رئيس التحرير
عصام كامل

الإرهاب الأسود.. ودراما تهدر القيم الإنسانية!


أدرك أن رائحة دم الشهداء في كل مكان حولنا، ويوميا تتشح أمهات بلون الحداد.. شهداء جدد، وفى أماكن جديدة، ومصر تأبى إلا أن تتطهر من تجار الدين والخونة وأعداء الوطن، وما أدركنا صباح الجمعة الماضي، إلا أننا فوجئنا بالاعتداء على كمين البدرشين، ونزف جديد من دماء الشباب الطاهر الذي يقدم حياته طواعية لنحيا في أمان، والحقيقة مع كل حادث يثور العقل رافضا ما يحدث، إذا كان شعار الإرهاب هو الجبن والاختفاء وعدم المواجهة فما لنا لا ندرك حجم جبن هؤلاء !؟


مهاجمة الكمين في السابعة صباحا وفى وضح النهار، وبعد الهجوم، يسرق الإرهابيون أسلحة الشهداء، ويحاولون حرق جثث الشهداء إلا أن تجمع الأهالي منعهم، وهذا أيضًا يعطى لنا مؤشرين العملية الجبانة تمت بهدوء وبدون أي مزاحمة سواء من الكمين، وأيضا عدم قدرة الأهالي على التدخل لعرقلة هروب الإرهابيين أو الإدلاء بمعلومات عنهم!

يبدو أننا طيبون أكثر من اللازم، ونتصور أن الجبناء لن يهاجمون الكمين أو أنهم لن يأتوا، والحقيقة أن الحرب التي تخوضها مصر الآن من أصعب المواجهات التي اعترضت مصر في المائة عام الأخيرة، العدو الصهيونى أمامنا وندرك كل شىء عنه، ويعلم الجميع أن الوضع الحالى ما هو إلا مرحلة أشبه بالهدنة حتى تتبدل الدنيا وتعود فلسطين هي الهدف لتحريرها من الاغتصاب الصهيونى، أما الإخوان ومن يحركهم من أعداء مصر فهم الجبناء، تجار الدم والدين، لابد أن ننتبه إليهم أكثر وأكثر، فالخيانة شعارهم والجبن حياتهم، لا أنسى أحد شهداء سيناء الذي ترك في ملابسه خطابا إلى أسرته، يؤكد فيه أنهم يخوضون حربا حقيقية ضد تجار الدين، يضيف أن الأصعب يا أبى أننا في الصباح نأكل الإفطار مع البعض ونفاجأ بهم بين قتلى الهجوم بالمساء إنها الخيانة!

المجد للشهداء.. ولهم الجنة.. وعلينا أن نكون أكثر وعيا، وأكثر إدراكا للحرب التي يخوضها الشعب المصرى من خلال الجيش والشرطة.. وعلى الداخلية أكثر يقظة حفاظًا على أرواح أبنائنا!

الموضوع الذي كنت قررت الكتابة فيه، هو تصدير للمجتمع ثقافة فاسدة من الأفلام أو الدراما، عندما عرض منذ أكثر من خمسين عاما فيلم "جعلونى مجرما" بطولة ملك الترسو الفنان القدير فريد شوقى، ثارت الدنيا وهاجمه العديد من الأقلام، وأحدث ضجة غير متوقعة، السبب أن الفيلم جعل المشاهد يتعاطف مع المجرم، وهذا في حد ذاته أمر يهدد سلامة القيم المجتمعية، خاصة ونحن في مجتمع قائم على أسس دينية تتطابق تماما مع كل القيم الإنسانية، والتعاطف مع المجرم كارثة بلا شك.. مصادفة شاهدت أحد المسلسلات سبق عرضها من عامين، البطل الإعلامي المشهور قبض عليه متهما بقتل ابنة صديقه رجل الأعمال المليارى صاحب شبكة التليفزيون التي يعمل فيها، كان واضحا تماما أن الإعلامي مظلوم، وظهر الطبيب الشرعى الفاسد مع والد القتيلة ليروي له أن ابنته كانت سكيرة ومدمنة وأشياء أخرى وطبيعى رجل الأعمال اشترى سكوته، ثم اكتشفت النيابة أن القتيلة كانت "حامل" في 6 أسابيع، وقامت بتحليل ( D N D ) اكتشفت أن الإعلامي المشهور هو المتسبب في ذلك الأمر..

الغريب هنا بالرغم من اعتراف البطل بعلاقته الآثمة مع ابنة صديقة فإلى الآن المسلسل لم يعبأ بكل ما فعله من جرائم في حق الإنسانية، وأخذت المحامية في تجميع أدلة لإخراجه من السجن وحصوله على البراءة، والمحامى الكبير يؤكد لتلميذته المحامية المهم براءة البطل من تهمة القتل، وكاتب العمل جعل البطل وكأنه الضحية التي ستعدم ظلمًا!

من المؤكد لا أطالب بحسابه على جريمة لم يفعلها، ولكن كنت أتمنى وقفة مع إنسان خان صديق عمره وأطاح بشرف ابنته وحملت منه سفاحا، وقفة من المجتمع مع إنسان ضلل العدالة وأنكر في البداية أي علاقة بينه وبين القتيلة، فلتتركه المحامية لإعلاء القيم الإنسانية ويذهب إلى محام آخر، المهم هنا رسالة إلى المجتمع بأننا مازلنا نحمى القيم النبيلة التي سبقت كل الأديان وولدت بالفطرة في الإنسان!

ليس هذا فقط بل إن المحامية هي نفسها سرقها زوجها ضابط الشرطة وأخفى دليل براءة إنسان وتم إعدامه، وفى مسلسل آخر الزوجة تخون زوجها وتأخذ ابنها الطفل معها لعشيقها، وتثور لأنها وجدت أخرى عند عشيقها وتقول أنت وعدتنى أن تكون لى فقط! وأيضا العشيق صديق عمر زوجها، والمسلسل يرسم شخصية هذا المنحل أخلاقيا أنه نموذج رائع، يتهافت عليه الجميع!

للأسف إن هذه مسلسلات رمضان التي تقدم لنا مدى الانحطاط والفسوق، سواء من خيانات زوجية من الطرفين والأغرب معظمهم سيدات متزوجات، وتشويه لصورة المصرى، وتدنٍ في المبادئ والقيم، هذا يؤكد أننا أصبحنا مجتمعا بلا هوية بمختلف طبقاته وأعماله، وهنا الخطورة أن الدراما تصدر صورًا فاسدة، ولكن يتعاطف معها المتلقى، ويتمنى الشباب تقليدها!

احترسوا أيها السادة..
الإرهاب يأخذ من هذه النماذج ذريعة لتكفير المجتمع، والمطالبة بهدم كل شىء، والقتل أهل الجاهلية كما كان ينادى سيد قطب أحد أقطاب الإرهاب في تاريخنا! ثم أين النماذج التي تزرع الأمل بين الشباب؟ لن أعيش في جلباب أبى، مصطفى مشرفة، حتى الأعمال التاريخية مثل عمر بن عبدالعزيز، عصر الأمة، أبوحنيفة النعمان، الفرسان.. الكلمة.. أهم وأخطر مما تتوقعون يا صناع الفن!
الجريدة الرسمية