رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

وحيد عبد المجيد : لا يوجد شيء اسمه «دعم مصر».. والمنضمون إليه «ركاب أتوبيس»

فيتو

  • الحكومة تدارى فشلها بالذهاب إلى صندوق النقد الدولى
  • التصالح مع حسين سالم لا يصح والدولة تتعامل مع رجال الأعمال بلا ضوابط
  • دور البرلمان الحالى شكلى في منظومة تم هندستها من السلطة التنفيذية
  • الأحزاب في مصر مجرد لافتات وغرف مغلقة ودورها تمثيلى
  • دور المجتمع المدنى مقتصر على جمع التبرعات وإطعام المحتاجين
  • من العبث أن يضيع الشباب وقته في أحزاب لا وجود لها
  • التضييق على الأحزاب ساهم في تفجير الصراعات داخلها


يعد الدكتور وحيد عبد المجيد المستشار بمركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام أحد شهود العيان على مرحلة بالغة الحساسية وهى مرحلة السبعينيات حتى قيام ثورة 25 يناير والتي نجح خلالها الشعب المصرى في إسقاط حكم الرئيس مبارك وكان عضوا فعالا في جبهة الإنقاذ التي تشكلت من الأحزاب والقوى الوطنية وكان يرى أن من أخطاء الجبهة تفويضها للبرادعى كممثل وحيد لها في بيان 30 يونيو رغم ضعف حسه السياسي، فضلا عن أنه لعب دور رئيسيا في إعداد برنامج المرشح الرئاسى حمدين صباحى كمرشح لرئاسة الجمهورية.

عبد المجيد تحفظ على الإجابة عن كثير من الأسئلة الشائكة في حواره لـ "فيتو" وطلب محاورته في المنطقة التي اختارها وهى مستقبل الأحزاب المصرية وتقييمه لأداء البرلمان الحالى.


** بداية.. هناك العديد من الانتقادات التي وجهت للبرلمان بأنه ينفذ تعليمات السلطة التنفيذية؟
* الأمر ليس بيد البرلمان والمنتقدون محقون لأنه حرم من أداء دوره وتعرض لانتقادات لم يتعرض لها في عهدى مبارك والسادات، والبرلمان الحالى يشبه البرلمان أيام عبد الناصر فمن السبعينيات حتى 25 يناير لم يكن المجال العام مغلقا تماما بل كانت هناك مساحة صغيرة تسمح بهامش من التحرك وكل البرلمانات السابقة كانت تناقش عددا من الاستجوابات بما لا تقل عن 10 استجوابات في دور الانعقاد الواحد في حين أنه لم يُناقش استجواب واحد في البرلمان الحالى الذي له دور واحد وهو أن يكون شكليا.

** وما حقيقة أن ائتلاف دعم مصر أصبح يمثل الحكومة ويكرر سيناريو الحزب الوطنى؟
* دعم مصر مجرد لافتة لأنه ليس هناك شىء في الواقع اسمه دعم مصر حتى يمكن مقارنته بحزب مصر أو الحزب الوطنى الذين كان لهم نشاط وبرنامج وينسق دور أعضائه بالبرلمان أما دعم مصر فهو قائمة وصفتها بالأتوبيس يلتحق به من يريد أن يصل لمحطة معينة وهى البرلمان وتوقعت أن يمضى في محطات وفى إحداها يركب عدد كبير وفى أخرى ينزل عدد أكبر لأنه لا يوجد شىئ يجمع بين أعضائه الحزب وإلا برنامج أو كيان منظم عكس الحزب الوطنى أو حزب مصر أو الاتحاد الاشتراكى فهو مجرد واجهة للحكومة واجهزتها لتأمين الشكل الذي يحتاج إليه عندما تريد تمرير تشريع أو إصدار بيان أو اتخاذ موقف معين. 

