رئيس التحرير
عصام كامل

اللواء فؤاد علام: اتهام «السيسي» بالتنكر لحلفاء 30 يونيو جهل أو عمالة

فيتو

  • نتيجة مواجهة الإرهاب أمنيًا.. «صفر»
  • الإرهاب مدعوم دوليا من دول المفترض أنها صديقة لنا
  • وزير داخلية سابق سيتولى رئاسة «مكافحة الإرهاب» 
  • بدأنا عمليات الحوار مع المتطرفين منذ ستينيات القرن الماضي
  • نشطنا بشدة في إجراء الحوار مع التيارات المتطرفة بعد اغتيال الرئيس السادات
  • القوات المسلحة والمخابرات الحربية يوجهون للتنظيمات الإرهابية ضربات مؤثرة
  • مصر أفشلت مخططا كان يهدف لإلحاقها بمصير «العراق وسوريا وليبيا»
  • الأحزاب لا تقوم بدورها في تجديد الحياة السياسية ومدّها بالكوادر القادرة على النهوض بالوطن
  • أتمنى نزول مرشحين آخرين في انتخابات الرئاسة المقبلة 


قبل لقائي باللواء فؤاد علام، أحد أهم الخبراء الاستراتيجيين التاريخيين، في الحركات الإسلامية، وكيل جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق، والذي يمكن وصفه بـ«الصندوق الأسود لتاريخ الإخوان الحقيقي»، تحركت قبل موعدي بساعتين، الطريق كالعادة حمل مفاجآت غير سارة، زحام شديد، وعنوان منزله الذي أقصده، بدا وكأنه سرداب من سراديب أمن الدولة، في مدينة التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة.

كل الذين لجأت إليهم لمعرفة تفاصيل الطريق، أجابوا بشكل متضارب، كما هو معروف عن المصريين، في مثل هذه المواقف، لم أكن راغبا في الاستفسار مرات أخرى من اللواء علام نفسه عن عنوانه، فهو بالرغم من ألفاظه الراقية التي يتفوه بها، إلا أن نبراته تحمل نوعًا من رباطة الجأش، واختصار الحروف، بما يعني أن كلماته لا يصح إهدارها، والخطأ في استيعابها، لا يجوز تكراره. 

تأخرت قليلا بفعل الزحام، وكان توقعي في محله بعدما اتصلت للاستئذان بتأجيل الحوار نصف ساعة أخرى، رفض اللواء وشدد على ارتباطه بموعد مع جهات، بدّت لي من إصراره أنها رسمية ونافذة؛ تعّقد الموقف، طول الطريق وحرارة الشمس الملتهبة، كانت تسبغ بعدًا ملحميا آخر على هذا الحوار.. ولكن قررت خوض جولة من النقاش التفاوضي لعدم تأجيل اللقاء، بدا «علام» خلالها متحفظا بشدة على تجاوز «خطيئة التأخير».

شرحت المعاناة التي تعرضت لها في سبيل الوصول إليه، ثم تبعتها بمحاولة أخرى على استحياء، لحثه على الاستجابة، أمهلني دقائق لبحث الأمر، وأخيرا جاءت الموافقة والقبول بتأخير الموعد ساعة أخرى، لتبدأ هذه الدقائق المتبقية على الوصول إلى الرجل مجموعات عمل بداخلي، لإعادة ترتيب الأسئلة، والتهيئة النفسية للقبول بهجوم متوقع، قررت سريعا حذف بعض الأسئلة، التي هي على أهميتها، ستضعني حتمًا في مواجهة قد تجعل المقابلة نمطية، والإجابات غير مفيدة.

قبل الشروع في تهذيب الأسئلة التي كانت تنقل واقعا حرفيا للحياة السياسية من وجهة نظر المعارضة، بدا أمامي فجأة ما قاله حسن أبو باشا، وزير الداخلية الأسبق عن «علام»: هو ضابط من النوع الذي لا تخدعه القشور، لا ينظر إلى الأمور من زاوية واحدة، يسلح إمكاناته بالثقافة العامة، ثم يسعى إلى الغوص في أعماق أي موضوع يسند إليه بحثه أو دراسته.

