رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

السيسي و«الطابق المسحور»


الرئيس عبدالفتاح السيسي، لأنه شاب، يسعى بكل قوة، لنسف "الطابق المسحور".. ومؤتمرات الشباب أقوى الأدلة.
"الطابق المسحور" مصطلح صاحبه هو المفكر الكبير الدكتور مصطفى الفقي، رئيس مكتبة الإسكندرية حاليا، وفي أحد مقالاته أطلق زفرات متألمة؛ لأنه، وعدد كبير من أبناء جيله، لم ينل المكانة التي يستحقها في وطنه، حتى منصب الوزير لم ينله، رغم ما يتمتع به من ثقافة عالية، وخبرة عريضة، واتصالات واسعة، محلية ودولية، ومؤهلات أكاديمية.. المهم أن الرجل كتب، قبل ثورة 2011، مقالا عنونه "المصعد والدور المسحور"، يشبه فيه وضعه، وأبناء جيله، بما يحدث في البنايات الشاهقة، حيث يوجد ذلك الطابق المسمى بالطابق المسحور الذي لا تتوقف عنده المصاعد‏، صعودا أو هبوطا.. هو موجود في المبنى، ودوره قائم، لكن لا أحد ينتبه إليه.


الفقي كان يعبر عن هموم جيل تخطّى مرحلة الشباب، وكان مؤهلا لتولّي مناصبَ قيادية، إلا أنه، لسبب أو لآخر، لم يحظ برضا القيادة السياسية آنذاك، وبالتالي حصل من لا يستحق على أعلى المراتب، فيما حُرم هو من أبسطها. مصر دولة شابة، نحو نصف سكانها دون الثلاثين، لكن النظرة السائدة، والقول المأثور "ده لسة عيّل"، استنكارا لاحتلال الشباب مقاعد في الصفوف الأولى.. تحول دون احتلال الشباب للمراكز التي يستحقونها.

ورغم أن "العواجيز" أقلية، حيث لا يتجاوز معدل من نيَّف على الـ75 سنة، 1,3%، فقد اعتدنا ألا يتولى منصب الوزير من هو دون الستين، أو السبعين.. ولا أمل للشباب، إلا في بعض الأحيان النادرة، وغالبا ما يكون للمعرفة والوساطة دور في الاختيار.

حولنا نتابع الدول الكبرى يتناوب على رئاستها ورئاسة حكوماتها الشباب، ففرنسا يرأسها إيمانويل ماكرون الذي تتجاوز سنون عمره لـ40، ويرأس حكومتها إدوار فيليب 47 عاما، ولوران فابيوس كان رئيسا لوزراء فرنسا وهو لم يتجاوز بعد الـ39‏.‏. ولم يتخط عمر توني بلير عندما أصبح رئيسا لوزراء المملكة المتحدة وشمال إيرلندا الـ43. ورئيس وزراء كندا جاستن ترودو الذي يبلغ من العمر46 عاما.

القفزة الهائلة التي وضعها الرئيس ببرنامج إعداد القادة الشبان منذ فترة، والذي وصف بأنه "هدية الرئيس إلى الشباب"، وهو فكرته، ويتابعه بنفسه، وليس له أي توجه سياسي، واستهدف إنشاء قاعدة قوية من الكفاءات الشبابية لدى الدولة، لتستفيد بها في أي تعيينات مستقبلية، سواء وزراء أو محافظين أو مديري مدارس أو مستشفيات، وغيرها.

ويهدف البرنامج إلى تأهيل الشباب للقيادة، بإنشاء قاعدة قوية وغنية من الكفاءات الشبابية كى تكون مؤهلة للعمل السياسي، والإدارى، والمجتمعى بالدولة، وذلك من خلال اطلاعها على أحدث نظريات الإدارة والتخطيط العلمى والعملى، وزيادة قدرتها على تطبيق الأساليب الحديثة لمواجهة المشكلات التي تحيط بالدولة المصرية، وهو عبارة عن كيان مستقل تابع لرئاسة الجمهورية، ويُدار من خلال إدارة متخصصة محترفة ويتعاون في تنفيذه عدد من هيئات ومؤسسات الدولة والمجتمع المدنى.

السيسي بدأ بنفسه فقد وصلت نسبة الشباب في المجالس التخصصية التابعة للرئاسة لنحو 52%، وأغلبهم حاصلون على دكتوراه من الخارج.. هذا يعني أن هناك مخططا لنسف "الطابق المسحور".. الشباب قادمون.

مطلوب من أجيال العواجيز، والتي تستحوذ على غالبية الكراسي في الصفوف الأمامية، والمناصب القيادية في الدولة، أن يتراجعوا خطوة واحدة للخلف.. خطوة واحدة فقط.. لا أقول لهم اختفوا تماما من المشهد، ولكن ابقوا مع الشباب، لتفيدوهم بخبراتكم.. وتنقلوا إليهم تجاربكم.. وعلى الشباب الإنصات في حب، واحترام.. فالسنون لها قيمتها الكبيرة، وفوائدها الهائلة، وعليهم أن يبدأوا من حيث انتهى الكبار، وألا ينكروا أفضالهم، وإنجازاتهم.

أتمنى أن يمتد بي العمر حتى أرى رئيس وزراء مصر لا يتجاوز عمره الـ40، وأن يكون هناك وزراء دونها، ومحافظون، ورؤساء هيئات ومصالح وبنوك وشركات كبرى في الثلاثينيات.

في الوقت نفسه، لا أتمنى إنهاء خدمة الكبار سنا، وإخراجهم، قسرا، من الحياة العامة، بل علينا أن نبقيهم مستشارين وخبراء، حتى ولو متطوعين.
Advertisements
الجريدة الرسمية