رئيس التحرير
عصام كامل

رحلة بحث «رمضان» عن كيس دم لوالده بالغربية «تقرير»

فيتو

لم يكن يعلم أهالي المرضى بالغربية أن رحلة البحث عن كيس دم صعبة، وتحتاج إلى مغامرة، وأن الأمر يستلزم جهدا وعناء ومشقة، والبحث عن واسطة ومحسوبية تصل لنائب البرلمان، وقد يفشل فتحتاج لمحافظ الإقليم.


رصدت " فيتو" المعاناة الحقيقية لبحث مواطن عن كيس دم لوالده المريض، التي أقل ما توصف به أنها مأساة منظومة بالكامل، أهملت الفقير لتترك المرض ينهش في عظامه.

القصة كما يرويها، رمضان إبراهيم جمعة الهباب، شاب من قرية صالحجر، التابعة لمركز بسيون بمحافظة الغربية، بدأت برحلة البحث عن كيس دم فصيلة A سالب، لوالده الذي ينزف، ومحجوز داخل مستشفى بسيون المركزي، ومصاب بأنيميا حادة طلب الأطباء 3 أكياس دم نظرا لخطورة الحالة.

ويحكي قائلا "لجأت إلى بنك الدم بالمستشفى فأبلغوني بعدم وجود فصيلة والدي نظرا لندرتها فتوجهت إلى بنك الدم الرئيسي بطنطا فأبلغوني بعدم وجود فصيلة والدي وظللت هكذا 24 ساعة، وأبي يصارع الموت أمام عيني ولا أستطيع أن أقدم له شيئا".

رحلة عناء

ويضيف: "أطلقت استغاثات وبدأت رحلة عناء ومشقة بعد وصول نسبة الهيموجلوبين لدى والدي إلى 4، فتوجهت لعدد من المستشفيات الخاصة ووجدت بها فصيلة الدم، ولكنهم رفضوا أن يبيعوا أكياس الدم لمرضى من خارج المستشفى، معللين أن بنك الدم يغذي رواد المستشفى فقط، وطالبوني بنقل والدي للعلاج في المستشفى مقابل إعطائه الدم المطلوب بمبالغ مالية طائلة، لا أستطيع توفيرها وأنا موظف بسيط".

ويكمل رمضان: "تواصلت مع مدير الإدارة الصحية ببسيون وحاول التدخل لتوفير كيس دم لوالدي ولكنه فشل بعد رد بنوك الدم عليه بنقص الفصيلة فتوجهت إلى بنك الدم لإنقاذ والدي المريض فوجدت موظفا هناك وطلب مني مبلغا من المال حتى يصرف لنا الدم، ووافقت لخطورة الحالة، واستدنت من معارفي، ولكنه قال نحتاج متبرعا لكل كيس فتواصلت مع أصدقائي ووفرت المتبرعين، وعندما سألني عن فصيلة دم والدي قلت له A سالب فنظر إلي وقال: للأسف مش موجودة عندنا، وقتها جن جنوني، وقررت الاعتصام أمام مكتب وكيل وزارة الصحة؛ لأن الحالة محتاجة دم فورًا، ومعي خطاب من المستشفى يفيد بخطورة الحالة، وحاجتها الحرجة للدم عاجلا في أسرع وقت.

وتنفس رمضان الصعداء وهو يتحسر على حاله قائلا: "بحثت عن واسطة وتواصلت مع بعض الصحفيين للحصول على أكياس الدم لوالدي فدلوني على المحافظ وتواصلت معه ووعدني بتوفير أكياس الدم وبعدها فوجئت بالاتصالات تنهال عليا من جميع المسئولين بأنه في أقل من ساعتين سيتم توفير كيس دم، وبالفعل تواصلت معي المستشفى، وذهبت مع المندوب إلى كفر الزيات وحصلت على كيس دم بالواسطة لإنقاذ والدي المريض".

واستدرك رمضان قائلا: "أنا موظف بسيط على الله وغلبت في الحصول على كيس دم لإنقاذ والدي، ولولا تدخل عدد من الصحفيين والتواصل مع المحافظ كان أبي مات أمام عيني دون أن أنقذه، فما بال جميع المرضى ممن لا واسطة لهم، وهل لا بد من تدخل المحافظ لحالة كل مريض؟"

نقص في الفصائل

يقول الدكتور محمد شاكر ببنك الدم بطنطا إن البنك يعاني من نقص شديد في عدد من الفصائل، مشيرا إلى أنه لابد من نشر ثقافة التبرع بالدم؛ لأن جميع بنوك الدم بالمستشفيات تعاني نقصا شديدا في أكياس الدم، وعندما تأتي حالة إصابة خطرة، لأي مستشفى تحتاج لإنقاذها من الموت تعاني من مشكلة نقص فصيلة معينة لهذه الحالة.

وأضاف شاكر أن حملات التبرع أصبحت قليلة جدا، وتجاوب المواطنين معها ضعيف، وتأتي على فترات متفاوتة وناشد منظمات المجتمع تبني تلك الحملات.

التبرع لمواجهة الأزمة
وأشار إلى أنه على وسائل الإعلام أن تناشد المواطنين بالتوجه إلى البنوك للتبرع لمواجهة نقص أكياس الدم الذي تعاني منه المستشفيات.

وقال شاكر، "يوجد ندرة في عدد المتبرعين بالدم وكنا نعتمد على كميات الدم الآتية من الحملات لذلك نشترط على المستفيد بكيس الدم أن يأتي بمتبرع إلى البنك ليتم صرف الدم للمريض ويدفع مقابل التحاليل التي تتم على كيس الدم؛ لضمان سلامته وخلوه من الفيروسات".

الواسطة والمحسوبية
وأكد عطا الشرقاوي أحد العاملين بمستشفى جامعة جامعة طنطا أن العاملين ببنك الدم يصرون على استخدام الواسطة والمحسوبية في خروج أكياس الدم والبلازما، مضيفا أن هناك مصيبة كبرى حين يحتاج أحد المرضى لكيس من الدم، يطلب منه المسئولون عن بنك الدم 4 متبرعين، مقابل كيس واحد فقط، وباقي التبرع يتم توفيره للمحسوبية والواسطة، ولو أن مريضا لا أهل له، ولم يجد متبرعين يموت، ولا يصل لكيس واحد من الدم، وهو ما يعتبر فساد من الدرجة الأولى داخل أهم قسم في مستشفى الجامعة.

وأضاف أن الأزمة الحقيقية أنه تقدم بشكاوى عديدة للمسئولين ولكنه لم يستطع الوصول لرئيس الجامعة ولم يتسنى له مقابلة عميد كلية الطب وصف الفساد داخل بنك الدم وإصرار القائمين عليه على التوزيع بالأهواء الشخصية للمحاسيب.

وأوضحت إحدى العاملات في بنك الدم، "هذا أمر واقع 4 متبرعين للفقير، مقابل ما يحصل عليه من كيس واحد، والباقي يسأل عنه القائمون على بنك الدم، والمتبرع هو الفقير فقط، أما من له واسطة يأخذ الدم والبلازما فورا دون أي عراقيل تذكر، مؤكدة أن القائمين على بنك الدم لا يعتنون بالفقراء ولا يأبهون لظروف حالاتهم المرضية، ويعاملونهم رسميا 4 متبرعين مقابل كيس واحد".
الجريدة الرسمية