رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

المعاني الروحية في مناسك الحج (3)


عزيزي القارئ ما زال حديثنا عن بعض المعاني الروحية لشعائر ومناسك الحج وكنا قد أشرنا في المقال السابق إلى معنى الاغتسال والطهارة والإحرام والتلبية والطواف بالبيت ونستكمل حديثنا عن معنى الصلاة عند مقام سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام استجابة للأمر الإلهي الذي جاء في قوله عز وجل: "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى"، وعن السعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة ورمي الجمرات والحلق، ولنبدأ في شرح المعنى والغاية من الصلاة عند مقام الخليل عليه السلام..


الآية الكريمة يقول فيها عزوجل: "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى"، ولننتبه جيدًا إلى هذا الأمر الإلهي والخطاب الرباني، الأمر واضح جلي أن نتخذ من مقام إبراهيم مصلى وليس عند مقام إبراهيم لأن العندية تشير إلى مكان وكلمة من مقام إبراهيم تشير إلى مكانة، وهناك فرق كبير بين المكان والمكانة، فالسر في المكانة وليس في المكان، ومعلوم أن مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام ومكانته من الله عز وجل هو مقام الخلة، فهو خليل الرحمن عز وجل ومقام الخلة هو المقام الثاني في مقامات ومنازل القرب في حضرة الله تعالى، فهو يأتي مباشرة بعد مقام المحبوبية وهو مقام ومنزلة رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم السلام فهو الحبيب الأعظم والخليل الأكرم..

ويليه في المكانة والدرجة والمنزلة والقرب سيدنا إبراهيم صاحب مقام الخلة، من هنا نفهم مراد الله تعالى من الحاج في أمره تعالى له أن يتخذ من مقام إبراهيم مصلى دعوة منه عز وجل للحاج للخلة أي أن يكن من إخلاء الله تعالى والأصل في الخلة المحبة، كأن الله سبحانه يدعوا زائر بيته الحرام إلى المحبة والخلة، هذا وأما عن المعاني الروحية في السعي بين الصفاء والمروة فهي كثيرة منها الاقتداء بحال السيدة هاجر زوجة الخليل وأم سيدنا إسماعيل عليها السلام عندما هرولت بحثا عن الماء آخذة بالأسباب متوكلة على مسببها سبحانه وتعالى ومعلقة قلبها به عز وجل..

فلم تتواكل وخاصة بعد ما تركها سيدنا إبراهيم ورضيعها في هذا المكان الموحش في ذاك الوقت والذي لا زرع فيه ولا ماء ولا أسباب للحياة سوى الهواء ولا أمن ولا أمان فيه، ولكن الخليل عليه السلام كان قد أخبرها أنه مأمور من الله تعالى بذلك أن يأتي بهما في هذا المكان وأن يتركهما ويعود، ويطيب لي هنا أن أذكر ما قالته عليها السلام لزوجها خليل الرحمن عليه السلام، قالت: يا إبرهيم أأمرك الله بهذا، قال نعم، قالت بلسان عقيدتها ويقينها وثقتها بالله عز وجل الكاملة، امض على بركة الله ولن يضيعنا..

عزيزي القارئ انظر إلى هذه العقيدة الراسخة في قلبها وإلى كمال حالها في اليقين والثقة والاطمئنان بالله وحسن التوكل عليه سبحانه، من هنا أرى أن المقصود والمعنى الروحي في السعي بين الصفا والمروة أن نقام في حال السيدة هاجر مع الله وهو حسن التوكل عليه والتسليم له سبحانه واليقين الكامل والثقة به عزوجل والاجتهاد في الأخذ بالأسباب تعلق القلب بمسبب الأسباب سبحانه، أو نتشبه بحالها فإن التشبه بأحوال الصالحين فلاح، هذا وهناك معنى آخر في السعي وهو أن يسعى العبد بين الصفا والمروة ليصل إلى صفاء القلب ومروءة النفس..

وهناك معنى آخر يظهر الفرق بين التوكل الصحيح على وهو من ثمرات اليقين به سبحانه وهو معناه الأخذ بالأسباب وتعلق القلب بمسببها، وبين التواكل وهو ترك الأسباب وعدم الأخذ بها وهذا مخالف لشريعة الله تعالى، عزيزي القارئ نستكمل حديثنا عن المعاني الروحية لمناسك وشعائر الحج في المقال التالي، ولبيك اللهم لبيك..
Advertisements
الجريدة الرسمية