رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ليلة تحطيم التلغراف


اقترب عيد الأضحى وهو الموسم المفضل لعدد من نجوم السينما لطرح أعمالهم وهي فرصة ليتم عرض المقال بطريقة الأفلام مع الاكتفاء بأربعة مشاهد فقط.


المشهد الأول.. لا أعرف أيهما أكثر حماقة جندي روماني لم يذكر التاريخ اسمه أم الجنرال الأمريكي جوزيف هوكر.. كان الأول متجهًا مع الوفد الروماني لبدء المفاوضات مع القبائل البربرية التي بدأت النزوح نحو الأراضي الرومانية حينما أطلق سهمًا من تلقاء نفسه ليظن الطرفان بالخطأ أن الحرب قد بدأت فتنهال السهام وتبدأ المعارك التي انتهت بمقتل الإمبراطور الروماني فالنس في نهاية القرن الرابع الميلادي.

المشهد الثاني.. مر أكثر من ألف وربعمائة عام لينسى الجميع هذا الجندي وتشغلهم فقط أحداث معركة شانسيلورفيل في الحرب الأهلية الأمريكية، ورغم ثقة الاتحاد في القائد العام للجيش الجنرال جوزيف هوكر واعتقادهم بمقدرته على هزيمة قائد الانفصاليين الجنرال روبرت لي، خاصة مع تفوقهم عسكريًا إلا أنه خذلهم.. كان الاتحاد قد أرسل أحدث أجهزة التلغراف إليه لتساعده في سهولة التواصل مع جنوده إلا أن الجنرال هوكر رفض استخدامها باعتبارها تكنولوجيا حديثة لم يعتد عليها بل قرر في لحظة غضب أن يحطم أجهزة التلغراف ليثبت عدم حاجته لها ولكن بعد اندلاع المعارك انفصل جيش هوكر لقسمين، وبات من الضروري أن يكون هناك وسيلة اتصال بينهما لتلقي الأوامر وفي غياب التلغراف انهزم هوكر رغم ضعف جيش خصمه لتتم إقالته بعدها.

المشهد الثالث.. يتم تعريف القوة بأنها كل مؤثر يتسبب في تغييرات بالحالة أو الاتجاه أو الحركة وإذا طبقنا التعريف على وسائل التواصل الاجتماعي لوجدنا أنها من أهم مراكز القوة الإعلامية القادرة على إحداث التغيير، فمجرد تدوينة قد يكتبها أحدهم بطريقة بارعة -محتوية على معلومات صادقة أو شائعات أو خليط بينهما- يمكن أن تصبح بمثابة سهم الجندي الروماني الكفيل بأن يتبعه بقية الجنود في إطلاق السهام ظنًا منهم أن الحرب قد بدأت ولكنها معارك جديدة لا يموت بها الأباطرة، ولكن تتضرر بسببها سمعة المؤسسات والشركات والشخصيات العامة ويتم ترجمة نتائجها في خسائر سياسية أو مادية لأطراف محددة على حساب أخرى مستفيدة..

وخلال السنوات القليلة الماضية استطاعت وسائل التواصل الاجتماعي أن تساهم في إقالة عدة وزراء، ومحاسبة مسئولين آخرين، وتقليل حظوظ بعض الشخصيات العامة في الوصول لمناصب مرموقة، بجانب إيقاف عدة برامج فضائية شهيرة والتأثير في مبيعات شركات كبرى وذلك استنادًا إلى حقائق في بعض الأحيان أو ارتكازًا على اجتزاء ومبالغة وتحقيق لمصالح شخصية في مرات أخرى.

المشهد الرابع.. وسائل التواصل الاجتماعي تعد فرصة مجانية للاستدلال على اتجاهات الرأي العام لشريحة مؤثرة من الجمهور، والمحتوى المنشور عليها قادر على تجاوز حدود الإعلام الجديد والوصول إلى البرامج التليفزيونية وصفحات الجرائد مؤثرًا في شريحة أخرى من الجمهور، مما يؤكد مقدرة هذه الوسائل على تشكيل الصورة الذهنية الإيجابية أو تدميرها ويعني بالضرورة حاجة الشخصيات العامة والمؤسسات للبدء في بناء استراتيجية لإدارة سمعتهم وصورتهم الذهنية عبر هذه الوسائل وبالتالي إيجاد القدرة على حمايتهم من الأزمات وأيضًا دراسة الفرص المتاحة لهم واقتناصها لأن الرافض لاستخدام التكنولوجيا أو المتخوف منها سيكون مصيره مماثلًا لنهاية الجنرال هوكر.

Advertisements
الجريدة الرسمية