تراجعت وقررت خوض المواجهة والحديث مع الرجل بما يتردد على الساحة السياسية والأمنية والدينية، تحدث علام دون مواربة، كان صادما في بعض الأجوبة، ولكنه أعطى ردودا جديدة، تختلف بشدة عن المتاح والمستهلك على الساحة السياسية والأمنية، بداية من شرح أسانيد القوة التي تبدو عليها التنظيمات الإرهابية في مواجهة الدولة، والفرق بينها وبين ما كانت عليه قديما، مرورا بتفنيد الانتقادات والاتهامات الموجهة لثورة 30 يونيو، والنظام السياسي الحالي الذي يراه البعض، قوض آمال التعددية التي كانت كانت تحلم بها الأطياف السياسية منذ اندلاع 25 يناير.. ومن هنا سألناه.


* بداية.. ونحن نعيش ذكرى ثورة 6/30.. كيف ترى الهجوم على نظام الرئيس السيسي واتهامه بالتنكر لأحلافه من الشركاء المدنيين الذي دعموه في الوصول للسلطة؟
أصدر هجوما مباغتا وبدا يحاول الرد بطريقة قاسية دون انفعال.. قال: هذا كلام لا يصدر إلا عن جاهل أو عميل.
لماذا ؟
أجاب: لأن ثورة 30/ 6 قام بها الشعب المصري بأكمله، ولم يكن بها أحلاف، ولا يصح أن يقال هذا.

* سألته.. إذن ما أهم الإنجازات التي تراها لنظام الرئيس السيسي حتى الوقت الحالي، وتتجاهلها المعارضة أو لا تراها، أو لا ترغب في رؤيتها ؟
الإنجازات كثيرة وعظيمة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية، من عاصمة إدارية إلى قناة السويس الجديدة إلى دعم الجيش وتعظيم قدراته، إلى القضاء على الإرهاب، الذي تمت محاصرته وتقطيع أوصاله، ولم يتبق منه في سيناء إلا مناوشات على فترات متباعدة، تعبر في مجملها عن قوة أجهزة الأمن ونجاح خططها في مواجهته.

* حاولت إعادة الحوار إلى منطقة الهدوء التي يجب أن تكون فيها.. سألته: بمناسبة سيناء.. كان لك اقتراح شهير بإخلاء المنطقة الشمالية 6 أشهر للقضاء على الإرهاب بشكل كامل.. ألا ترى أن هذا التصور يخدم فزاعة التهجير التي تستخدمها الإخوان كلما اشتدت اليد الأمنية على العناصر الإجرامية هناك؟

بهدوء وثقة قال: بالطبع سيخدم هذه الفزاعة، لكن الدول لا تتعامل بمنطق العاطفة، ولا تخضع لمثل هذه الدعاية، أنا أرى مصالحي وأعرف جيدا كيف يمكن الحصول عليها، وهذا المقترح كان سيضمن خروج كل ما ليس له علاقة بالإرهاب، ما يمنح الفرصة للأمن في القضاء على الإرهاب، وتنظيف المنطقة بالكامل، وكان سيوفر علينا الكثير من تكلفة المواجهة مع تلك العناصر الإرهابية.

* ذهبت أكثر إلى مربع تخصصه: مراجعات الإسلاميين بدأت منذ ستينيات القرن الماضي ومرت بمراحل مختلفة حسب سخونة الأحداث السياسية في مصر.. برأيك أي مرحلة تعتبرها الأفضل في نتائج الحوار مع التيارات الدينية المتطرفة؟

أجاب: بالفعل.. نحن بدأنا عمليات الحوار مع هؤلاء منذ ستينيات القرن الماضي وليس كما هو سائد حول حصر القضية في تسعينيات القرن الماضي، وكان الحوار يهدف إلى تصحيح مفاهيمهم، وإعادة إدماجهم في المجتمع مرة أخرى، وإقناعهم بخطأ معتقداتهم التي كانوا يدعون إليها منذ الستينيات، ولكن قمة النشاط في إجراء الحوار معهم كان بعد اغتيال الرئيس السادات، وتم ذلك بأسلوب علمي، ما أدى إلى تراجع العمليات الإرهابية، وحصل انكماش وتفكيك لمجموعات وجماعات إلى أن تم تفكيك الإرهاب بالكامل عام 1997، وهو بداية الإعلان عن المراجعات التي عرفت بمراجعات التسعينيات، بعدما ذهبوا إلى المحكمة وأعلنوا التراجع عن أفكارهم التكفيرية للحاكم والمجتمع.

