دماء على القضبان!

لم يكن تغيير سيارات وتكييفات ومكاتب المسئولين بهيئة السكة الحديد هو التطوير المنشود لمرفق من أهم المرافق المرتبطة بحياة المواطنين وسلامتهم، وكذلك لم يقصد بالتطوير أن تقوم الهيئة بتجديد مبانى المحطات وإعادة تركيب السيراميك وأعمال النقاشة والدهان!

مئات الملايين رُصدت لعملية تطوير السكك الحديدية على مدار أكثر من 20 عاما لم توجه لإيجاد حلول لتهالك البنية الأساسية وعربات القطارات، نعم هناك نقص في قطع الغيار وتهالك السيمافورات والإشارات وتعطل في أجهزة التتبع.

للأسف التطوير الذي اهتمت به الهيئة صب في اتجاه المباني والمحطات ومكافآت أصحاب الياقات البيضاء في الوقت الذي كانت تتآكل فيه البنية التحتية مثل الجرارات والقضبان والفلنكات والسيمافورات.

مع كل حادثة قطار نتذكر أوجه الفساد المختلفة المتعلقة بالسكك الحديدية فما زال الحديث متصلا عن صفقة جرارات وزير النقل الأسبق محمد منصور التي قام فيها بشراء 120 جرارا من الولايات المتحدة الأمريكية بتكلفة قرابة 2 مليار جنيه في 2009 والتي تم تشغيلها لمدة 9 أشهر فقط ثم اتضحت عيوبها الفنية بما حدا بالعودة لاستخدام الجرارات الألمانية التي استوردتها الحكومة من سبعينات القرن الفائت!

كما نتذكر رفض الجانب المصرى متمثلا في حكومة عاطف عبيد للمعونة السويدية التي تمثلت في قطارات لأن أحد المستشارين آنذاك طلب من الجانب السويدي أن تكون المعونة في صورة منح مالية أو أن يتم استقدام القطارات عن طريق شركته بالسويد بما حدا بالجانب السويدى بالاعتذار!!

نعم ليس غريبًا أن نسمع أن التطوير الشامل لمرفق السكك الحديدية يتطلب 45 مليار جنيه لأن تراكم الإهمال في هذا المرفق يضرب بجذوره عشرات السنين.

عشرات الحوادث لا تغيب عن البال خاصة على خط الصعيد خاصة حوادث البدرشين والعياط وتفحم أكثر من 300 من المصريين في 2002.

ما زلت أتذكر دموع أهالي منفلوط على فلذات أكبادهم جراء تصادم القطار بعربة المدارس أتذكر دموع سعد الشلح على ابنه الوحيد وكذلك دموع العم حسين على نجله الوحيد هشام فكم خلفت حوادث القطارات من مآس يشيب لها الولدان!

سمعنا كثيرا عن برامج التوءمة والبروتوكولات مع جهات أجنبية ولكن لم نر إلا الدماء التي تُسال على القضبان وإن كان الأمل يغازلنا أن نجد حلولا جادة بشراكة أجنبية أو إدخال الخصخصة في منظومة السكك الحديد بضوابط جادة تضمن توازنا بين جودة الخدمة وأسعار مناسبة.