رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

السيسي يطارد أردوغان في القرن الأفريقي.. مصر تسعى لاسترداد الصومال المختطفة.. مقديشيو عمق إستراتيجي وحزام للأمن العربي.. صمام أمان لقناة السويس.. و تركيا استغلت غياب العرب لتدشين قاعدة عسكرية

فيتو

منذ حصول الصومال على عضوية الجامعة العربية عام 1974، يتعامل معها العرب على أنها –مقديشو- رقم غير فاعل في المعادلة الإقليمية بالرغم من أهميتها الجغرافية وتركوا جميعا الأرض مفتوحة هناك للأتراك وغض الجميع الطرف عن تحول البلد الإسلامي إلى مرتع للمليشيات الإرهابية والمشاريع السياسية لدول تضع خططا عابرة للقارات.


لقاء السيسي

وفي ظل مساعي الدولة المصرية الرامية للعودة إلى دورها الإقليمي عربيا وأفريقيا واستعادة الدول العربية المختطفة لصالح مشاريع دخيلة، استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي مساء اليوم الأحد، رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية، محمد عبد الله محمد فرماجو داخل قصر الاتحادية والذي يقوم بزيارة رسمية لمصر.

وقال السفير علاء يوسف المُتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس عقد جلسة مباحثات مع الرئيس محمد عبد الله فرماجو استهلها بالترحيب به، وتوجيه التهنئة له بمناسبة انتخابه رئيسًا للصومال في شهر فبراير الماضي، كما أشاد الرئيس بالعلاقات المتميزة والتاريخية التي تربط بين مصر والصومال.

وأضاف، اعتزام مصر مواصلة تقديم كل الدعم للصومال خلال المرحلة القادمة لبناء وترسيخ مؤسسات الدولة، ولا سيما الجيش الوطني الصومالي، فضلًا عن متابعة التعاون في مجال بناء قدرات أبناء الصومال في مختلف المجالات التنموية من خلال البرامج والدورات التي تنظمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، فضلًا عن زيادة المنح الدراسية التي تقدمها لهم مصر.

الموقع الجغرافي

تقع الصومال في منطقة إستراتيجية تمتد من مدينة بندر زيادة-على خط الطول ٤٩ درجة شرقا – إلى رأس غردافوي، ثم تتجه جنوبا إلى رأس ديك على الحدود مع كينيا، وهي صاحبة أكبر إطلالة مباشرة على المياه الإقليمية في خليج عدن، ويبلغ سواحلها البحرية نحو 1,193 ميل مربع وتنقسم هذه الشواطئ إلى:

1- شواطئ تمتد من المناطق الساحلية المطلة على خليج عدن والمواجهة لمنطقة لوي عدي إلى علولا وتقدر مساحتها بـ473 ميلا والقاعدة التي تحرسها كانت في بربرا.

2- السواحل الوسطى وتمتد من علولا إلى هوبيا وتقدر مساحتها بـ450 ميلا والقاعدة التي تتولى حراستها كانت في بندر بيلا.

3- الساحل الذي يبدأ من مركة إلى رأس كيامبوني وتبلغ مساحته 270 ميلا والقاعدة التي تتولى حراستها كانت في مدينة كسمايو عاصمة إقليم جوبا السفلي.

القرن الأفريقي

تعتبر هذه السواحل ممرا مهما للسفن التجارية العملاقة المتنقلة بين قارات العالم وخصوصا بعد شق قناة السويس في 17 نوفمبر سنة 1879 واكتشاف البترول في الخليج والجزيرة العربية وبدأ تدفق النفط عبر الناقلات العملاقة من الخليج العربي إلى أوروبا والولايات المتحدة، الأمر الذي ساهم في توجيه أنظار الدول الأوروبية إلى أهمية الموقع الإستراتيجي الذي تتمتع به منطقة القرن الأفريقي، وأن يصبح البحر الأحمر وبكل مميزاته وخصائصه الجيوبوليتيكية آخر محاور الصراع الدولي وملتقى أهم نقاط الحكم الإستراتيجي باعتباره حامل البترول ومعبر التجارة الأساسية ومجال تدفق القوى العسكرية ما بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود والمحيط الأطلنطي وبين المحيط الهادي والهندي.

ولهذه المميزات الإستراتيجية ارتبط القرن الأفريقي بالبحر الأحمر جنوبا، مثلما ارتبط قناة السويس شمالا ارتباطا عضويا ومصيريا وعسكريا وسياسيا واقتصاديا، فإن كلا منهما له مميزاته الحاكمة وخصائصه المميزة المحددة حتى أصبح محط أنظار المخططين السياسين والعسكرين وموضع اهتمام واضعي القرار السياسي، ومحور صراعات معقدة بين القوى الدولية المتصارعة وكذلك القوى المحلية والإقليمية المتنافسة.

