رئيس التحرير
عصام كامل

رئيس «الاستشاري للخبراء العقاريين»: وزارة الإسكان تحولت لـ «تاجر» يشعل أسعار العقارات والأراضي

فيتو

  • أطالب الحكومة بتشكيل لجان لتقييم وتسعير أراضي الدولة قبل طرحها بالسوق 
  • إهدار مليارات الجنيهات بسبب التقييم العشوائي لأصول الحكومة
  • لجان التسعير بوزارة الإسكان مشكلة من موظفين ليست لديهم الدراية الكاملة بالتقييم
  • بعض الشركات العقارية رفعت الأسعار 30% بعد أسبوعين فقط من من قرار تعويم الجنيه
  • السياسة النقدية وراء هوجة الأسعار والاقتصاد الورقي لا يقيم اقتصاديات دول
  • زيادة أسعار الفائدة ستساهم في زيادة الإيداعات بالبنوك ولكن ستضرب الاستثمار
  • %50 ارتفاعا في أسعار العقارات بسبب قرارات الحكومة

طالب المهندس أبو الحسن نصار رئيس المركز الاستشاري للخبراء العقاريين والمحكمين الدوليين، عضو الهيئة العربية للتحكيم الهندسي، الحكومة بتشكيل لجان تابعة لمجلس الوزراء لتقييم وتسعير أراضي وزارة الإسكان قبل طرحها بالسوق، وانتقد ارتداء الوزارة ثوب التاجر والتعامل بعقليته في طرح الأراضي وتسعيرها بما أشعل الأسعار بالسوق العقارية.
وأكد، خلال استضافته في صالون "فيتو"، على أهمية إعادة تقييم أراضي الدولة المخصصة خلال عهد وزير الإسكان السابق إبراهيم سليمان، بهدف استرداد حقوق الدولة، وانتقد إهدار الدولة مليارات الجنيهات نتيجة عدم الاستعانة بخبراء التقييم والمتخصصين في تسعير أصول الدولة.. وإلى نص الحوار:


* في البداية ما تقييمك للسوق العقاري المصري بعد قرارات الإصلاح الاقتصادي؟
السوق حاليا يعاني مرحلة ارتباك عقاري لأسباب خارجة عن طبيعته، وهي نتيجة لقرارات الحكومة والبنك المركزي وخاصة في ضوء استمرار ارتفاع معدلات التضخم والذي أدى لتراجع القوى الشرائية بالسوق.
وارتفاعات الأسعار أدت إلى حالة ركود تضخمي في حركة البيع والشراء بالسوق العقاري، ونأمل حدوث انفراجة في السوق خلال موسم الصيف الحالي مع عودة المصريين بالخارج والعرب الراغبين في شراء عقارات بمصر، وعادة يشهد شهرا أغسطس وسبتمبر فترة رواج للسوق العقاري، ونأمل أن يتحقق ذلك خاصة بعد قرار تحرير أسعار الصرف وتراجع قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية والعربية الأخرى، ولذلك فهي تعد فرصة جيدة للشراء للعرب والمصريين العاملين بالخارج.

* وما توقعاتك لحركة الأسعار في ضوء القرارات الأخيرة؟
بعض الشركات العقارية رفعت الأسعار بنسبة 30% بعد أسبوعين فقط من من قرار تعويم الجنيه، وذلك للوحدات المطروحة للبيع، خلاف المشروعات الجاري إنشاؤها، ووصلت نسبة ارتفاع الأسعار لـ50% حاليا مقارنة بما كانت عليه خلال أغسطس 2016، خلاف الزيادات المنتظرة للوحدات تحت الإنشاء بسبب زيادة تكلفة التنفيذ وارتفاع أسعار مواد البناء ومنها الحديد، والذي ارتفعت أسعاره من نحو 6 آلاف جنيه للطن إلى 11 ألف جنيه، واستمرار زيادة معدلات التضخم ستدفع بالأسعار لارتفاعات جديدة.

* وكيف ترى قرار البنك المركزي برفع أسعار الفائدة أكثر من مرة وتأثيرها على السوق العقاري؟
للأسف الشديد الحكومة تتعامل مع الأمور وفق سياسات نقدية بحتة وليس سياسات اقتصادية شاملة، وتلك السياسات ستضر بحركة الاستثمار بشكل كبير وفي كل القطاعات وليس العقارات فقط، ورفع الفائدة لـ20% يشجع المواطنين لإدخار أموالهم بالبنوك والإحجام عن الاستثمار بالسوق وعدم الدخول في أي مخاطرة أو مشكلات العمل بالسوق، وهذه السياسات ستساهم في زيادة الإيداعات بالبنوك ولكن ستضرب الاستثمار، ولذلك لا بد من علاج الأمور وفق منظومة اقتصادية شاملة.