** وما تعليقك على أن الحكومة أصبحت تنصاع لكل أوامر صندوق النقد الدولى؟
* صندوق النقد ليس لديه أي إمكانية لإرغام أي بلد أن تفعل ما يريد أن تفعله وتذهب إليه الحكومات الفاشلة في حل أزماتها ومن يذهب إليه يعرف منهج هذا الصندوق وبالتالى أنت في اختيار بدليل عدم ذهاب الحكومات الناجحة إليه وبالتالى الحكومة لدينا تدارى فشلها بالذهاب إلى صندوق النقد الدولى الذي له منهج في علاج الأزمات الاقتصادية مثل طبيب متخصص في مجال ضيق ويقدم روشتة محدودة فيما يتعلق بعجز الموازنة وسعر الصرف وهذه الروشته تكون لها تداعيات سلبية في مجالات أخرى. 

* هل اكتشف الشعب بعد ثورتين أن أيام مبارك أفضل من ثورتين جلبتا الخراب للبلد؟
* الناس تنظر إلى الأوضاع قبل الثورتين بأنها كانت أفضل وهذا ما هو معلوم من الواقع ولا يختلف عليه سواء المواطن البسيط أو العادى سواء من ناحية الأسعار أو هامش العمل في المجال العام لكن أكثر من هذا هو أمر انطباعى لأن المسألة ملموسة ولا تحتاج إلى إجابة.

** وما رأيك في عودة حسين سالم والمصالحات التي تمت مقابل أموال هل تؤيدها أم ترفضها؟
* التصالح ليس به قاعدة عامة مع رجال الأعمال الذين وجهت لهم اتهامات بالتربح والاستيلاء على المال العام ومنهم حسين سالم وبالتالى تناقش كل حالة بحالتها وما يجوز في حالة لا يجوز في أخرى بسبب اختلاف الظروف والنتائج وسنجد أن هناك حالات يصح فيها التصالح وأخرى لا، كل ما يلفت النظر عدم وجود قاعدة عامة، وحالة حسين سالم تحتاج إلى بحث خاصة وأن الانطباع العام عند الناس أن التصالح معه لا يصح.

* كيف تقرأ المشهد الحزبى في ظل المعطيات الحالية؟
* لا يوجد مشهد حزبى في مصر الآن، فنحن نتحدث عما نسميه بالساحة السياسية وبالتالى المساحة التي تتحرك فيها الأحزاب بين الناس وعرض الرؤى المختلفة غير متاحة في ظل انغلاق المجال العام وبالتالى العمل الحزبى يحتاج إلى مجال مفتوح تنشط فيه الأحزاب وتتحرك وتعقد المؤتمرات وتلتقى بالناس وتطرح رؤيتها فيحدث التفاعل في إطار حرية التعبير والعمل السياسي والحزبى, ولكن عندما يكون المجال العام مغلقا ومقيدا لا يمكن للأحزاب أن تتحرك سياسيا ويصبح الحديث عن العمل الحزبى أشبه بالحديث عن مباراة كرة قدم بدون ملعب وبالتالى الأحزاب أصبحت مجرد لافتات وغرف مغلقة يجلس فيها من يطلقون عليهم القيادات والمشاركة في انتخابات يتم هندستها بشكل معين لفوز مرشحين معينين وإعداد قوائم بشكل معين لتحقيق نتيجة معينة, والحقيقة التي يجب الاعتراف بها أن الأحزاب الحالية تقوم بدور تمثيلى على الناس وتوهمهم بأنها تمارس عملا حزبيا وسياسيا بدليل أنها عندما تدخل الانتخابات تعرف عدد المقاعد التي ستحصل عليها مسبقا حتى وأن اقتضى الأمر أن يسرق حزب مرشحين للاندماج في هذه التمثيلية، ومن هنا الأحزاب مجرد لافتات لا أكثر وليس لها دور.

* ومن المسئول عن حالة الضعف التي وصلت إليها أحزابنا المصرية وهل السلطة التنفيذية المسئولة؟
* أيا كان نظام الحكم القائم سواء الحكومة أو أي جهات أخرى في السلطة التنفيذية فهذا جزء من المشكله التي تكمن في وجود هندسة حزبية لإدماج أحزاب في السلطة التنفيذية، بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية التي تعيشها الأحزاب والتي تعد جزءا آخر ولكن العامل الرئيسى في ضعف الأحزاب يعود إلى إغلاق المجال العام وبعض الأحزاب تتخذ من العامل الاقتصادى شماعة لذلك وهذا الكلام في غير محله والأمر كله متعلق بضرورة فتح المجال العام لتحدث حركة حزبية فعالة في الشارع المصرى، أما الآن فلا تأثير حتى وإن خرجت هذه الأحزاب من البرلمان فلن يكون لها تأثير في شىء وهذا يعنى أنك اقحمت الأحزاب في منظومة لا علاقة لها بها، مجرد استكمال شكلي في البرلمان.

