رئيس التحرير
عصام كامل

السيسي وعملية استعادة أفريقيا!


المشهد الأول:
كان قد عاد للتو بعد زيارة إلى غرب أفريقيا.. وخطب أمام الصحفيين وعدد من وزرائه وقال:
لقد رجعت هذا الصباح من أفريقيا من مؤتمر دول غرب القارة، حيث تم استقبالي بحفاوة بصفتي رئيسًا لحكومة إسرائيل، واجتمعت هناك مع قادة أعلنوا: "نريدكم.. نقدر قوتكم"!


المتحدث هو نتنياهو.. وكان ذلك في يونيو الماضي.. وهذا يؤكد خطورة الموقف في أفريقيا، خصوصا أن نتنياهو أكد في باقي حديثه أن زيارته وعلاقاته لم تكن ممكنة قبل خمسين عاما!

المشهد الثاني:
كان الرئيس قد أصيب بحالة إعياء كبيرة.. ومحيرة حتى إنه أصيب بإغماءة مفاجئة ومتكررة.. حتى بلغت الحالة للسفارة الأمريكية التي طلب سفيرها على عجل لقاء مسئول رفيع مقرب من الرئيس.. ونصحه بأن الحالة التي يعاني منها الرئيس لها علاج فعال في إسرائيل! وأنه يمكنه أن يرتب سفر الرئيس وعلاجه! فوافق الجميع.. وسافر الرئيس وعاد ليؤسس بعدها لعلاقات قوية مع دولة العدو الإسرائيلي!
الرئيس هو "اسياسي افورقي" رئيس أرتريا! والتوقيت بعد سنوات قليلة من استقلال أرتريا عن إثيوبيا عام 1991.. أما الآن فالحديث عن قاعدة عسكرية إسرائيلية هناك وتعاون عسكري!

المشهد الثالث:
علاقات جيدة ومتميزة بين إسرائيل وإثيوبيا! حتى بلغت حد التسليح والحديث أيضا عن تواجد عسكري هناك! والسؤال الذي يقفز فورا إلى الأذهان: كيف استطاعت إسرائيل أن تلتقط رئيس إحدى الدول الأفريقية وكانت مرشحة للانضمام للجامعة العربية وعلاجه هناك هكذا، بينما الخارجية المصرية تتفرج؟ والسؤال الأخطر: كيف تتقاتل أريتريا وإثيوبيا بينما إسرائيل تقيم علاقات جيدة مع كليهما؟!

المشهد الرابع:
إسرائيل تبني مجمعات صحية وطبية ومنشآت رياضية وغيرها من الأنشطة الاجتماعية في العديد من الدول الأفريقية، وبالتالي فهي تكسر حاجز السمعة السيئة كدولة مجرمة.. وهذا ومعه كل ما سبق لا يتم بين يوم وليلة.. بل هو حصاد سنوات طويلة من النشاط ومن خيبة الحكومات المصرية في أربعين عاما.. لأنه حتى اللحظة يوجد من لا يعترف بالتقصير في العلاقات مع أفريقيا التي لا توجد دولة فيها تخلو من ميدان أو شارع رئيس أو أكثر أو جامعة أو منشأة كبرى باسم الزعيم جمال عبد الناصر.. فكيف بلغ الحال إلى الحالة التي شرحنا جزء صغير جدا جدا منها؟ أن لم يكن إهمال جسيم قد جرى.. يصل إلى حد الجريمة السياسية بحق مصر ومصالحها وأمنها القومي!

الآن يمكنكم فقط فهم الجهد الذي تبذله مصر الآن والرئيس السيسي بنفسه ومندوبه الدائم في أفريقيا المهندس إبراهيم محلب.. أما أن يسافر الرئيس مرة ومحلب مرة.. أو مرات ومرات لكلا منهما.. أو استقبال دائم لمسئولين أفارقة في مصر.. بكل جهد ممكن لتعويض سنوات طويلة من الإهمال في سنوات أقل منها.. أما التفاصيل فتحتاج مقالا آخرا.. ربما كان قريبا جدا..
الجريدة الرسمية