* وماذا ترتب على عودة قيادات التكفيريين والإسلاميين عن أفكارهم؟
قال بثقة واضحة: ترتب على ذلك انحصار التطرف وتراجع العمليات الإرهابية والمواجهة مع الدولة، والأهم أن بعضهم بدأ يقود المراجعات بنفسه وتصحيح هذه المفاهيم الخاطئة، أمثال ناجح إبراهيم وكرم زهدي وعشرات غيرهم.

* معنى حديثك أنكم جمعتم أدلة فقهية تفوق أدلتهم التي يطرحونها دائما على أتباعهم؟
نعم.

* إلى من أستندتم في ذلك؟
كان يعمل معنا مجموعة كبيرة من العلماء الذين أعدوا ردودا علمية كاملة عليهم، وكان هناك فلسفة كاملة لمواجهة الإرهاب، خاصة أن النتيجة السابقة للمواجهة الأمنية مع تلك الجماعات كانت محصلتها «صفر»، وبالتالي النقاش معهم ومواجهتهم بصحيح الدين والأدلة الشرعية للإسلام الصحيح، هو الذي يجب أن يكون، وهو ما عملنا عليه.

* تقول دائما إنه هناك محاور ست للتعامل مع الإرهاب.. هل لا تزال صالحة للتعامل في الوقت الحالي مع بؤر التطرف والعنف الصارخ الذي تواجهه مصر حاليًا؟

يرد واثقا: بالطبع.. عندما تواجه هؤلاء سياسيا واجتماعيا وإعلاميا، وثقافيا، ودينيا، وأخيرا أمنيا، ستكون النتائج مبهرة، وهذا ما يجب أن يكون.

* ما الفرق بين الإرهاب قديما وما بات عليه الآن؟

الفرق أنه لأول مرة على مدار الـ 100 عام الماضية، يصبح الإرهاب مدعوما دوليا من بعض الدول المفترض أنها صديقة، بالإضافة بالطبع إلى بعض الدول المعادية المعروفة، ولأول مرة أيضا لم تعد التنظيمات الإرهابية، تعاني أي أزمات مادية، ولا أزمة في الحصول على السلاح، كما أنها المرة الأولى التي تسيطر فيها هذه التنظيمات، على مساحات من الأراضي، ويعلنون من خلالها قيام خلافتهم المزعومة.

* وما سر التمسك الشديد للدواعش بالتواجد داخل مصر رغم محاصرتهم من الجيش والشرطة وتقطيع أوصالهم؟
لأن مصر العمود الذي يستطيع إيقاف كل تلك المخططات، خاصة أنها استطاعت بالفعل إفشال سيناريو إلحاقها بمصير العراق وسوريا وليبيا.

* وهل تسرى هذه الفروق أيضا على الأعمال الاستفزازية التي يقومون بها حاليًا مثل حرق البشر والذبح والتفجير والتدمير وغيرها؟
لا لم يكن هذا موجودًا في القدم، ويحدث ذلك حاليا بفعل المؤامرات الدولية، التي تستهدف أن تشعل هذه الجماعات اضطرابا في المنطقة، من أولها إلى آخرها، وتثير الذعر بين المسئولين وشعوب المنطقة لأهداف في النهاية، ترمي إلى انقلاب الشعوب على أنظمتها، ما يجلب الفوضى إلى المنطقة بأكملها.

* لماذا أصبح الكشف عن التنظيمات السرية وخاصة التي تنتهج العنف ضد الدولة أمرا معقدا للغاية بخلاف الماضي؟
قديما كان هناك ضابط اتصال، في أي تنظيم سري للإخوان، وكان يأخذ التعليمات من القيادة يقوم بإيصالها للقاعدة، كانت هذه تسهل مهمة رجال الأمن، فعندما يصلون إليه يعرفون المعلومات الكاملة من القيادة إلى القاعدة، أما الإنترنت حاليا ووسائل الاتصال الحديثة من الصعب اكتشافها ومتابعتها، في ظل الدعم الدولي، والأساليب الجديدة في تنفيذ العمليات الإرهابية، والإمكانيات المادية والسلاح، ولكن مع كل ذلك القوات المسلحة والمخابرات الحربية وجهاز الأمن الوطني ناجحون جدا في اكتشاف تلك التنظيمات وتوجيه ضربات مؤثرة لهم.