* وما حقيقة أن المجتمع المدنى أصبح يلعب دورا مؤثرا في المجتمع أقوى من الأحزاب؟
* هذا الكلام غير صحيح فالمجتمع المدنى الذي يفترض أن يزدهر ويؤدى دورا في تنمية الرعاية الاجتماعية وتخفيف الأعباء عن الدولة انحصر دوره في أمر هزلى وهو جمع التبرعات لإطعام الفقراء واليتامى وكسوتهم مع أن هذه المنظمات يمكنها من خلال الأموال التي تجمعها أن تقيم مشروعات تنمية تسهم من خلالها في ازدهار الاقتصاد وحل العديد من الأزمات التي تتفاقم وبالتالى المجتمع المدنى لا يتحرك في مجال مفتوح ولا يؤدى أدوارا حقيقية نتيجة إغلاق المجال العام. 

* وهل تعتقد أن ما وصلت إليه الأحزاب ولد قناعة لدى الشباب بعدم جدواها فعزف عن الانضمام إليها؟
* أولا لفظ عزوف الشباب يطلق عندما يكون الشباب في موضع اختيار من خلال أحزاب حقيقية لها نشاط ملموس وبرنامج يطبق وحضور وسط الجماهير من عدمه ولكن عندما تكون الأحزاب مجرد لافتات يكون الواضح عدم وجود هذه الأحزاب ككيانات حقيقية لكى يهتم بها الشباب أو ينضم إليها وبالتالى من العبث أن يضيع الشباب وقته وجهده في عمل حزبى غير موجود وانضمامه سيكون مجرد رقم يجمل الحزب به صورته. 

* هل هذا يعنى أن الأحزاب أوشكت أن تتلاشى من مصر رغم أن النظام السياسي قائم عليها؟
* بالفعل لأنها لا وجود لها على أرض الواقع ووجودها شكلى ويتقلص مع الوقت ويتحلل وعلى سبيل المثال حزب الوفد معظم أعضائه وقياداته الذين ساهموا في بنائه لم يعد موجودا منهم إلا القليل وضم إليه أشخاصا لزوم الانتخابات لا علاقة لهم بالحزب فتغيرت طبيعته ويكاد يوشك أن يتحلل وينتهى وتنفجر بداخله الصراعات ليصل إلى مرحلة النهاية لهذا الحزب الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 100 عام وربما يكون غير موجود خلال سنوات قليلة لأنه لم يعد له من تاريخه القديم أو الحديث وهنا لا نقصد انتهاء الأحزاب كأسماء لأن الدولة حريصة على بقائها ولكن بصورة لافتات شكلية. 

* وهل تعتقد أن ما تتعرض له الأحزاب من صراعات أو خلافات داخلية سببه السلطة التنفيذية؟
* ما تتعرض له الأحزاب من صراعات وخلافات أمر لا يحتاج إلى السلطة التنفيذية أو الأمن ويكفى أن السلطة التنفيذية تغلق المجال العام مما يؤدى إلى أن الحزب وهو كائن حى لا بد أن يتحرك وينافس مكبل مما يؤدى إلى تنافس القيادات مع بعضها البعض نتيجة فقدان الهدف والحيوية بسبب غلق المجال العام كما يعرف كيف تتم هندسة الانتخابات وعدد مقاعدها مما يؤدى إلى توقف نشاطه وبالتالى الحزب داخله طاقة ككائن حى هذه الطاقة تخرج في شكل الصراعات الداخلية على المناصب ويكون الرئيس دائما لديه هاجس بأن هناك من يريد القفز على مقعده مما يدفعه إلى ممارسة الديكتاتورية وهذا كله نتاج غلق المجال العام بل إن نظام مبارك كان يترك هامشا محدودا للعمل الحزبى رغم أنه لم يكن يستوعب الأحزاب في هذه المرحلة فانفجرت الأحزاب في داخلها. 
Advertisements
الجريدة الرسمية