السير والمخالفات المرورية، ما يتسبب في آلاف حوادث المرور، فضلا عن أن "التوك توك" وسيلة سهلة لارتكاب مئات جرائم النشل والسرقة بالإكراه والخطف وغيرها الكثير، فكيف سيندمج هؤلاء في الاقتصاد؟!
Advertisements
الجريدة الرسمية