رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ضياء رشوان الذي أشفق عليه


من الصعوبة أن تكتب عن زميل صحفى، فإذا أثنيت.. فأنت مجامل، وإذا انتقدت.. فأنت مغامر بالزمالة والصداقة.. لكن ضياء رشوان الذي أتصدى للكتابة عنه حررنى من قيد الاثنين معًا (المجاملة والمغامرة) لسببين:


الأول: أنه لا ينتظر مجاملة من أحد وتلك أهم سمات الباحث الذي يجرد نفسه عن الهوى ولا ينحاز لتكون المجاملة ثمنًا لانحيازه.

والثانى.. أننى أحمل تقديرًا له على المستويين المهنى والشخصى.. كما أن ثقة القيادة السياسية فيه باختياره في أكثر من منصب تمثل ثقة في الصحافة رغم ما شابها في السنوات الأخيرة، وفى الصحفيين رغم جنوح قلة منهم عن مسار الوطنية.. ولعل تلك الثقة في ضياء رشوان هي ما استجوبت وقفة..

لأننى أصبحت أشفق على الرجل بسبب مناصب أربعة مهمة اختير لها، بالإضافة إلى برنامجه الذي يحرص على تقديمه في إحدى الفضائيات.

الباحث مثل ضياء رشوان لابد أن يكون متقد الذهن، حاضر البديهة، يقرأ كل شيء ليخرج بنتيجة صحيحة، بالإضافة إلى قوة التركيز والملاحظة والقدرة على جمع المعلومات والرغبة الدائمة في البحث والتدقيق والحياد وعدم التعصب، وأشهد أن كل هذا موجود في ضياء رشوان، لذلك كان مرجعية لنا طوال السنوات الأخيرة، لكني أخشى عليه بسبب كل هذه المهام التي أوكلت إليه. 

فإلى جانب أنه مدير لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في الأهرام.. نال رشوان ثقة القيادة السياسية فأصبح رئيسًا لهيئة الاستعلامات، تلك الهيئة التي تحتاج إلى إعادة صياغة لتعود إلى لياقتها وتؤدي الدور المنوط بها وما أحوجنا إليه في الوقت الحالى، فالهيئة ليست معنية بتذليل العقبات أمام المراسلين الأجانب وهو الدور الوحيد الذي لعبته في الفترة الأخيرة.. لكنها معنية بمتابعة كل ما ينشر عن مصر في الخارج وجمعه والرد عليه وتصحيح صور مغلوطة يسعى البعض إلى نشرها، كما أنها معنية بالترويج للسياحة وإقناع الخارج بكل قرار تتخذه القيادة المصرية.. هذا هو دور الهيئة في الظروف العادية.. فما بالك بالظروف الاستثنائية التي تعيشها مصر، خاصة أن الإخوان عندما اختطفوا حكم مصر وضعوا أيديهم على الهيئة.. وقيل إنهم زرعوا بها 1500 موظف إخواني، ولأنهم يدركون منذ البداية أهمية الهيئة جعلوا تبعيتها لرئاسة الجمهورية.

كما أن هذه الهيئة تعرضت هي الأخرى لكبوة في السنوات الأخيرة.. فأغلقت مكاتب مهمة لها في بعض الدول توفيرًا للنفقات.. وابتليت بمرض "المحسوبية" فأصبحت عاجزة عن أداء دورها.. فهل يستطيع ضياء رشوان مهما كانت قدراته وإمكانياته أن يعيد بناء هيئة الاستعلامات لتؤدي دورها الذي تلعبه حاليًا وزارة الخارجية وبعض الأجهزة إلى جانب ما أوكل إليه من مهام أخرى؟

أعتقد أن الرجل لو زار مكاتب الهيئة في الداخل والخارج وفتش فيها ليتخذ إجراءات.. لاستغرق ذلك منه عدة شهور.. ولا أعلم كيف سيجد رشوان وقتًا لعمله كعضو في الهيئة الوطنية للصحافة، وهو الباحث الذي يعرف قيمة الوقت ودقة المعلومة والتركيز الجيد وقوة الملاحظة، فالصحافة أيضًا تحتاج إلى إعادة صياغة بحيث لا تجور ولا يتم الجور عليها.. وإذا وجد الرجل وقتًا يعمل فيه بنفس مواصفات الباحث في هيئتي الاستعلامات والصحافة.. هل يجد وقتًا لعمله كعضو في المجلس القومى لمكافحة الإرهاب؟ بالتأكيد مجلس كهذا يحتاج إلى خصوصية في البحث للخروج بنتائج إيجابية لأنه الملف الأخطر الذي يحتاج إلى عمل متواصل، وطبيعى سيكون لضياء رشوان باع طويلة في هذا المجلس لأن الإرهاب ملفه الذي حظى باهتمامه طوال عقود مضت.

سوف أفترض جدلًا أن الرجل سينظم وقته بين مهامه الثلاث السابقة.. فهل سيكون لديه متسع من الوقت لإدارة مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وهو المركز الأهم في الشرق الأوسط؟ وهل يجد لديه الوقت لممارسة هوايته كمقدم برامج، وحرفته ككاتب؟ ضياء رشوان كان محاربًا طوال السنوات الست الماضية كنقيب للصحفيين وكأحد أهم الباحثين في ملف الجماعات والإرهاب، اليوم.. أصبحت أخشى عليه من التشتت بين المناصب، وأصبحت أخشى على المناصب لأنها لن تحصل إلا على جزء صغير من اهتمام ضياء رشوان.
basher_hassan@hotmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية