رئيس التحرير
عصام كامل

الإسعاف والتقصير الطبي


وصلتني رسالة من أحد أصحاب المصانع بمدينة العاشر من رمضان، بخصوص حادث وقع لأحد العمال، كتب فيها:

"وقع حادث لعامل يوم الأربعاء الماضي تسبب في جرح غائر بالرأس، وحينئذ اتصلت بالإسعاف لينقلوه إلى المستشفى واصطدمت بالواقع المؤلم فإن الإسعاف رفض التحرك، وقال إن إسعاف المستشفى التي سيذهب لها المصاب هو المتكفل بنقله، والإسعاف غير مسئول عن نقله، وبعد مشادات قمت بنقل المصاب بسيارتي ينزف فيها إلى مستشفى التأمين التي اكتشفت أنها لا تعمل تقريبا، إنما تعمل فترة صباحية، وللأسف ساعات محدودة بلا خدمات، وبعد ذلك انتقلت إلى مستشفى خاص، حيث قاموا بربط رأسه بالشاش ووضعوا له محلول والفاتورة ٨٠٠ جنيه، وقالوا إن علينا الانتقال إلى مستشفى أخرى، حيث إن مدينة العاشر من رمضان ليس فيها مستشفى متكامل إنما مستشفيات للخدمة المحدودة، مع أنها من أكبر المناطق الصناعية على مستوى الجمهورية، إلا أننا رضينا بذلك وذهبنا إلى مستشفى كبير على طريق مصر الإسماعيلية الصحراوي، حيث دفعت ٣٥٠٠٠ جنيه في أول يوم فقط ولأنه عامل عندي فإني لا أبخل عليه طالما لدي القدرة على ذلك.


هل يرضى المسئولون أن الإسعاف لا يتحرك لإنقاذ المصابين؟ هل يرضى المسئولون أنه لا يوجد مستشفى لإنقاذ المرضى والحالات الحرجة في مدينة صناعية بها آلاف المصانع؟ هل لم يعد أمامنا إلا بعض المستشفيات المعدودة التي تخدم مناطق شاسعة ولا نجد فيها سريرا واحدا لخدمة مصاب مع قدرتنا على دفع التكاليف؟

لقد عشنا يوما من أصعب الأيام التي اكتشفت فيها أن الصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء، فإذا حدث مكروه لا قدر الله فإن الحياة للمريض أو المصاب قد انتهت بلا إنقاذ، وإنها لكارثة حقيقية ولا تحدثني عن تأمين صحي فما ندفعه من اشتراكات لا ترقى لأي خدمة طبية، إذ تحت الضغط النفسي عليك أن تبحث عن القطاع الخاص الذي ينتظر الوليمة وللأسف لا رقيب على تقدير المصروفات، إذ يتعمدون أن يقوموا بإحراج الأب أمام أولاده والزوج أمام زوجته وصاحب العمل أمام العامل وعليه أن يقوم ببيع كل ما يملك من أجل أن يحفظ ماء وجهه أمام أسرته أو أسرة العامل، ويبقى الخوف من المرض أو من الإصابة هو أكثر ما يخافه الإنسان غدا.
أنا آسف على الصورة التي صدمتني وأنني لا أعلم ماذا أفعل لكي يصل صوتي للمسئولين.."

أخي الكريم أشكرك على رسالتك ورأيت في كلماتك رغبة أكيدة نحو طلب تغيير الواقع المؤلم حين لا ترضى الإسعاف لنقل المصاب وحين لا نجد مستشفى يمكنه إنقاذ مصاب إننا أمام شيء لا بد من التحقيق فيه اليوم قبل غدا، فإلى متى ستصبح حياة الناس رهنا لتصرفات فردية يمكن أن يؤدي التأخير في الخدمة الطبية إلى الوفاة.
وأخيرا أتوجه بندائي إلى الدكتور وزير الصحة للتحقيق حفاظا على حياة المواطنين.
الجريدة الرسمية