رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مكتب التنسيق.. وأزمة التعليم.. وحكاية فؤاد حداد!


كل عام تخرج أصوات تهاجم مكتب التنسيق، ويكيلون له كل الاتهامات التي لو صدقت لأصبح هو المسئول الأول عن تدمير مستوى التعليم في مصر، يدعون أن التنسيق يعتمد على المجموع وليس حسب رغبة الطالب وهذا كارثة، لأن مكتب التنسيق يحرم الكثير من أصحاب المواهب من الالتحاق بكليات الفنون، وأيضا يدعون المجموع حرم مصر من عبقريات فذة في كل المجالات، مع كل تقديري لحسن النية لدى معظم هؤلاء، إلا أن مكتب التنسيق لا يزال هو الملمح الوحيد للعدالة الاجتماعية في مصر، بنت حارس العمارة تستطيع الالتحاق بالطب بمجموعها وأيضا لا تدخل الطب بنت رئيس الجمهورية إلا بمجموعها، القضية ليست في مكتب التنسيق، بالرغم أن التنسيق كان السبب الذي قدم لنا أحمد زويل ومجدى يعقوب ومصطفى السيد وحمدى السيد وخيرى السمرة وكل فنانى مصر التشكيليين، بل في كل المجالات.


قضية التعليم تبدأ من السنوات الأولى من عمر الطفل، تبدأ بإعداد معلم حقيقى، تبدأ بمنهج متطور، الأهم من هذا بإيمان الدولة بأن التعليم هو الخطوة الأولى للقفز إلى عالم متحضر، الحقيقة قرأت دراسة علمية بقلم د.سهير السكري.. لهذا منعوا الكتاتيب، تقول الدراسة:

الطفل الغربي حصيلته اللغوية 16000 كلمة وهو في عمر ثلاث سنوات في حين أن الطفل العربي محصور في اللغة العامية وهي لغة الأم في البيت والعامية للأسف الشديد محدودة ومحصلتها 3000 كلمة فقط يتعلمها الطفل، أي أن الفارق بي حصيلة الطفل الغربي والطفل العربي 11000 كلمة لصالح الطفل الغربي.

بالتالي يصبح عقل الطفل العربي يعيش في حدود ضيقة جدا من التحصيل اللغوي وهذه معلومات مفزعة وخطيرة ومعناها أن الأمة ضائعة أو تكاد.

في كتاب "الإسلام الثوري" لجيسين يقول gason: إن الإنجليز والفرنسيين عندما انهارت دولة الخلافة وورثوها كمحتلين قاموا مشتركين بعمل دراسة عن سبب قوة الإنسان أو الفرد المسلم والتي أدت هذه القوة الجبارة إلى أن المسلمين غزوا العالم من المحيط الأطلنطي إلى فيينا وضواحي باريس إلى الهند وأدغال أفريقيا.

فوجدوا أن الطفل العربى من عمر 3 سنوات إلى 6 سنوات يذهب إلى الكتاب ويحفظ القرآن وبعد أن يحفظ القرآن من 6 : 7 سنوات يدرس ألفية ابن مالك وهي 1000 بيت شعر والتي بها كل قواعد اللغة العربية الفصحى.

إذا الآن لدينا طفل عمره 7 سنوات وهذه محصلته اللغوية فهو طفل ليس عاديا بالنسبة للطفل الغربي بل هو طفل سوبر جبار العقل والذكاء حيث إن عدد كلمات القرآن حسب تفسير ابن كثير هي سبعة وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة، فخلص الإنجليز والفرنسيون من هذه الدراسة المشتركة أن سبب قوة الفرد يتعلمها في الكتاتيب تحفيظ القرآن وحساب وغيرهما من معلومات.

فقامت فرنسا بإلغاء الكتاتيب في أفريقيا وجميع المدارس التي تحت سيطرتها مثل لبنان وسوريا وإن بقى بعض الكتاتيب في سوريا قاومت به المحتل لمدارسها.

أما الإنجليز فقالوا شيئا مختلفا وهو أن المصريين هم من اخترعوا الدين من قبل الميلاد وإن قلنا لهم أننا سنلغي الكتاب فلن نستطيع الوقوف أمامهم وبالتالي سنقوم بالقضاء بسوء السمعة فقاموا بعمل مدارس أجنبية لأولاد الأغنياء، لكن لن يتم فيه تدريس المنهج الإنجليزي بل يجب أن يكون أضعف بكثير لتكون لغة الأسياد للأسياد فقط، وحتى لا يستطيع الطفل العربي التوغل في العلوم والمعرفة بسبب ضعف تحصيله للغة بريطانيا، والغرب وبعد ذلك أنشئوا المدارس الحديثة وكان عمر الطفل بها 6 سنوات، وبالتالي ضاعت من الطفل أهم فترة تحصيل في حياته وهي من تاريخ ولادته إلى 7 سنوات تقريبا، وبالتالي نجح الإنجليز في ضياع فترة تحصيل الطفل العربي اللغوية، وعندما يذهب الطفل للمدرسة في عمر 6 سنوات سيجد كلمات باللغة العربية الفصحي وهذا غير ما تعلمه في البيت من كلمات عامية مختلفة تماما عن المدرسة فيجد الطفل نفسه واللغة العربية بالنسبة له عبارة عن لغة غريبة عليه وصعبة التحصيل ويبدأ مرحلة بغض لغته من الصغر.

وبالتالي لن يتحدث اللغة العربية بطلاقة وضاعت منه أكثر من 77000 كلمة لغوية في عمر مبكر جدا، فهل علمتم يا سادة لماذا نحن أمة ضائعة ومهزومة ومتخلفة عن الحضارة ؟

انتهى ما كتبته د.سهير السكرى، ولتأكيد هذا قصة الشاعر الكبير فؤاد حداد وهو لبنانى مارونى الأصل، فوجئ الحى الذي ولد فيه بأن والده أرسله إلى الكتاب، فتعجبوا ولكن والد الطفل فؤاد حداد رد عليهم قائلا: إننى أرسله حتى يتعلم اللغة والحساب حتى إذا التحق بالمدرسة يكون مؤهلا لتقبل أي شىء يقال له، ولأن القرآن يوفر هذا بسهولة!

نحن ندرك أن التعليم في مشكلة حقيقية، ويحتاج إلى ثورة حقيقية شاملة، بالتأكيد هذا جزء مهم من خلق طفل بلا قدرة حقيقية على التعلم، الهدف من الكتاب هو تدريب الذاكرة والعقل على الاستيعاب، وهنا ننهى كلماتنا بأحلى كلام في حب مصر للشاعر الكبير فؤاد حداد في إحدى حلقات المسحراتى يقول:

أنا طول حياتي ضنا يا طول حياتك أم،
يا مصر يا معلماني الصبر والخضرة،
أنا الفقير الضعيف آمنت بالقدرة،
يا شبر إيدك في قلب الليل هلال رجبي،
نزل عليّ وقال لي يا ضنا اكتب،
ولا أحد أغنى من المالك لسان عربي،
ولا أحد أقوى من اللي عمره ما بيكدب،
يا شبر إيدك في قلب الليل هلال رمضان،
نزل عليّ وقال لي اسهر على الأوطان،
وأنا طول حياتي ضنا يا طول حياتك أم”

Advertisements
الجريدة الرسمية