رئيس التحرير
عصام كامل

أين قوتنا الناعمة؟!


إصرار الجماعة الإرهابية وأعداء مصر في الداخل والخارج وتصميمها على الإيقاع بها في براثن الفوضى ونفق الأزمات والكوارث والحوادث الإرهابية التي لا نبرئ منها أجهزة مخابرات دول على رأسها إسرائيل وقطر وتركيا اجتمعت كلها على هدف إسقاط مصر، وبدلًا من أن تتنادي نخبتنا وإعلامنا إلى إنقاذ البلاد، وتمتين جبهتنا الداخلية، والالتفاف خلف قيادتها وجدناها تغرق في سفاسف الأمور ولا تبدي إلا السخرية مما يقوله الرئيس في خطبه وأحاديثه وإجراءاته الإصلاحية لحماية البلاد، وتحصينها ضد دعاوي الإحباط والسوداوية إثر كل أزمة..


الأمر الذي يجعل تلك النخبة وذلك الإعلام جزءًا من المشكلة لا جزءًا من الحلول، وهو ما تنبه إليه الرئيس جيدًا منذ اللحظة الأولى، فكرر القول إن أخطر ما يمكن أن نواجهه هو تفكيك جبهتنا الداخلية الموحدة، ولو أن المصريين ظلوا على قلب رجل واحد ما استطاع كائن من كان أن يعيق تقدمهم نحو المستقبل..

لكن ذلك لا يمنعنا من القول إن ثمة كسلًا أصاب أجهزة مناعتنا ممثلة في قوتنا الناعمة كالإعلام والمجتمع المدني والأحزاب التي صارت في واد والدولة وأولوياتها في وادٍ آخر فلا هموم السواد الأعظم من الشعب هي همومها، ولا معركته هي معركتها، ولا وجدناها تعقد منتديات أو مؤتمرات لتوعية المصريين بما يجري من مخططات لإفشال دولتهم، ولا طرحوا حلولًا من خارج الصندوق لعلاج أزمات مزمنة، بل بات النقد لمجرد الظهور أو الشو الإعلامي وإثبات الوجود هو السمة الغالبة، ولم نجد برنامج توك شو واحدًا يبادر بتبني ملف من الملفات المتعثرة وما أكثرها.. ليقدم الحقيقة للناس، والرؤية والمخرج للحكومة أو ينقد بصورة موضوعية أداء الحكومة، ويكشف بالقدر ذاته ما يمارسه بعض رجال الأعمال من دور سلبي، وتنصل من المسئولية الاجتماعية لرأس المال، وهو ما آن له أن يتوقف بعد دعوة الرئيس إلى تثبيت أركان الدولة.

الأمر ذاته ينطبق على منظمات المجتمع المدني المحلية، فلا قامت إحداها بتوثيق جرائم الإخوان ولا تصدت بالرد الموضوعي على مزاعم أوروبية مغلوطة حول مقتل الشاب الإيطالي ريجيني، ولا فنّدت افتراءات المنظمات الدولية والصحف الأجنبية حول كثير مما يخص الشأن المصري.

السكوت هنا ليس فضيلة بل نقيصة وجريمة تتماهى مع الأعداء والكتائب الإلكترونية لجماعة الشر وتضليل للرأي العام.

الحفاظ على الدولة مهمة -لو تعلمون- عظيمة وهي أوجب الواجبات.. مهمة تفرض المواجهة المجتمعية الشاملة يشارك فيها الجميع بنصيب وافر، فليس من المنطق أن نترك الجيش والشرطة وحدهما في مواجهة الإرهاب وتنظيماته بل آن الأوان لتتحمل النخبة والإعلام والمؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية والشبابية دورها.. صحيح أنه لا أمن في الشارع إذا غابت الشرطة، وصحيح أيضًا أنه لا اجتثاث للفكر الإرهابي إلا إذا نشط العقل المصري وتجدد الفكر وتحرر الوعي وتضافرت الجهود كلها لتجفيف منابع الفقر والعشوائية والمرض.. وتلك مسئوليتنا جميعًا، ولا مفر من خوض معركتها بجسارة على قلب رجل واحد.


الجريدة الرسمية