رئيس التحرير
عصام كامل

أخلاقنا الاجتماعية.. والقدوة


هناك إحساس عند البعض المهموم بقضايا الوطن بوجود أزمة أخلاقية، وفي الحقيقة إن المشكلة الأخلاقية لا تبحث ولا تحل بعيدًا وبصورة مستقلة عن بقية مشكلات المجتمع، وأسلوب العلاج في الغالب تقليديًا عن طريق الوعظ والإرشاد، فيجب حل القضية من سببها الأول، وأول ما ينبغي الانتباه إليه ونحن نبحث عن مظاهر الأزمة الأخلاقية هو أن السلوك الأخلاقي المتعلق بالمسائل التي تمس المصالح العامة هو في صميمه قدوة تتخذ مسارًا يتدرج من المستويات العليا إلى المستويات الدنيا..


لذا الإصلاح الأخلاقي ينبغي أن يبدأ من أعلى ويتدرج إلى أدنى المستويات وأوسعها نطاقًا، وأعني بالإصلاح هنا المناداة ببناء معنوي، هذا البناء لا يمكن أن يبدأ من مستويات منخفضة لسبب بسيط أن هذه المستويات تستمد القدوة من المستويات الأعلى من قيادات، ولذا يجب القضاء والتخلص على القدوة السيئة في كل مكان في المدرسة وفي الجامعة وفي المؤسسات الدينية والوعظية وفي المجال الثقافي والاجتماعي لكي لا تنتقل العدوى الأخلاقية من أعلى السلم الاجتماعي إلى أسفله.

فبين الحين والآخر نسمع استغلال النفوذ لدى أصحاب المصالح وفي الحقيقة الدولة جادة الآن في محاولة المحاسبة والتطهير، وبين الحين والآخر نرى إثراءً مفاجئًا بغير حدود وترتبط هذه التصرفات لهذه الشريحة بالتأثير السلبي في نفوس الآلاف من الناس وتبدأ هذه القيم السلبية من وساطة ونفاق وانعدام الضمير تنتشر بصورة أصغر.

فالقضية الأخلاقية ليست بعيدة عن مشكلات وقضايا كبرى موجودة في المجتمع، هناك الكثير من المشكلات تشكل الأزمة الأخلاقية في المجتمع من بينها البيروقراطية والاتكالية الموجودة منذ سنوات وسنوات في مؤسسات كثيرة، هناك أيضا القيادات الهشة في مواقع كثيرة تعمل تحت لوائها جمهور من الموظفين لا تنتج ولا تعمل، أزمتها بالأساس أزمة أخلاقية اجتماعية، والقضية هنا ليست قضية إصلاح أشخاص بل إصلاح نظم وشروط يتم في ظلها تكليف الأشخاص بمسئولياتهم، والمهمة الكبرى البحث عن نظم وشروط موضوعية لا تترك مجالًا للانحراف ومن ثم فإن الأخلاق المتعلقة بالأمور التي تمس المصلحة العامة قدوة تنتقل من المستويات الأعلى وهي مفاتيح الحل الأولية لجزء كبير من الأخلاق.
الجريدة الرسمية