طرق التجارة

يعد البحر الأحمر وخليج عدن المطل على أجزاء من الصومال من أهم الطرق لتجارة الدول العربية، وبالذات لتجارة دول عربية كبرى، مثل مصر والسعودية رغم ما لهذه الدول من بدائل وإطلالة على بحار أخرى كالبحر المتوسط بالنسبة لمصر والخليج بالنسبة للسعودية وأن 30٪ من الملاحة البترولية تمر بالبحر الأحمر، وبالتالي فإن أي ارتباك في الملاحة في خليج عدن يؤثر سلبيا بشكل واضح على مصالح تلك الدول، وخاصة دول الخليج العربي التي يمر جزء كبير من صادراتها البترولية إلى أوروبا عبره.

وفي ضوء هذه المعطيات يمكن القول إن البحر الأحمر ومنطقة الصومال يصبحان ممرا مهما بالنسبة لكل من الدول الخليجية ومصر والعراق.

اهتمام دولي

رغم المشكلات المختلفة التي كانت ولا تزال تعاني منها منطقة القرن الأفريقي والصومال على وجه الخصوص، إلا أنها تحظى باهتمام كبير من جانب القوى الفاعلة في النظام الدولي، بل وبشكل مختلف عما كان عليه الحال في أيام الحرب الباردة ولعل ذلك يرجع إلى عدة اعتبارات أبرزها، الموقع الإستراتيجي الهام للمنطقة، والذي جعلها تتحكم على منافذ بحرية هامة هي البحر الأحمر، وخليج عدن والمحيط الهندي، التي هي طرق التجارة الدولية وطرق نقل البترول من الخليج العربي إلى أوروبا الغربية والولايات المتحدة، ولم تمنع الأزمات السياسية والعرقية والمشكلات الاقتصادية والأمنية التي تعصف بمنطقة القرن الأفريقي، عددًا من الدول أخذ زمام المبادرة والعزم على إيجاد موطئ قدم في الصومال التي تتلمس في الآونة الأخيرة، الاستقرار على وقع وضع سياسي وأمني هش.

في السنوات الأخيرة، أبرزت مشكلة القرصنة أهمية سواحل منطقة القرن الأفريقي وجعلت السواحل الصومالية موضع اهتمام العالم والدول الكبري بعد أن باتت سفنها العملاقة العابرة للمحيط الهندي ومضيق باب المندب مهددة نتيجة قراصنة صوماليين مدججين بأسلحة خفيفة حتى قررت الدول الكبرى تدويل الأزمة حيث تم استصدار قرارا من مجلس الأمن الدولي بشأن استقرار الصومال والقرصنة قبالة سواحلها يعطي الدول الكبرى حق التدخل في الصومال. ونشرت دول كبرى، مثل: الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين وإيران وكوريا الجنوبية قوة جوية وبحرية إلى قبالة السواحل الصومالية مهمتها بحسب مجدي كامل، مؤلف كتاب قراصنة الصومال: إسرائيل … ومسمار جحا، حماية الممرات البحرية جنوبي البحر الأحمر حتى أضحى اليوم خليج عدن والمحيط الهندي قبالة سواحل الصومال ملتقى السفن الحربية للدول الكبرى، مؤكدا أن حقيقة الوجود العسكري في تلك المنطقة لم يكن سوى مقدمة لتدويل البحر الأحمر خدمة لمشروع إسرائيلي قديم قوبل برفض عربي.

المشروع الإيراني

وكذلك كشف الحرب الدائرة في اليمن في الشهور الأخيرة، والجهود العربية الجارية لدعم الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، عن إستراتيجية موقع الصومال ومنافذها البحرية للتحالف العربي، والحرب ضد المشروع الإيراني، التي اكتسبتها من أهمية البحر الأحمر والقرن الأفريقي، ما أماط اللثام عن حقيقة الفرضية التي تقول: لو كان الوضع في الصومال مختلفا عما هو عليه الآن من أزمات وضعف في الإمكانيات العسكرية واللوجستية للعبت الصومال دورا كبيرا في كبح جماح المشروع الإيراني في المنطقة بعد أن ظل دورها العسكري والسياسي مقتصر على التصريحات ومشاركة المؤتمرات واللقاءات الرسمية ولأصبحت سندا قويا للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الذي يقاتل من أجل دحر الحوثيين وعودة الحكومة الشرعية اليمنية إلى العاصمة صنعاء. كان بإمكان الصومال أن تفتح مجالها الجوي والبحري أمام قوات التحالف العربي في اليمن وأن تسمح لها بقواعد عسكرية في المناطق الساحلية الإستراتيجية كمدينتي بربرة وزيلع القريبتين لمدينة عدن اليمينة، ومدينة بوساسو القريبة لمدنية المكلا ما يجعل الحوثيين وقوات صالح بين فكي كماشة ومهددة من الجنوب والشمال.

