رئيس التحرير
عصام كامل

يحيى حقي يكتب: الزي الشعبي في مصر

الكاتب والروائي يحيي
الكاتب والروائي يحيي حقي

في مجلة الهلال عام 1982 كتب الأديب يحيى حقي مقالا قال فيه:

الشباب المثقف الذي يحب وطنه هو الذي يتلهف على الإحاطة بتاريخه خاصة في العصر الحديث الذي ينتمي إليه، وأعرض هنا صورا تشهد بما ترى على أمتنا من أثر وقوع الحضارة الغربية عليها بدءًا من عصر محمد علي.


أحب أولا أن أتأمل الصور التي رسمت لبعض أطباء القاهرة كما كانت قديمة، قصر عابدين مثلا قبل أن يحاط به سور حديد، حديقة الأزبكية وكشك الموسيقى زمان، الزمالك وليس بها بيت يعلو عن طابقين أو ثلاثة.

لنتأمل عمامة محمد علي وطربوش إبراهيم ثم سعيد وإسماعيل، وطربوش نوبار باشا ثم طربوش توفيق الحكيم الذي كان يلبسه وقت كان زميلي بمدرسة الحقوق قصير جدا.

كم عدد العمائم التي حضرت افتتاح قناة السويس؟ تدل الصور على أنها استبدلت بالطرابيش.

أما زي الناس في الشوارع فكان خليط لأحد له، لكن الزي الغالب كان الجلابية المقلمة وغير المقلمة، وعلى الرأس طاقية من نفس قماش الجلابية على شكل قمع وقد تكون بيضاء مزهرة حتى إن هناك أغنية تقول (الغاوي ينقط بطاقيته ) و(يابو الطاقية مزهرة).
وعلى الجلابية أحيانا "زاكيتة" أو معطف من القماش، وهناك القفطان الأزهري وفوق الرأس عمامة وأحيانا طربوش، ولا أعرف إلا رجلا لبس البرنيطة هو محمود عزمي مندوبنا في الأمم المتحدة.

تمسك المصريون بالطربوش وتمسك به الملك فؤاد حتى في رحلاته، أما طلبة المدارس فارتدوا البرنيطة حال سفرهم إلى أوروبا، وارتدى الوفد المصري إلى باريس البرنيطة أيضا، وارتدى الشيخ محمد عبده البرنيطة وهو على ظهر سفينة مسافرا.

جاءت ثورة يوليو فألغت غطاء الرأس أسوة بمصطفى كمال أتاتورك الذي ألغى الطربوش وأصدر قانونا بإعدام من يلبسه، وأصبح الزي الغالب لأبناء المدارس بنطلون وقميص نصف كم والرأس عار، وفي أوروبا يلبسون "الكاسكيت " وارتدت الطبقة الوسطى برنيطة من الجوخ.

كرنفال في مصر وكرنفال في أوروبا ولكن أتمنى إنشاء متحف عندنا للأزياء يسجل تطور الزي الشعبي فيها.
الجريدة الرسمية