رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ألم يكن لنا في قطار البدرشين عبرة؟!


منذ أن أعلنت هيئة السكك الحديدية اصطدام قطار «رقم ١٣» إكسبريس (القاهرة- الإسكندرية) بمؤخرة قطار «رقم ٥٧١» (بورسعيد- الإسكندرية) بالقرب من محطة خورشيد على خط (القاهرة- الإسكندرية) مما أدى إلى وقوع إصابات بين الركاب، بحصيلة مبدئية 41 متوفيا و132 مصابا، واتشحت وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي بالسواد وتحولت لمواقع «ندب» وعويل، ولم يتطرق أحد إلى توجيه اللوم المباشر للسادة المسئولين، هؤلاء الذين لم يتعلموا من أخطاء الماضي.


سيدي المسئول ألم يكن لكم في قطار البدرشين عبرة؟! جملة عابرة أطلقها الفنان الراحل أحمد زكي من خلال أدائه دور المحامي الذي رفع قضية «ضد الحكومة»، في مرافعته الشهيرة، قائلًا: «كلنا فاسدون لا أستثني أحدًا»، فهلا وجدنا ذلك المحامي، ليطالب المسئول عن تلك الكارثة بالوقوف أمام منصة القضاء؛ لينال جزاء تقصيره؟! فهل نجد من يعلنها صراحة ليقول: «كل ما أطالب به أن نصلي جميعا صلاة واحدة لله الواحد إله العدل الواحد الأحد القهار، فلست صاحب مصلحة خاصة، وليست لي سابق معرفة بالشخوص الذين أطلب مساءلتهم، ولكن لدي علاقة ومصلحة في هذا البلد، لدي مستقبل هنا أريد أن أحميه أنا لا أدين أحدا بشكل مسبق، ولكني أطالب المسئولين عن هذه الكارثة بالمثول أمامكم فهل هذا كثير؟ أليسوا بشرًا خطائين مثلنا أليسوا قابلين للحساب والعقاب مثل باقي البشر!!.. سيدي الرئيس، أنا ومعي المستقبل كله نلوذ بكم ونلجأ إليكم فأغيثونا.. أغيثونا».

قد يرى البعض من خلال قراءة سطوري السابقة، أني أصب جام غضبي على المسئولين دون مبرر أو دون وجود سند قانوني يثبت مسئولية مباشرة من السادة (وزير النقل والمواصلات – السيد مسئول السكة الحديد – أو حتى رئيس مجلس الوزراء)، عن الحادث، ولكن ما يدفعني للمطالبة بمثولهم أمام منصة القضاء كمتهمين، ليس فقط لتقصيرهم لكن لتغافلهم عن كوارث الماضي التي دائما ما تبدو كسيناريو يتكرر بكل كلمة فيه لا تزيد ولا تقل كلمة، نفس الضحايا ونفس المصابين، كلمات النعي والشجب والإدانة هي ذاتها، ذلك الإعلامي مقدم البرنامج الشهير يصرخ بكل ما أوتي من قوة، مطالبًا بخروج المسئول ليعلن عن سبب الأزمة، وتلك الإعلامية اللامعة تخرج وتذرف دمعًا، بمجرد أن يعلن المخرج عن انتهاء وقت الحلقة وتتأكد من عزوف الكاميرا عنها توزع الابتسامات مرددة «باااي يا جماعة».

إلى متى سنظل نرى الخطأ والعيب ونترحم على أمواتنا في كوارث كلها نتيجة فساد وتكاسل من السادة المسئولين، الذين لم يكلفوا نفسهم بعد تولي الحقيبة الوزارية، مجرد عناء البحث في ما سبق من حوادث مماثلة، ألم يكن من الأولى أن يقرر سيادة الوزير أو المسئول بفحص حركة قطارات الغلابة التي دائمًا ما تدفع ضريبة الإهمال.

فما ذنب ذلك الرجل الذي انتظر بفارغ صبره أن تهل نسمات الصيف، ليصطحب أسرته لقضاء عطلة صيفية، تخرجه من زحام المدينة وماكينة العمل التي لا ترحم، فذاك رب أسرة قرر اصطحاب عائلته، موفرًا لهم بالكاد «مصاريف المصيف»، ليستقل قطار الغلابة موجهًا الرحال إلى الإسكندرية، موفرًا مبلغ مالي قد يكون اقتطعه من مصاريف مأكله وملبسه؛ لاختلاس ساعات من المرح، ولم يكن يعلم أنه اصطحب أسرته في رحلة اللاعودة، مزيلة بتأشيرة، مسئول تكاسل أن يولي الغلابة اهتمامه.

فقد كشفت التقارير الأولية لحادث قطار اصطدام قطار «القاهرة- ببورسعيد» في محطة خورشيد بالإسكندرية وجود خطأ في البلوكات والتحاويل، ويالا سخرية القدر التي تقودنا لنتيجة واحدة حتمية، أن يتم إحالة عامل التحويلة والسائق للتحقيق، وقد تقودهم نتيجة التحقيقات للسجن، وبذلك تقفل القضية، بمحاسبة القتلة «عامل التحويلة والسائق الغلبان»، لكن لحظة أليس هناك مسئول عن عامل التحويلة؟! وتتوالى المسئوليات إلى أن تصل لأكبر رأس مسئولة عن خطوط سير القطارات ومدى مطابقة البلوكات والتحويلات والعربات للسير؟!
Advertisements
الجريدة الرسمية