رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«لوين بدنا نفل».. ركبني المرجيحة!


لم يعد يمر يوم دون أن يسيل الدم المصري وينال جنودنا الشهادة، برصاص وتفجير الغدر والكراهية من "الإخوان" ومعهم خونة "حماس" ومرتزقة من جنسيات أخرى أغراهم المال الحرام القادم من "قطر وتركيا وإيران".


وبدلا من توحد القوى لمواجهة ما تعانيه مصر من حرب شاملة، اكتفت الحكومة ببيانات الشجب والتنديد، والتأكيد أن "الإرهاب لن يزيدنا إلا قوة في مواجهته والقضاء عليه"! ولم يختلف الوضع في الإعلام، حيث ترتدي المذيعات السواد ويكثر الحديث عن حضارتنا وأمجاد الماضي، لكن ماذا عن الحاضر والمستقبل أكثر من ضيوف تحلل العمليات الإرهابية؟ لا شيء!

تحولنا للأسف الشديد من دولة رائدة قائدة إلى دولة تابعة ومن منتجة مصدرة إلى مستهلكة تستورد كل شيء، وبدلا من حث الشعب على العمل والإنتاج، اعتمدنا على القروض والتسول من الدول الأخرى حتى أصبحنا بلا قيمة.

زاد من تردي حالتنا وتحولنا إلى أمة تستهزئ بنا وتتهكم علينا الأمم، أن تحولت الفنون والثقافة أو "القوى الناعمة" إلى "قوى هادمة"، تنتج أعمالا تحرض على العنف والكراهية، تزين للمتلقي الخيانة الزوجية والعلاقات المحرمة، تستلهم الفكر الأمريكي في "الأكشن" وحرب العصابات، تغسل عقول الشباب وتبيح لهم "البلطجة" والاحتيال، وتجارة المخدرات، وآخر إبداعاتها دراما السحر والشعوذة، وكأن مصر خلت من القدوة الحسنة ونماذج تُحتذى في الكفاح وبلوغ النجاح بشرف وعزيمة وصبر.

خطورة الفن بأنواعه أنه يقود المجتمع ويشكل وعيه ووجدانه، والجيل الواعد يقتدي بنماذج درامية ويقلدها.. فهل هذه القيم التي تزرعها "القوى الهادمة" في نفوس الأجيال الحاضرة والقادمة؟

الحديث عن الدراما خصوصًا الرمضانية يطول، لكن أتوقف عند كليب "ركبني المرجيحة" كعمل مخجل لا أعرف كيف وجد طريقه للعرض؟ وقد قوبل بداية بسخرية واستهزاء "السوشيال ميديا" ما زاد الفضول لمتابعته.. الكليب لا يحمل مقومات العمل الفني، تصوير سيئ، أداء تمثيلي مفتعل وساذج، أشكال وماكياج وطلات غريبة، أما صوت المغنية "الموديل" فأجارك الله، قد يكون صوت المغني الشعبي مقبولا، لكن ما الهدف من الأغنية الركيكة ولمن يوجهها أصحابها، وما الرسالة في غناء "الموديل": "ركبني المرجيحة حلوة قوي ومريحة".. فيرد المغني: "أنا خايف أقرب منك لا تيجي طنط مديحة.. حوشوا عني طنط مديحة"... إنه إسفاف وتردٍ، فلا معنى ولا مضمون ولا فن على الإطلاق! 

هل هذا مستوى المواهب المصرية، وهل هذا محتوى الفن الراهن؟ لو كانت تلك هي القوى الناعمة فهي تقودنا إلى الحضيض!! انظروا إلى الأغنية الإسبانية despacito لمغني الراب دادي يانكي والبورتوريكي لويس فونسي، التي حققت في أشهر ستة أكثر من ملياري مشاهدة على "يوتيوب"، ما جعل حسابات عدة تترجمها إلى العربية ليتعرف المتلقي على مضمونها.. وكذلك أغنية see you again للثنائي ويز خليفة وتشارلي بوث، التي باتت الأكثر مشاهدة عبر "يوتيوب" بمليارين و900 مليون مشاهدة، وهي مهداة إلى الممثل بول ووكر الذي قضي في حادث سير، وتتضمن مشاهد من آخر أفلامه.

وحتى لا يقال إننا نقارن الفن المصري بنظيره الغربي، نعود إلى نموذج عربي مميز يجب أن يستلهمه الجميع، فالقدوة اليوم تأتينا من النجمة الثمانينية فيروز، التي استشعرت حال التردي العربي، فعادت إلى الاستوديو لتسجيل أغنيات ألبوم جديد تشرف عليه ابنتها المخرجة ريما الرحباني، ورغم تباين رد الفعل تجاه أغنية "لمين" بين مرحب ومنتقد.. فإن أغنية "يمكن" لجارة القمر قوبلت بحفاوة بالغة، لأنها لامست كل عربي وترجمت واقعنا المرير في رسالة إلى من بيدهم القرار.

"يمكن" صرخة فيروزية تقول: لوين بدنا نفل من كل اللي عم بيصير.. مافينا نكفّي ذل، قتل وخوف وتهجير.. بايدينا عم بنخرب كل اللي بنيناه.. لا حكم ولا كراسي، لا حقد ولا بغض..لا دين ولا مصاري.. شو اللي مانعنا نوحِّد اللي نحنا قسّمناه؟ يمكن أنا عم أحلم حلم كل واحد منّا، الحلم وحده بيجمعنا ت نعيش بسلام.. ما عاد بدنا حروب، بلا سبب نموت.. بكرة يضل مخوّفنا، ليش وع شو تقاتلنا؟! مادام السما واحدة لكل الناس".

فيروز تفرغت لرسالة الفن ورفضت الظهور الإعلامي وتركت أعمالها تتحدث عنها.. وبما أن الفوضى والهدم سمة "الميديا" في مصر، فالأمل في تصحيح المسار يقع على عاتق رئيس لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان النائب أسامة هيكل، فهو ابن المهنة واتخذ قرارات جريئة عندما تولى حقيبة وزارة الإعلام في ظروف صعبة، فضلا عن رئاسته مدينة الإنتاج الإعلامي.. فهل يستجيب؟

Advertisements
الجريدة الرسمية