* ولكن يردد مستثمرو القطاع بأن العقارات ستظل الاستثمار الآمن للمصريين؟
بالمقارنة بين أوضاع القطاعات الاستثمارية المختلفة سواء الصناعية أو الزراعية أو العقارية، يمكن التأكيد على أن العقار بالفعل هو الاستثمار الآمن للمصريين، والأقل مخاطرة، وهناك طلب حقيقي عليه بالسوق نتيجة وجود عجز متراكم منذ عشرات السنوات في الوحدات العقارية، وعلى الحكومة تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في القطاع العقاري لتوفير المطلوب بالسوق، كما أن القطاع يرتبط بنحو 100 حرفة ومهنة أخرى ويجر وراءه قطاعات كبيرة، ولكن على النقيض من ذلك فالاستثمار الصناعي يواجه الكثير من الأزمات وهناك آلاف من المصانع المتوقفة عن العمل والمغلقة والمتعثرة، علاوة على أنها تواجه منافسة شرسة من المنتجات المستوردة في ظل عدم حماية المنتج الوطني بالشكل المطلوب خلاف ارتفاع تكلفة الإنتاج، ولذلك على الدولة اتخاذ حزمة من الإجراءات السريعة لدعم المنتج المحلي والصناعة الوطنية وعلى البنوك أيضا دعم هذه المصانع ومنحها قروضا ميسرة بفترات سماح كبيرة تصل لـ5 سنوات بهدف إصلاح القطاع الصناعي لأن تقوية الاقتصاد الإنتاجي تدعم الجنيه.
والاستثمار الزراعي ليس بأفضل حال من الصناعة، حيث يعاني الكثير من المشكلات وهناك أزمات كثيرة تواجهه ومنها وقف تصدير الكثير من المنتجات الزراعية نتيجة استخدام المبيدات والري بمياه الصرف، ولا بد من طرح المزيد من التيسيرات للمستثمرين الزراعيين، وعلى الحكومة أن تعي جيدا أن الاقتصاد الورقي لا يقيم اقتصاديات وطنية، ونحتاج لاقتصاديات إنتاجية حقيقية ولذلك سيظل الاستثمار العقاري الأكثر استقرارا.

* ما رأيك في طروحات وزارة الإسكان سواء على مستوى الأراضي أو الوحدات السكنية؟
الأهم من طروحات الأراضي هو آليات طرحها بالسوق، وعلى وزارة الإسكان التخلي عن دور التاجر في الأراضي، والتركيز على تنميتها وتعميرها، ومنذ 2007 فوجئنا بأن وزارة الإسكان طرحت الأراضي بنظام المزاد العلني، وقادت ارتفاعات الأسعار بشكل كبير وتعاملت مع الأراضي بعقلية التاجر ومن المعروف أن المزادات وسيلة لتعظيم الإيرادات المالية، ولكن دون الاهتمام بتداعيات ذلك الأمر على السوق بما أدى لهوجة غير مسبوقة في الأسعار، وقادت الوزارة قاطرة رفع أسعار الأراضي، وعلى الحكومة ووزارة الإسكان نزع جلباب تاجر الأراضي لأنها تقوم بدور مجتمعي في الأساس.

