رئيس التحرير
عصام كامل

فيها حاجة حلوة.. رأس البر!!


عشر سنوات مضت على آخر زيارة لي لمدينة رأس البر، والأسبوع الماضي قمت بزيارة سريعة لها، ولكن فوجئت بمدينة أخرى من حيث الجمال والنظافة والنظام، فهل يصدق أحد أن التوك توك الذي يسير في كل قرى ومدن وشوارع مصر (حتى في المهندسين والزمالك ومصر الجديدة) ممنوع من دخول رأس البر؟ هل يصدق أحد أن شوارع رأس البر خالية من القمامة؟ هل يصدق أحد أن سيارات النقل التي تعمل في مجال نقل الركاب ممنوعة من دخول رأس البر؟ هل يصدق أحد أن الدراجات البخارية غير المرخصة ممنوعة من دخول رأس البر؟ 


أنا شخصيًا ما كنت أصدق ذلك لولا أن رأيته بعيني، والعبقرية ليست في المنع فقط، ولكن في توفير البديل المحترم من وسائل النقل الداخلي، هذا بالإضافة إلى الاهتمام بالنظافة والتجميل، حقيقي رئيس المدينة الذي لا أعرف اسمه يستحق الاحترام والتقدير لأنني علمت أيضًا أنه تعامل مع حملات الإزالة الأخيرة بكل حكمة حتى لا يفسد على المواطنين الموسم السياحي؛ ولأن أي مسئول مصري يحتاج مسئولًا أكبر منه يدعمه فمن المؤكد أن رئيس مدينة رأس البر لم يفعل ذلك إلا إذا كان وراءه محافظ فاهم وواعٍ وقوي..

مدينة رأس البر حاليًا تستحق نظرة أكبر وأشمل من الحكومة ووزارة السياحة تحديدًا، فبعد الانتهاء من إنشاء فندق اللسان فإن هذه المدينة لا ينقصها شيء حتى يتم الترويج لها سياحيًا في الخارج ووضعها على خريطة البرامج السياحية في البحر المتوسط، وخاصة سياحة الكروز؛ لأن في هذه المنطقة معجزة إلهية غير موجودة في أي مكان في الدنيا، وتحدث عنها القرآن الكريم قبل أربعة عشر قرنًا وهي ظاهرة فيزيائية عجيبة، لا يمكن للبشر مشاهدتها بأم أعينهم، بل اكتشفها العلماء في نهاية القرن التاسع عشر لكونها تحدث داخل البحار، وكذلك فإنه لا يمكن رؤيتها حتى ولو تم الوصول لمكان حدوثها.

هذه الظاهرة هي وجود حاجز أو فاصل بين المياه المالحة والمياه العذبة عند التقائهما في مكان ما، هذا الحاجز يحول دون حركة كل من المائين باتجاه بعضهما البعض، فلا يمتزجان مع أن مستوى الماء العذب أعلى من مستوى الماء المالح.

تحدث القرآن الكريم عن وجود هذه الظاهرة العجيبة في ثلاث آيات قرآنية:
في قوله تعالى: ( وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا) [الفرقان: 53]، وقوله عز وجل: ( أَمَّنْ جَعَلَ الأرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) [النمل: 61]، وقوله سبحانه: ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) [الرحمن: 19-21]

في رأس البر تشعر أن نهر النيل بعد سريان نحو 7 آلاف كيلو بداية من رواندا وبوروندي وإثيوبيا والسودان والكونغو وأوغندا وغيرها من دول حوض النيل جاء ليستريح في منطقة اللسان، ويعانق البحر المتوسط هذا المشهد العجيب والمعجزة الإلهية لو أنه موجود في أي دولة أخرى كانت حققت من ورائه المليارات..

الحقيقة وبشكل عام محافظة دمياط كلها حدوتة مصرية، فيها كنوز وثروات تكفي دولة كاملة لو أحسن استغلالها، فبالإضافة إلى شواطئها الجميلة في رأس البر ودمياط الجديدة فإنها تحتل موقعًا فريدًا على البحر المتوسط، هي أيضًا تحضن الفرع الرئيسي لنهر النيل، ومتميزة في صناعة الأثاث والحلويات وصيد الأسماك والأجبان، بالإضافة إلى وجود ميناء دمياط المتميز، وكذلك هي محافظة زراعية صناعية تجارية وبها ثلاث جامعات حكومية وخاصة (جامعة دمياط والأزهر وحورس) والأهم من كل ذلك أن شعبها يعشق العمل والإنتاج وأقل محافظة تعاني من البطالة والأمية..

كان حقًا علينا الإشادة بالمسئولين في دمياط لتحفيزهم على العمل والتجويد والتفكير خارج الصندوق في استثمار أكبر لثروات وكنوز المحافظة أيضًا تشجيعًا لغيرهم من المسئولين في المحافظات الأخرى.. أتمنى ألا تثير الإشادة بهم الأحقاد عليهم وتكون وَبَالًا عليهم.. واللهم احفظ مصر.
egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية