رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية متقولش إنك «ناصري أو ساداتي أو سيساوي»!


ترديد النصيحة السابقة كثيرًا يعكس أزمة في فهم آليات وطبيعة العمل السياسي في مصر أو حتى طبيعة العمل السياسي في أي مكان بالعالم.. ويؤكد تخلف النشاط الحزبي واستمرار فكرة "العائلة الواحدة" وخلفها "ليه نقسم نفسنا بس" و"محبش أنتمي لفرد" إلى آخر هذه المبررات !


فعلماء الاجتماع السياسي وهو تاج أفرع العلوم السياسية وأهمها يصدون تطور المجتمعات البشرية عبر الزمن ومع تطورها تطورت أيضًا وسائل حل الخلافات السياسية الذي انتقل تدريجيًا من القتل واستخدام الحجارة في البداية إلى استخدام السهام والسيوف والنبال والسم في زمن تلاها ثم استخدام الرصاص والقنابل في زمن بعده إلى أن توصلت البشرية إلى حل الصراع السياسي في المجتمع الواحد -في المجتمع الواحد- بوسائل سلمية متحضرة منها التظاهرة السلمية والندوة السياسية والمؤتمرات الجماهيرية والبرنامج الانتخابي والاعتصام الاحتجاجي والمقال الصحفي والبيان السياسي والشارات الاحتجاجية ضمن حياة سياسية أو حزبية المفترض أنها صحية!

في هذا التنافس الأخير يتم تصنيف الناس ليتم التمييز بينها.. فليس منطقيًا أن يتم سؤال كل شخص كل الأسئلة التي يمكننا تمييزه بها لنعرف انحيازاته ورأيه في أغلب القضايا.. يكفي أن تعرف أنه وفدي لتعرف أنه ليبرالي تقع حريات الناس على قمة أولوياته وتعرف أنه ناصري لتدرك أن حياة الناس بشكل كريم ومتطلباتهم الأساسية، وهو ما نسميه العدل الاجتماعي وانحيازه للتخطيط الاقتصادي الشامل والاعتماد على الذات على رأس اهتماماته وأن تعرف أن فلانًا يحب السادات لتعرف أنه يؤيد الانفتاح الاقتصادي والاعتماد على القطاع الخاص في التنمية والصداقة مع أمريكا على قمة اختياراته وأن ذاك ماركسي لتعرف أن حقوق العمال والحركة النقابية على جدول انحيازاته وأن الآخر إخواني لتعرف أنه متخلف وإرهابي !

لذلك ورغم أن الانحياز للرؤساء يتم في الأغلب بعد رحيلهم بشرط أن يتركوا تراثا مكتوبا وهو متحقق عالميا مع ماركس وربما مع ديجول ومتحقق محليا مع جمال عبد الناصر وحده في 3 وثائق مكتوبة هي "فلسفة الثورة" و"الميثاق الوطني" "وبيان 30 مارس" فإن الانحياز لرئيس في السلطة يعكس دعمًا له والاصطفاف خلفه وتأييده في مجمل سياساته حتى لو هناك اختلاف في بعض التفاصيل وهي كلها ظاهرة متحضرة تدفع إلى عمل سياسي إيجابي وحركة وطنية جيدة كلها في حب الوطن -عدا الإخوان- وفي التنافس من أجله كل من أطرافه له وجهة نظر للنهوض بالوطن والشعب وليست حبا عاطفيا لأشخاص كما يقولون !!
الجريدة الرسمية