رئيس التحرير
عصام كامل

حادث الإسكندرية.. تتويج لفشل وزير النقل!


من سوء الحظ لوزراء النقل أنني كنت مندوب جريدة الشعب بالوزارة لسنوات، وأعرف الكثير من دهاليز هذه الوزارة التي تعد من أقدم الوزرات المصرية مع وزارة الري، وهي وزارة لها دهاليز عميقة لا يعرفها سوى العالمين فيها، ومنذ سنوات طويلة تم تحويل الفكر الذي يسيطر على القائمين عليها من خدمة الملايين إلى خدمة الآلاف، فمثلا لو تم مقارنة قطارات الدرجة الثالثة وما تقدمه يوميا لخدمة عشرات الملايين في كل ربوع مصر وما تقدمه القطارات المكيفة- المفروض- فالفارق كبير بين حجم الأعداد التي تقدم لها هذه الخدمة وتلك..


وعلى الرغم من تردي وسوء حالة هذه القطارات، وأنها غير آدمية على الإطلاق، فلا مقاعد آدمية أو يوجد شبابيك تحمي من البرد أو من حرارة الصيف، وطبعا ستجد في الأسقف آثار قديمة لمراوح كانت موجودة من أربعين أو خمسين سنة مثلا، والبداية هنا عندما بدأت الوزارة في الادعاء بتطوير السكك الحديدية وشراء قطارات مكيفة للخطوط الصعيد والإسكندرية، بدأت هذه المرحلة منذ أكثر من ثلاثين عاما، فمن أين كان هذا التطوير؟ كان على حساب إهمال محطات وقطارات الغلابة لدرجة مزرية، وكان الغريب عندما يتم تشغيل أي قطار جديد، كان يقال إنه تطوير للسكك الحديدية وسط هالة إعلامية كبيرة!

للأسف أثناء كتابة هذا المقال جاء خبر الحادث المؤلم بتصادم قطارين عند منطقة خورشيد بالإسكندرية، والأنباء الأولية التي وصلتنا أن هناك نحو خمسة وثلاثين قتيلا وأكثر من مائة مصاب، وكان هذا الحادث تتويجا للحالة التي عليها حالة وزارة النقل منذ جاء الوزير الحالي، الذي تعد أكبر إنجازاته عندما تولى الوزارة هو رفع سعر تذكرة المترو بنسبة 100%، وبعد سلسلة من التصريحات الكاذبة بأن المواطنين مرحبين برفع السعر وأن المترو سيتوقف تماما إذا لم يتم رفع سعر التذكرة، وأن الهدف من رفع السعر رفع مستوى الأداء، وكان الوزير يؤكد على أن أهداف رفع السعر هو رفع مستوى الخدمة المقدمة للمواطن، فماذا حدث بعدها؟

تردت الخدمة للمترو وأصبح كسوق العتبة يباع داخل القطارات كل ما يخطر على البال وأصبح لا يطاق في جميع خطوطه، مستوى النظافة متردِِ لدرجة أما محطة مثل السادات التي تعد أهم وأجمل المحطات هجم الحشرات على الركاب الأسبوع الماضي وهم على مقاعد الانتظار، إذن ارتفعت قيمة التذكرة وتراجعت خدمة المترو، السيد الوزير ذهب إلى محطة مصر ليسافر الإسكندرية، فتأخر القطار أكثر من ساعة فتم التحقيق ومجازاة ستة من العاملين، والسؤال الأهم ما هو تأثير زياراته لمحطة مصر ومحطات المترو؟

لا شيء سوى الصور الإعلامية فقط لا غير، والدليل أن جميع رحلات القطارات في جميع محطات مصر غير منضبطة على الإطلاق، كنت أتصور بعد تأخر قطار الوزير أن يكون هناك قرارات حازمة تجاه التأخر العادي اليومي للقطارات!

لم يحدث شيء ولا حتى مجرد تصريح على هذه الكارثة اليومية، ومن المؤكد أن هذا التحلل والتفكك الإداري من القيادة يصب أو يؤدي إلى الانهيار، وهو السبب الرئيس الذي جعل طاقم أحد القطارات يصور فيديو وهم في حالة سلطنة من المخدرات، وهو السبب الرئيس لحادث الإسكندرية اليوم، وصولا إلى حالة التشويه الذي يحدث من إقامة أكشاك للفتوى أو أكشاك لبيع المأكولات بشكل قميء لبعض الشركات بدلا من إقامتها برؤية وشكل حضاري وفني يتسق مع شكل كل محطة!

للأسف من يتابع وزير النقل سيكتشف بسهولة أنه يتحدث عن طرق تم وضع خططها من سنوات، الأمر الثاني سيكتشف حالة الفقر والإفلاس التي تعاني منه الوزارة ولا بد من شراء قطارات و.. و..إلخ ناقص فقط يجلس عند مسجد السيدة لجمع معونات لشراء القطارات الجديدة، سأل أحد الشباب هذا الوزير في لقاء لهم في الإسماعيلية كيف ترفعون سعر تذكرة المترو وتصرفون مكافآت وصلت مكافأة ثمان شهور للعاملين في المترو والسكة الحديد؟! أجاب الوزير: مواءمة سياسية وإلا لن نجد سائقا للقطارات!! لا تعليق على كلام وزير لا حول له ولا قوة!

لا يوجد تصريح واحد عن تطوير محطات القرى والنجوع وقطاراتهم، لم نسمع فتح مدرسة لإعداد السائقين ويكون هناك بدل السائق عشرة وعلى مستوى علمي جيد..! والأسوأ من هذا أنه لم يذهب إلى الإسكندرية إلا بعد أعطاه رئيس الوزراء التعليمات كما جاء على لسان المتحدث باسم مجلس الوزراء وللأسف نفس الشيء سافر وزير التنمية المحلية والتضامن بعد تعليمات رئيس الوزراء، وحتى توفير الأدوية صرح مكتب رئيس الوزراء أنه صدرت تعليمات من رئيس الوزراء بتوفير الدواء للمصابين..
وماذا بعد يا ربي..!!؟ وزاء لا يتحركون إلا بالأوامر العليا وليس لديهم الحد الأدنى من الوعي بمصالح المواطن...!؟
أخير.... ألا يشعر وزير النقل الذي أشعر أنه في حالة من السرحان الدائم أن يريح ويستريح فربما تغير العتب يصلح الأمر..!؟
الجريدة الرسمية