التجارة والاقتصاد

تشتهر الصومال بتوفر الموارد الطبيعية فيها، حيث يتوفر لديها كم كبير من احتياطي الغاز الطبيعي والنفط، بالإضافة لذلك فهي غنية بالحديد، والجبس، والقصدير، والنحاس، والملح، وتتميز الزراعة في الصومال بأنها من أكبر المجالات الاقتصادية، حيث تشتهر بوجود ثروة حيوانية ضخمة فيها، ومن أهم صادراتها: اللحوم، والأسماك، والمنتجات الزراعية، بالإضافة إلى ذلك السكر، والموز، والذرة، كما أن الصومال تعد أكبر مستودع للمستكة والمر حيث تصدرهما على مستوى العالم إلى معظم الدول، وتعمل على تصدير المواشي والأغنام من الحيوانات.

تتميز الصومال بضعف قطاع الصناعة فيها، حيث تقتصر الصناعة فيها على تعليب المنتجات الزراعية وجعلها مجهزة للتصدير، وبالتالي يوجد لها نصيب ضئيل من الناتج القومي، حيث لا تتجاوز أكثر من 10% من إجمالي الناتج المحلي، ويعود السبب في ذلك بأنها لا زالت تعاني من آثار الحرب الأهلية.

أنشأت في الصومال شركات طيران خاصة التي لعبت دورًا كبيرًا في خفض سعر وسيلة النقل هذه، بالإضافة لذلك فقد تطور قطاع الأعمال بفضل اعتماد هذا القطاع على المواطنين الصوماليين الذين يقطنون خارج البلاد، مثل المحطات الإذاعية الخاصة، وشركات الهاتف المحمول، ومقاهي الإنترنت، وفي السنوات الأخيرة تم افتتاح مصنع للتعليب في العاصمة مقديشيو الذي يتبع لشركة كوكاكولا العالمية الأمر الذي يؤكد على ثقة الشركات العالمية بالمناخ الاستثماري المتاح في الصومال في الوقت الحاضر.

ويوجد في الصومال شركات لتحويل الأموال التي لقيت إقبالا كبيرا ورواجًا في الوقت الحاضر الأمر الذي جعل هذه الشركات تدر ما يقارب ملياري دولار سنويًّا للصومال عن طريق التحويلات الخارجية من المواطنين الصوماليين الذين يقطنون في الخارج.

قاعدة تركية

ومع غياب الحضور العربي، كشفت صحيفة "ديلي صباح" التركية، في شهر مارس الماضي، أن أنقرة تستعد لفتح أكبر قواعدها العسكرية في الخارج، في العاصمة الصومالية "مقديشو"، لتدريب الجيش الصومالي مساهمةً في تقوية الأمن وتعزيز الاستقرار في البلاد.

وبحسب الصحيفة وقتها، تشرف قوات تركية على تدريب الجيش الصومالي وقوات أخرى من عدة دول أفريقية، في القاعدة العسكرية التركية الجديدة التي كلف إنشاؤها قرابة خمسين مليون دولار وتتسع لما يزيد عن ألف جندي، وتضم ثلاث مدارس عسكرية.

ولا شك أن أهمية الصومال بالنسبة لتركيا تعود لما تحظى به تلك الدولة التي تعاني من حروب أهلية منذ التسعينيات، من موقع إستراتيجي على البحر الأحمر ومضيق باب المندب وكونه ممرا رئيسا للطاقة والتجارة الدولية وكذلك تجاور الصومال إثيوبيا ذات الأهمية الكبيرة خاصة فيما يتعلق بالمياه ومنابع نهر النيل ولهذا اهتمت تركيا كثيرا بالصومال حيث كان أردوغان أول رئيس وزراء تركي يزور الصومال خلال عقدين وكان ذلك في 2011 وعاد ليزورها في يناير 2015 وجاءت زيارته الثالثة كرئيس للبلاج في أبريل الماضي لبسط نفوذه العثماني على دول عربية مختطفة لصالح مشاريع مختلفة.
Advertisements
الجريدة الرسمية