* كيف ترى آليات تسعير الأراضي بوزارة الإسكان؟
لا بد من تشكيل لجان مستقلة من خبراء التقييم العقاري تتبع رئيس مجلس الوزراء وليس وزير الأسعار بهدف تقييم وتسعير الأراضي قبل طرحها بالسوق وفقا للمعايير الدولية للتقييم، ووقف لجان التسعير بوزارة الإسكان لأنها مشكلة من موظفين غير متخصصين وليست لديهم الدراية الكاملة بالتقييم، وغير مؤهلين لأداء تلك المهمة، وفي عام 2016 أصدرت هيئة الرقابة المالية معايير للتقييم العقاري ولا بد من استخدامها وتطبيقها وهناك 1200 خبير ومتخصص في التقييم العقاري بمصر لا بد من الاستعانة بهم في لجان تقييم كل أراضي الدولة.
كما أن هيئة الخدمات الحكومية تقوم بتقييم الأصول العقارية لصالح كل الجهات الحكومية وتستعين بموظفين غير مؤهلين بما يؤدي لإهدار مليارات الجنيهات على الدولة من خلال تقييم أراض بأقل من قيمتها الحقيقية سواء عن طريق التواطؤ أو الجهل بمعايير التقييم.
ولا بد من إعادة تقييم أسعار أراضي الدولة المخصصة خلال عهد وزير الإسكان السابق إبراهيم سليمان، حيث إن تلك الفترة شهدت إهدار مليارات الجنيهات على الدولة نتيجة إجراءات تخصيص الأراضي بنظام الأمر المباشر وبأبخس الأسعار، ولا بد من إعادة تقييم تلك الأراضي بأسعار السوق وقت تخصيصها بهدف تحديد القيمة الحقيقية والعادلة لها واسترداد حقوق الدولة، وذلك بواسطة الخبراء المتخصصين في التقييم العقاري بالمعايير الدولية على أن تتبع هذه اللجنة رئيس الوزراء لتحقيق الاستقلالية بهدف تحديد الفروق المالية بين القيمة التي خصصت والقيمة السوقية الحقيقية وقت التخصيص أو البيع.
كما أن أول طرح للأراضي للعاملين بالخارج شهد مبالغة كبيرة في تقييم أسعار الأرض، نتيجة تقييمها من جهات غير مختصة، بما أدى لتطفيش المواطنين عن الإقبال عليها.

* وماذا عن آليات تقييم العقارات لتطبيق الضريبة العقارية؟
آليات تقدير وتقييم العقارات الخاضعة للضريبة العقارية، غير سليمة بالمرة، وأهدرت مليارات الجنيهات، وكان من المتوقع تحصيل 4 مليارات جنيه من الضريبة العقارية ولكن مصلحة الضرائب جمعت مليار جنيه فقط نتيجة التقدير الجزافي والعشوائي لقيمة العقارات والدخول في لجان طعون كثيرة بسبب سوء التقدير، خلاف إنفاق الكثير من الأموال على آلاف من الموظفين غير المؤهلين أعضاء لجان الحصر والتقدير والطعون التابعة لمصلحة الضرائب العقارية.
ويجب إلغاء دور الموظفين الحكوميين في تقدير القيمة السوقية للوحدات العقارية بغرض تحديد الضريبة العقارية المستحقة عليها نظرا لأنهم غير مؤهلين علميا ولا عمليا للقيام بهذه المهمة، حيث إن ذلك أدى إلى عدد ضخم من الطعون على تقديراتهم لأنها جزافية وغير ممثلة لحقيقة قيمة الوحدات العقارية وخاصة المنشآت الكبيرة كالمصانع وغيرها واستبدالهم بالخبراء المتخصصين في التقييم العقاري.

* هل الحكومة نجحت في حل أزمة الإسكان؟
في الحقيقة أزمة الإسكان نعاني منها منذ عقود، وهي نتيجة تراكمات منذ عشرات السنين والحكومة لا تملك العصا السحرية، ولكن علينا طرح سؤال هل الحكومة تسير في اتجاه حلها أم لا؟، ولا بد للحكومة فتح الباب للقطاع الخاص والتيسير عليه لإنشاء احتياجات السوق من الوحدات السكنية من خلال طرح الأراضي المطلوبة وبأسعار ميسرة، وهناك ملاحظة يجب النظر لها وهي تركيز وزارة الإسكان على طرح الأراضي على الشركات وتنفيذ الإسكان الفاخر بالرغم من أنه لا يمثل أكثر من 10% من الاحتياجات الإجمالية للسوق، وتركيز القطاع الخاص على هذه الشريحة من الإسكان وراء وجود 10 ملايين وحدة سكنية مغلقة، لأن هذه الشريحة تملك العقارات وهي ليست في حاجة لها ويتم إغلاقها، والإسكان المتوسط ومحدودي الدخل هو الأكثر طلبا بالسوق، ولا بد من وزارة الإسكان إعادة النظر في نوعية الأراضي المطروحة بالسوق ومراعاة حجم ونوعية الطلب بالسوق لتلبية احتياجات مختلف الشرائح من المواطنين، وفقا لخريطة الطلب الحقيقي بالسوق.
ولا بد من الالتزام بمعايير التنمية المستدامة في طروحات وتنمية الأراضي، لحفظ حقوق الأجيال القادمة بحيث يتم مراعاة حقوق الأجيال القادمة في تلك الأراضي وترك مساحات من الأراضي للمستقبل وخاصة في المناطق محدودة الامتداد، ونطالب مسئولي التخطيط العمراني بمراعاة ذلك الأمر.
الجريدة الرسمية