رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«ومنين بيجي الرضا.. من شعب المحروسة».. «تقرير مصور»

فيتو

أهلًا بكم في المحروسة.. بلد العجايب.. شعبها أصيل.. والمستحيل كلمة حذفت من قاموسه منذ زمن طويل.. فأهل مصر أساتذة في التحايل على كل الظروف.. و«جهابذة» في خلق حلول بديلة.. وشعب «ابن نكتة» يهزم الأحزان والأحداث المؤسفة والموجعة عبر تاريخه بالفكاهة والرضا.. ويتغلب على الضغوط بالضحكة والسخرية.. ويتلاعب بواقعه الصعب فينتج أفكارًا خارجة عن المألوف.. ناسفة لكل ما يفرضه هذا الواقع.. فأهل المحروسة البسطاء يؤمنون وفقًا لعقيدتهم الفطرية أن «كل عقدة وليها حلال».. حتى عقدة الفقر وقلة الحيلة.. لذا فعند الأزمات يأتي «أولاد البلد» البسطاء بأفكار «مطرقعة» وفقًا لما يملكون من إمكانيات محدودة، وسلاحهم الأبرز دائمًا «الرضا وراحة البال».





حتى أزمة الغلاء التي أرهقت أذهان البسطاء ونفوسهم، وبقدر ما أثقلت الحمول على عاتقهم لم تهزم – على الرغم من ضراوتها- قدراتهم في التحايل على الواقع، فما كان يمكن شراءه كسلعة جديدة أصبح يمكن استبداله بما هو مستعمل.. فالأسواق التي توفر تلك النوعية من السلع لا حصر لها ولا ضير لدى الكثيرين من أهل البلد الطيبين في الاستغناء عن محال وسط القاهرة والمراكز التجارية وأسعارها "النار" بـ"فرشات" سوق الجمعة وأسعارها "الحنينة" على الجيوب.




وأزمة السكن الأزلية كانت وما زالت بمثابة كابوس مفزع للكثيرين من بسطاء أهل مصر، فالأسعار في «العلالي» و«الإيد قصيرة».. لكن العقل المصري قادر في كل الأوقات على تقديم حلول بديلة لكل هذا في غمضة عين.. فهذا أحدهم يعيش في مركب عامر بالأطفال يعيشون معًا فيه والرضا يملأ حياتهم، وهناك من يهجر الأحياء ويتجه إلى المقابر ليسكن بها ويصبج جارًا للأموات، يؤنس وحدتهم ويكسر الصمت المحيط بمثواهم الأخير.. وهناك من يبني عششًا أو خيامًا قد تبدو غير آدمية في نظر الكثيرين لكنها بالنسبة لهم «ستر».






أو أن يقوم أحدهم بتحويل «ماسورة» لبيت «محندق» بباب خشبي يضمن الخصوصية، ولدواعي الترفيه وضمان دخول «التسلية» إلى بيته الصغير.. فلا يجد بُدًا من توصيل «دش» لمتابعة برامجه وأفلامه المفضلة.



والأفكار المبدعة تبدو جلية عندما تشتد الحرارة وتستنفر قواها، فهم لا يطمحون إلا في الاحتماء من أشعة الشمس الحارقة وإن لم توجد «شمسية» فالكرتون أو أي شيء آخر يمكن وضعه فوق الرأس سيقوم بالمهمة ذاتها، وحينما يأتي الشتاء ببرده القارس لا يملك البسطاء سوى مدفئتهم الأزلية التي تجمعهم حولها وهي «الراكية» التي يصنعونها بمواد من بيئتهم.






أما الأطفال فيرثون من الآباء والأجداد هذه الروح المرنة التي تتكيف مع الظروف بكافة أحوالها، فتنحني ظهورهم مع العواصف، فلا يهزهم عنفوانها وتمر عليهم مرور الكرام، وبروحهم البريئة يبحثون عن «الفرحة» والضحكة في كل ثنايا الحياة من حولهم، حتى وإن كانت ظروفهم مؤسفة، فيسعدون بـ«القليل» وتخرج ضحكاتهم من القلب لتصل فورًا إلى القلب.





Advertisements
الجريدة الرسمية