* أغلب الباحثين في شئون الجماعات الإسلامية يرون الإخوان هي الحاضنة الأم للتنظيمات التكفيرية وعلى رأسها داعش.. هل تتفق مع ذلك بحكم احتكاكك الطويل بهم؟
أجاب دون تردد: الإخوان بالطبع هي الجماعة الأم لكافة التنظيمات التكفيرية، وما يحدث اليوم من عنف مستشرٍ، تم كشفه منذ عام 1948، عندما كانت هي الجماعة الوحيدة في المنطقة بأكملها، وحتى أسس حل الجماعة وقتها، حملتها المذكرة المرفوعة لرئيس الوزراء، ووزير الداخلية، والتي أكدت أن الإخوان كانت تسعى إلى السلطة والحكم، عبر قلب النظم المقررة في البلاد، وضمن ذلك العنف، وثبت عليها جمعها للأسلحة والمتفجرات لاستخدامها في الوقت المناسب للانقضاض على الحكم.

* قبل 3 أشهر أعلن الرئيس عن إنشاء المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب ولم يعلن تشكيله من وقتها حتى الآن.. ألا ترى أننا نخسر كثيرا كلما تأخرنا عن مواجهة الإرهاب بآليات فكرية وسياسية إلى جانب المواجهة الأمنية؟
أجاب بخليط من التفاؤل الحذر: بالطبع كل يوم نتأخر فيه يكلفنا مزيدا من الأرواح والأموال، وحسب المعلومات- إن صحت- سيكون اللواء أحمد جمال الدين، وزير الداخلية الأسبق، هو المسئول عن تشكيله، بأي حال المجلس مُطالب بالإسراع في تشكيله، والإعلان عنه لمواجهة عمليات التجنيد التي تتسارع عبر الفضاء الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي- السوشيال ميديا-.

* البعض يرى أن المجلس قد يواجه بعض التضارب بسبب جمع ما هو فكري إلى جانب ما هو أمني وتنفيذي ولكل هؤلاء حلول ربما تتنافر مع الآخر.. كيف ترى ذلك؟
عاد إلى الهجوم الواثق مرة أخرى: هذه رؤية خاطئة وليست صحيحة، فعندما يدشن المجلس بقرار رئاسي، إذن هذا يعني أن أكبر مؤسسة في الدولة ترعى المجلس، ومن الأساس كل هذه الجهات التي ذكرتها، عندما ستجلس على مائدة واحدة، لن يكون هدفها الأساسي إلا البحث في كل العوامل، التي تستطيع تحجيم الإرهاب عبر أسس علمية مدروسة.

* الجماعات الدينية كانت تلجأ للريف دائما للبحث عن صيد ثمين بداخله.. هل ما زالت البيئات الخشنة مثل الريف والصحاري مصادر إمداد الجماعات الدينية والتكفيرية بالعناصر الجديدة.. أم تغير الوضع مع السوشيال ميديا؟
الإنترنت قضي على ذلك، وحاليا منصات التواصل الاجتماعي موجودة داخل كافة الأسر، وتستطيع هذه الجماعات الوصول إلى كافة الأعمار التي تستهدفها، وعمليات تجنيد العناصر الجديدة حاليًا تتم عبرها.

* هل شاهدت مسلسل الجماعة في جزئه الثاني؟
نعم.

* ما مدى اتفاقك مع سياقات المسلسل التي أكدت انضمام عبد الناصر للإخوان بغض النظر عن اختلافه مع الرؤى العامة للجماعة التي كانت ولا زالت تفضل ذاتيتها على مصالح الدولة؟
رد بثقة واضحة: لا هذا غير صحيح.. المسلسل في النهاية عمل فني، لا يمكن الاحتكام إليه كمرجعية تاريخية، والحقيقة أن عبد الناصر جلس وتحاور واخترق جميع الأطراف الفاعلة وقتها، وليس الإخوان وحدهم، حاور بجانبهم السعديين ومصر الفتاة والشيوعيين أيضًا.

