رئيس التحرير
عصام كامل

الباحث أحمد عثمان: حلمي كاد يقتل في مصر وإنجلترا فتحت لي ذراعيها

فيتو

ملامح بسيطة تحمل بعض الجدية، ووجه مصري تميل بشرته للاسمرار، شاب ثلاثيني ينتمي لأسرة من الطبقة الوسطى ميسورة الحال، هو أكبر إخوته والأشبه بوالده لحد كبير، البساطة هي السمة الطاغية على حديثه، خاصة حين يتحدث عن والده الذي يعده قدوة له في التحلي بالصبر حتى الوصول إلى ذروة الحلم حين يتحقق. لم يحلم في يوم إلا بأن يحصل على درجة الأستاذية بإحدى الجامعات المصرية، ليحقق أمنية والده في العمل كمعيد بالجامعة، ليجد نفسه بين ليلة وضحاها باحث في جامعة الملكة بإنجلترا، تتحدث عنه وسائل الإعلام العالمية.


قبل بضع سنوات كانت حياته عادية كباقي الشباب المصري، حصل على شهادة الثانوية العامة من إحدى مدارس مدينة سفاجا بمحافظة البحر الأحمر، مسقط رأسه، ثم تخرج من كلية العلوم عام 2006، ليحصل بعدها على شهادة الماجستير في مجال الكيمياء عام 2013.

"أثناء دراستي للماجستير التي امتدت لـ 5 سنين، عانيتُ كثير جدًا في مصر لرفض كافة الأبحاث التي كنت أنتجها، وهو ما كان كفيلا بقتل مشواري البحثي والأكاديمي، إلا أنني رفضت الاستسلام، حتى أستطيع أن أنفذ وصية والدي بأن أصبح ما تمناه".. هكذا يتحدث "أحمد إبراهيم"، الباحث المصري المقيم في بريطانيا، الذي ضاق ذرعا بوطنه الذي كان سرعان ما يجهض كل بحث وليد يمكنه في يوم أن يشق طريقه إلى النور، فقرر أن يلتحق ببعثة رشحته لها جامعته بمصر، وخلال عام فقط داخل أروقة جامعة "الملكة" بإنجلترا نجح في نشر ثلاثة أبحاث، يعد بحث "النيتشر" هو العلامة الفارقة في حياة أحمد العلمية.

كيف تحول النفايات إلى مادة قابلة للإنتاج؟ تلك كانت الزاوية التي تلقفها الباحث المصري، حين وطأت قدماه أرض عاصمة الضباب، وبنظرة شاب يبحث يتجول داخل معامل جامعة الملكة، وجد أن نحو 20 ألف طن من رقائق الألومنيوم تهدر سنويًا من عمليات التعبئة والتغليف، يقول "أحمد": "طولها ممكن إنه يمتد لحد القمر! معظمها بيتم طمرها تحت الأرض أو حرقها، لأنها بتكون ملوثة بالزيوت والشحوم، وصلت أنا لطريقة يتم من خلالها نشر بحث علمي من خلال الحصول على بلورات نقية جدا ممكن يصل نقاؤها إلى 100% من أملاح الألومنيوم واللي ممكن نستخدمها لإنتاج محفز الألومنيا اللي بيستخدم لاحقًا في إنتاج الوقود الحيوي".

ويؤكد أحمد على أن هذه الطريقة أكثر ملاءمة للبيئة وأرخص من المتواجد بالسواق، مطلقًا عليه "وقود المستقبل"، فضلًا عن إمكانية استخدام هذه المواد التي تتمتع بالاستقرار الحراري والكيميائي والميكانيكي، يمكن أن تستخدم كمواد ممتصة للملوثات في الشوارع وإنتاج الأجهزة الإلكترونية.

وفي حديث أحمد دائمًا تجد التأكيد والتمسك بالبقاء في المجتمع الأوروبي، فهذا المكان الذي وجد فيه بيئته الخصبة، وصدى للأحلام التي تراود رأـسه، "أنا كل يوم هنا في إنجلترا بنبهر باحترام الناس والمعاملة الآدمية والصدق والصراحة وحب مساعدة الغير، وده للأسف نفتقده في مصر"، وكأن لسان حاله يقول "إذا أردت أن تقتل موهبتك دعها تتجول في الشوارع المصرية"، مردفًا "أحمد قبل السفر غير أحمد بعد السفر"، فهو تحول كليًّا لشعلة نشاط متقدة طوال الوقت، يحتاج فقط من يدفعه للأمام.
الجريدة الرسمية