رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

رحلات سفر.. ومحطة وصول


تلقيت دعوة كريمة من السادة الأشراف، أشراف صعيد مصر، فضيلة الشيخ أحمد شمس وشقيقه فضيلة الشيخ محمد شمس، خلفاء وورثة جدهم سلطان الصعيد سيدي الفرغل، للمشاركة في الاحتفال بذكرى مولد جدهم رضي الله عنه، فقمت بتلبية الدعوة الكريمة وتوجهت إلى محطة القطار المتوجه إلى مدينة أبو تيج بصعيد مصر، وبعدما ركبت القطار فإذ بالرجل الذي يجلس بالمقعد الذي بجواري يقبل على فرحا ويصافحني بحرارة شديدة وهو يقول: "ايه الحظ السعيد ده والله طلبت من ربنا أن يجمعني بك وأشوفك، أنا كان نفسي أشوف حضرتك من زمان، وأنا صديق لك على الفيس ومتابع جيد لكل ما تكتبه وتنشره، وكل ما يعرض لك من الأعمال في وسائل الإعلام في الإذاعة والتلفاز وفي الصحف، وبوابة فيتو، ومتابع سفرياتك وأخبارك وأنت يا أستاذ رمضان دائم السفر، وواضح إن حضرتك بتحب السفر"..


رحبت به وجلسنا طول الرحلة التي امتدت إلى ست ساعات نتحدث سويا عن السفر والترحال، وكان مما قلته في ذلك، أخي الكريم كلنا في رحلة سفر منذ أن جئنا إلى هذه الحياة منذ لحظة الميلاد مرورا إلى عالم البرزخ بعد الوفاة، وصولا إلى أن نلقى الله تعالى في الآخرة نحن في رحلة سفر، رحلة لم تبدأ كما يظن الكثير من الناس من المولد منذ أن جئنا إلى هذه الدنيا، بل كان لنا وجود سابق في عالم يسمى بعالم الذر أو عالم الأرواح أو عالم العهد والميثاق وهو عالم سافرت فيه الأرواح، وانتقلت من مكنون علم الغيب الإلهي، حيث كان لنا وجود مسبق في علمه سبحانه وتعالى، وانتقلنا بالقدرة الإلهية إلى ظهر أبينا آدم عليه السلام، وكانت أول محطة وصول لأرواحنا..

ثم سافرت الأرواح من ظهر أبينا آدم عليه السلام إلى عالم الأرحام حتى كان التكوين الخلقي وارتداء أثواب البشرية، ثم ارتحلنا من عالم الأرحام إلى عالم الدنيا والظهور والشهادة الذي نحن فيه الآن، ونحن فيه في سفر دائم إلى أن نتوفى، وتنتهي الآجال المقدرة لنا من الله عز وجل، ونصل إلى محطة عالم البرزخ..

عالم الخروج من التقييد والتحرر من الثوب البشري إلى عالم الإطلاق، وفي إشارة إلى ذلك يقول سبحانه: "فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد"، ونستقر فيه بحالة وكيفية لا يعلمها إلا الله، إلى أن يأذن سبحانه وتعالى بالبعث والنشور، فنبعث ونسافر بالأرواح والأجساد إلى عالم الآخرة، عالم الديمومة، عالم الخلد والخلود، حيث المحطة الأخيرة التي لا سفر بعدها..

المهم أن ندرك أننا في حال سفر دائم في رحلة الأنفاس، وأننا مختبرون ومبتلون في رحلة السفر، وأننا مقبلون بعد ذلك على الإله الخالق مقدر الأقدار، والذي قدر لنا كل هذه الرحلات، حيث المستقر ومحطة الوصول التي ليس بعدها سفر، والمهم أن ندرك أن بدايتنا كانت في علم الله ومستقرنا ومآلنا إلى الله، وأنا مفارقون كل من جمعنا الله به في رحلة سفرنا، وأن الوحيد الذي يصحبنا دوما ولا مرافقة له هو الله وحده سبحانه وتعالى، وعلى التحقيق ليس لنا سواه ولنتذكر دائما قوله تعالى: "ياأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه"، وأن نعد أنفسنا لهذا اللقاء، وياحبذا إن كان اللقاء لقاء حبيب بحبيبه، اللهم أحسن لنا الخاتمة واللقاء، وأجعل أنفاسنا وحركاتنا وسكوننا في طاعتك وذكرك..
Advertisements
الجريدة الرسمية