* بعض النقاد والسياسيين هاجموا المسلسل وقالوا إنه يخدم الجماعة والبعض الآخر يرى أنه قدم الوجه الانتهازي للإخوان.. إلى أي فريق تقف؟
وحيد حامد كشف إلى حد كبير الوجه الانتهازي للجماعة وشيوع العنف والتكفير فيها.

* عاصرت سيد قطب ورأيته قبل إعدامه.. كيف كانت حالته في هذه اللحظة الفارقة؟
كنت مكلفا باصطحاب «قطب» من السجن الحربي إلى سجن الاستئناف، لتنفيذ حكم الإعدام فيه، وفي رأيي أنه كان مذهولًا وغير مصدق لما يجري.

* كيف ترى ضبابية المشهد السياسي وتناقص خيارات التنافس على منصب رئاسة الجمهورية التي سنتعقد بعد عام من الآن؟
أتمنى نزول مرشحين آخرين، بجانب الرئيس السيسي إلى انتخابات الرئاسة المقبلة إن حسم قراره بالترشح لفترة أخرى، فهذا يثري العملية بشكل كامل، وأنا هنا ألوم الأحزاب السياسية التي لا تقوم بدورها بشكل أمثل في تجديد الحياة السياسية، ومدّها بالكوادر القادرة على النهوض بالوطن، خاصة أن هذا هو عملها الأساسي الذي وجدت من أجله.

أخيرا.. كثير من المصريين لا يعرفون الوجه الآخر لـ«فؤاد علام».. ماذا عن الأيدلوجية والنشأة وكيف كانت البداية في التعامل بينك وبين الإخوان؟
مواطن مصري عروبي، مؤمن أن الشعب المصري من أعظم شعوب العالم بلا استثناء، والدي من محافظة المنوفية، ووالدتي من الدقهلية، التحقت بكلية الشرطة عام 1952، 1953، وتخرجتُ عام 1957، وكنت ضمن الدفعة الأولى، التي حصلت على ليسانس الحقوق بجانب دبلوم كلية الشرطة، عُينت في مديرية أمن السويس، ومكثت فيها عامين، ونقلت إلى المباحث العامة، وشاركت في إحدى القضايا المهمة، ولكفاءتي فيها، نقلت إلى القاهرة، وعملت في فرع القاهرة ثم الإدارة العامة، إلى أن تم تعيني مديرا لشرطة السياحة، ثم مديرا لأمن بورسعيد، وتمت إحالتي للتقاعد في عام 1988.

حكايتي مع الإخوان، بدأت في صيف عام 1946، عندما اصطحبني والدي لقضاء بعض الوقت، في قريتنا ميت خاقان بمحافظة المنوفية، وأثناء لعب الكرة مع بعض أبناء القرية، حضر بعض الشباب ومن بينهم ابن عمي وطلبوا منا الحضور إلى مقر الشعبة لمقر شعبة الإخوان في المساء، وهناك دارت أحاديث عن الخير والفضيلة، ودخول اللجنة، عندئذ تمنيت أن أكون أحد هؤلاء، ولكن والدي وكان يعمل ضابط شرطة، حذرني من هذه الجماعة ولم أعرف سبب تشدده وقتها. 

المرة الثانية لي معهم، كانت في المدرسة السعيدية، عندما نُقل والدي للعمل في مديرية أمن الجيزة، وقتها لفت نظري تجمع بعض الشباب مع مجموعات من الأطفال، وكانوا يحدثونهم في أمور الدين؛ أشهرهم في ذلك الوقت الطالب أحمد فراج، المذيع فيما بعد.

وعندما التحقت بكلية التجارة قبل كلية الشرطة، وأثناء انتخابات اتحاد الطلاب، لم يعجبني سلوك اثنين من المرشحين، لاستخدامهما القوة ضد زملائهما، فأخذت منهما موقفًا معارضا، وفور خروجي من غرفة الانتخاب، فوجئت بهما ينهالان على بالضرب المبرح، وبعد ذلك جمعتني بهم مواقف عدة، حتى تعرفت على حقيقتهم الكاملة من قبل التحاقي بالشرطة، ثم كانت رحلتي معهم المعروفة للكثيرين والمدونة بأكملها في كتابي «الإخوان وأنا».


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية