رئيس التحرير
عصام كامل

معارك «حسين زين» في ماسبيرو


قرابة الشهور الأربعة مضت على ظهور الهيئة الوطنية للإعلام برئاسة السيد حسين زين، دون أن تقدم ولو إشارة واحدة على أن الهيئة المزعومة لديها رؤية شاملة، خاصة وأن رئيسها لم يضبط في يوم من الأيام متورطا في الإدلاء بما يوحى أن لدى سيادته رؤية إلا رؤية وحيدة، وهى كيفية صراعه على المكاتب والكراسى وحضور المناسبات، فقد كان أهم ظهور لسيادته هو ذلك الظهور الذي بموجبه قفز مبكرا للاحتفاظ بمكتب وزير الإعلام بمبنى ماسبيرو العتيق.


وميزة حسين زين أنه بلا تاريخ، وكان من الممكن أن يصنع تاريخا غير أن الواقع يؤكد أن الوصول إلى مثل سنه دون سيرة ذاتية مبهرة، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الرجل ليس من هواة صنع التاريخ، وليس من الساعين إلى أن يكون رقما مهما في هذه الفترة التاريخية الحساسة، وهو إضافة إلى ذلك ليس من أصحاب المواهب الإدارية الفذة، والأدلة على ذلك ليست بحاجة إلى بحث وتمحيص وتدقيق؛ فالنظرة الأولى إلى ما يدور بمبنى ماسبيرو كفيلة بأن تتضرع إلى المولي عز وجل أن ينفخ في صورته!!

ومبني ماسبيرو ليس كما يتصور البعض جثة هامدة، فهذا الصرح العملاق يحمل بين جدرانه مقومات نجاحه وأسباب فشله.. ليس بحاجة إلى أموال تبعثر على العاملين، وليس بحاجة إلى أدوات تقنية واستوديوهات وفنيين مهرة.. هو مبنى غنى بأبنائه وبإمكانياته.. هو فقط بحاجة إلى كسر أغلاله وتحطيم قيوده وفك شفرته، لينطلق كما كان ويعود إلى حيث الصدارة، وبالطبع لن يكون السيد حسين زين هو ذلك القائد الذي يفعل ذلك أبدا.

في مؤتمر وزراء الإعلام العرب ناضل حسين زين من أجل أن يلقى كلمة.. مقربون كتبوا له كلمة دقيقة ومهمة وغاية في الروعة، غير أنهم للأسف الشديد لم يعلموه كيف يقرأها فظهر على العامة والخاصة وكأنه تلميذ بالابتدائية غير قادر على قراءة النص المكتوب بطريقة توحى أنه دخل في يوم من الأيام مدرسة حكومية متهالكة، تقع بأحد نجوع صعيدنا المحروم من كل شيء حتى التعليم!!

الذي يتجول داخل مبني ماسبيرو يستطيع أن يرى بوضوح حالة من الغموض تحاصر المكان.. حالة من عدم الرؤية تغلف البرامج.. حالة من الفوضي تسود الموقع.. حالة من انتظار المجهول.. لن ترى إعلاميا متحمسا وما أكثرهم وما أقدرهم.. لن تري مخرجا يسعى إلى التغيير وهم كثر.. لن تري مذيعا متأهبا وهم الذين قامت عليهم قنوات الغير.. لن تري معدا مهتما وهم النجوم في القنوات الخاصة.

إذا أردت أن تعرف السبب فلتبحث عن طريقة الاختيار وجهات الاختيار.. ابحث عن الرؤية.. لن تجد سوي أفكار مبعثرة غير قادرة على النهوض من داخل مكتب هو كل هم السيد رئيس الهيئة الوطنية للإعلام.. لن ترى حتى ولو برنامجا جديدا يعيد لماسبيرو بعض رونقه، ولن تجد خطة إستراتيجية تستنهض القوى الكامنة لدى أبناء التليفزيون، ولن تسعد برؤية حول ما يمكن أن تؤديه الإذاعة المصرية بما تملك من جيوش مقاتلة من أبنائها المحترفين.

القصة باختصار، أن الذين اختاروا قائد المرحلة لم يطلبوا قبل الاختيار تصورات حول النهوض بالمبنى، وعليه فيكون الاختيار هنا هو اختيار لبرنامج محدد يقوم على تنفيذه صاحبه، أما اختيار السيد حسين زين فلم يكن على هذا النحو، ويكفى أن تعرف أنه بعد هزيمته الساحقة في موقعة مكتب الوزير، كانت إحدى أهم معاركه مع إدارة الأسانسيرات في المبنى، حيث تلاحظ لسيادته أن عمال الأسانسيرات لا يخصصون له واحدا بعيدا عن العامة!
الجريدة الرسمية