رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مادة «الحاسب الآلي».. ستحتاج «لمحلل شرعي»


منذ أن تقررت مادة الحاسب الآلي في التعليم وهي مادة نشاط لا تضاف للمجموع، لكن في 20 أغسطس 2007 وافق المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي برئاسة الدكتور يسري الجمل، وزير التربية والتعليم الأسبق، على إضافة درجات الحاسب الآلي ضمن المجموع الكلي للمواد الدراسية في شهادة إتمام الدراسة بمرحلة التعليم الأساسي، على أن يصبح المجموع الكلي للدرجات ٣٠٠ درجة، بدلا من ٢٨٠ درجة في الشهادة الإعدادية، على أن يكون الامتحان نظريا.


في السنوات الأخيرة ابتداءً من ثورة 25 من يناير مرورًا بثورة 30 يونيو، وما حدث بعدهما من انطلاق في عالم تكنولوجيا المعلومات والإنترنت، فكان توجه الحكومة وقتها بالتوسع في هذا المجال، من خلال محاولة تجهيز معامل حاسب آلي في المدارس الإعدادية والثانوية وبعض المدارس الابتدائية، ووصلت هذه المرحلة إلى ذروتها في حكومة حازم الببلاوي في 2013/2014 عندما قام الدكتور محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم الأسبق، بتوزيع تابلت لكل طالب في جميع المدارس الثانوية بأنواعها وإقامة معامل تكنولوجية وسبورات ذكية لمحاكاة المناهج التفاعلية المخطط لها وقتها.

من المفارقات التي كادت أن تجعلني أشك في قواي العقلية، أن في نفس عام أُطلق مشروع بنك المعرفة قام الدكتور محب الرافعي وزير التعليم الأسبق، بوقف مشروع "التابلت" الذي يعتبر الوسيلة الوحيدة التي تمكن الطلاب والمعلمين من الاستفادة بمشروع بنك المعرفة، خاصة أن هذا المشروع غير مجهز لعرض تطبيقاته أو مرفقاته على الهواتف المحمولة وقتها الذي يُقلص من أعداد المستفيدين منه..

أصبح الدكتور "طارق شوقي" وزيرا للتعليم.. وبعد مرور 6 أشهر كاملة وإلى الآن ننتظر خطة واضحة لتطوير المنظومة التعليمية - قرارات وليس تصريحات-، تفاجأت بقرار من ضمن قرارات كثيرة مثيرة للجدل في الفترة الأخيرة ألا وهو عدم إضافة مادة الحاسب الآلي للمجموع واعتبارها مادة نشاط، وهذا نظرا لعدم وجود أجهزة أو معامل أو عدم وجود إنترنت بنسبة 80% في المدارس فمن منطلق أن الطالب المصري يهتم تماما بالمواد الأساسية للحصول على درجات سواء كانت في المرحلة الإعدادية أو الثانوية، ومن منطلق أن النظام الحديث الذي لا يعتمد على الدرجات لم يرَ النور بعد، فبالتالي سيتم إهمال تلك المادة المهمة في العصر الحالي..

وبدلا من إعادة تفعيل مشروع التابلت وإيجاد حلول خارج الصندوق لتفعيل الأنشطة في المدارس، ومحاولة دمج الحاسب الآلي في جميع المواد وتنفيذ التعليم الإلكتروني وتفعيل تجربة "المدارس الذكية، Schools Smart" ليتحقق التعليم الممتع الذي أعلن عنه الوزير أصبحت القرارات تخرج بعكس ذلك تماما فتهميش مادة التربية الفنية (الرسم) أيضا كمادة نشاط ولا تضاف للمجموع أو الحاسب الآلي يضرب أمل التطوير في مقتل بقرارات قد تساعد على إهمال تفعيل الأنشطة وإهمال الاعتماد والتدريب على الحاسب الآلي الذي أصبح عصب المستقبل.

الأهم من هذا وذاك أن تجارب الدول التي نسعى للاستفادة منها وضعت تفعيل الحاسب الآلي على قمة أولوياتها فمثلا في أستراليا قامت الحكومة باستبعاد 24% من المعلمين الذين لا يجيدون مهارات الحاسب الآلي، وماليزيا قامت بتفعيل المدارس الذكية، واليابان التي تطبق التعليم الإلكتروني في كل مدارسها وأخيرا في الإمارات التي قامت بتوزيع كتاب على كل المدارس والطلاب في "مهارات الحاسب الآلي".

لو وافق المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي باستبعاد مادة الحاسب الآلي من المجموع، كما أعلن الوزير سنبدأ أول خطوة في طريق مظلم سنعود منه مرة أخرى بلا شك بعد فوات الأوان، وأطرح سؤالا على المسئولين قبل اتخاذ القرار النهائي في تلك القضية، كيف سنطبق نظام الثانوية العامة الجديد ونظام القبول في الجامعات الذي يعتمد من الأساس على "القدرات" عند دخول الجامعات، وهناك كليات كثيرة في الجامعات متخصصة في علوم الحاسب الآلي التي تتطلب مهارات وقدرات معينة ليستطيع الطالب الالتحاق بها؟ 
لو سلمنا كما أعلن المسئولون أن سبب خروج الحاسب الآلي كمادة إلى نشاط وعدم إضافته للمجموع هو عدم توافر البنية التحتية من إنترنت ومعامل وكمبيوتر وغيره، وأيضا التربية الفنية لعدم توافر موارد لتفعيل الأنشطة، فبالتالي لا بد أن نسلم أيضا بأننا لا نستطيع ربط المناهج ببنك المعرفة أو الاستفادة منه في المدارس ولا نستطيع تحويل المناهج إلى مناهج إلكترونية ولا نستطيع أيضا أن نجعل التعليم ممتع بدون تفعيل للأنشطة ولا نستطيع الاعتماد على نظام القدرات عند الالتحاق بالجامعات فيما يخص الكليات المتخصصة في علوم الحاسب الآلي.

قرار الدكتور يسري الجمل في 2007 يعتبر التغيير الثاني الذي يطرأ على تلك المادة وبتصريحات وزير التربية والتعليم الأخيرة في الأول من أغسطس أنها ستكون خارج المجموع مرة أخرى وجب التنويه أن هذا بمثابة التغيير الثالث، وبما أن كل الدول المتقدمة من حولنا تؤكد أهمية تدريسها وتفعيلها على أكمل وجه فمن المتوقع أن المجلس الأعلى للتعليم القبل جامعي سيرفض مقترح الوزير وأن لا قدر الله وافق المجلس على خروجها من المجموع لا بد أن يعلم الوزير والمجلس أن الأيام المقبلة سترغم الجميع على ليس فقط عودتها للمجموع بل ستكون من المواد الأساسية في التعليم لكن وقتها سيكون القرار محتاج لـ«محلل شرعي».
Tarek_yas64@yahoo.com
Advertisements
الجريدة الرسمية