رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

كوميديا التناقضات و«قصف الجبهة»


شعر كل مصري شريف بفخر عند افتتاح أكبر قاعدة عسكرية في أفريقيا والشرق الأوسط، لأنها "مصرية خالصة"، تحمل اسم الرئيس الأسبق محمد نجيب، إرساءً لمبدأ الوفاء للقادة بعد إطلاق اسمي الرئيسين السادات وعبدالناصر على حاملتي الطائرات "ميسترال".. كما تنم عن رؤية ثاقبة باختيار موقعها الاستراتيجي لصد المخاطر من الحدود مع ليبيا أو السودان أو إسرائيل.. فضلا عن تعزيز قدرة الجيش على حماية محطة الضبعة النووية وحقول البترول واكتشافات الغاز الطبيعي والمناطق الحيوية والموانئ والمدن الجديدة.


نعلم أن هذا الإنجاز أحبط من يراهنون على تعثر بلدنا، وخاب ظنهم بعد تصنيف الجيش المصري عاشرًا على مستوى العالم، لتأتيهم ضربة ثانية بافتتاح أكبر قاعدة مصرية في الشرق الأوسط.. ومن حسن الحظ أن افتتاح قاعدة محمد نجيب العسكرية واستعراض قوة الجيش المصري، جاء بعد ساعات من خطاب "مظلومية" هزيل مرتبك ألقاه أمير قطر تميم، فكانت فرصة الرئيس السيسي للتعبير عن فرحته بالإنجاز العسكري، والتهكم على ما أدلى به تميم من تناقضات تكشف حجم معاناته.

فكاهة الرئيس في الرد على خطاب أمير قطر قصفت جبهة تميم، وأضحكت ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد لإدراكه مغزى كل كلمة فيها، لكنها لم تعجب عملاء قطر المصدومين مما يحدث، وقد تعودنا على تطاول الخونة والمأجورين، لكن أن تصل الأمور بدجال ومشعوذ أن يرد على سخرية الرئيس من تميم بتغريدات بذيئة وقحة، دون أن يجد من يردعه أو يحاسبه فهذا ما لا يمكن السكوت عليه؛ لأن هذه التغريدات لو نشرت في بلد آخر لزج بصاحبها في السجن فورًا، ما يجعلنا ننادي مجددا بكبح فوضى الفن والإعلام والتواصل الاجتماعي بأي طريقة كانت؛ لأن "من أمن العقوبة أساء الأدب"!!

يحق للرئيس السيسي أن يكون كوميديا ويقصف جبهة تميم، فهو يفتتح أكبر قاعدة عسكرية مصرية في المنطقة برمتها، كما أن جيش بلده تقدم للمركز العاشر عالميًا.. أما تميم فجعل قطر "إمارة محتلة" من القواعد العسكرية الأمريكية والتركية والحرس الثوري الإيراني!

نعود إلى خطاب "مظلومية" تميم الذي ألقاه فجأة، ولم يخل من كوميديا التناقضات التي تذكرنا بخطابات المعزول مرسي، ولا ريب في ذلك فهما من مدرسة "إخوانية إرهابية" واحدة.. كلمة تميم عامرة بالتناقضات المضحكة، أولها على صعيد الصورة، إذ وضح أن الكلمة مسجلة على مرتين لاختلاف الصور في الخلفية، وتغيير ألوان السماعات المستخدمة، كما بدا تميم مرتبكًا ما يعكس حجم الأزمة التي يعانيها وإن حاول التماسك والثبات.

ركز تميم في كلمته على رفضه المس بسيادة الدول وحرية التعبير، في إشارة إلى شروط دول المقاطعة فيما يتعلق بدعم قطر للإرهاب وسياسة قناة "الجزيرة"، وأشاد بالمستوى الأخلاقي والقيم وعدم الكذب التي يتحلى بها الجميع في قطر، رغم أن "الجزيرة" أساس التحريض والكذب والتدليس ومسئولين قطريين أدمنوا الإساءة للدول الداعية لمكافحة الإرهاب، كما أنه شخصيًا نكث بالعهود التي قطعها على نفسه ووقعها خطيًا في الرياض عامي 2013 و2014.

سعى تميم إلى لي ذراع الحقيقة وإخضاعها لأهوائه ومصالحه، وراح يرمي الآخرين بما اقترفت يداه، فبلده راعي الفتن والكراهية وداعم الصراعات الداخلية والإرهاب في المنطقة، ومع هذا هاجم دول المقاطعة وقال إن ما يحدث "عيب" حتى وإن كنا نختلف سياسيًا مع دول الخليج، مؤكدًا أن بلده يحارب الإرهاب، رغم تأكيد ترامب أن قطر معروف تاريخيًا أنها أكبر ممول للإرهاب، وفيما بدا "إذعانًا قطريًا" وتناقضًا مع كلمته، أصدر تميم شخصيًا مرسومًا لتعديل قانون مكافحة الإرهاب، واستحداث قائمتين للأفراد والكيانات الإرهابية!

يقول تميم: "إن الحياة تسير بشكل طبيعي في قطر"، ليعود مؤكدا "لا أريد أن أقلل من حجم الألم والمعاناة الذي سببه الحصار"! وفي جزئية أخرى ارتدى ثوب النصح منددًا بمن يريدون شراء الولاءات والانتماء بالمال، في إشارة إلى السعودية والإمارات، ونسى أنه اشترى الذمم والضمائر وكل شيء بالمال، ومنح جنسية بلده لمن هب ودب، وعلى سبيل المثال مفتي قطر القرضاوي "مصري"، المستشار السياسي عزمي بشارة "إسرائيلي"، الجيش وحماية الإمارة موزعة بين أمريكا وتركيا وإيران، أما المنتخبات الرياضية فمن جميع دول العالم!!

كوميديا تميم لا تنتهي، وقطر الخاسر الأكبر من استمرار الأزمة؛ لأنها تصدر الغاز وتستورد كل مستلزمات الحياة، وعلى تميم ترك الخبث والخداع وسماع صوت العقل وتغيير سياسة الخيانة و"النيران الصديقة".
Advertisements
الجريدة الرسمية