رئيس التحرير
عصام كامل

فتنة أيمن نور تكشف زيف الفكر الإخواني.. صراع جبهات التنظيم حول زعيم غد الثورة يفضح هشاشة «مشروع الجماعة».. أحمد بان: تناقض أفكار البنا السبب.. وخالد فؤاد: خلافات الأيدولوجيا يصعب حلها

أيمن نور
أيمن نور

سريعا بات أيمن نور، المرشح الرئاسي الأسبق، وزعيم حزب غد الثورة، محل خلافات طاحنة داخل جماعة الإخوان الإرهابية، بعدما ظل طوال الأعوام التي تلت ثورة 30 يونيو، يلعب دور الكاردينال مع الجماعة؛ تارة يُلبس مشروعهم للصراع مع مؤسسات الدولة المصرية ثورية مفتعلة، وتارة أخرى، يعقد لهم صفقات مع بعض رموز المعارضة، الذين اشترك أغلبهم في إسقاط حكم مرسي، لتفضح الأزمة تباعا، الصراع الفكري التاريخي داخل الإخوان، والفجوات الجيلية، وضبابية الفكر السياسي والدعوي للجماعة.


تاريخ الجماعة
تاريخ الجماعة الملتبس، ربما يبرأ «نور» من التسبب في حالة الانشقاق والصراع والتخوين، الدائرة حول استمراره في المشهد الإخواني من عدمه؛ فالمناكفات الفكرية والتنظيمية ضاربة في الجذور، وتحديدًا منذ أربعينيات القرن الماضي، حيث بدأ صراع «توم وجيري» بين التنظيم الخاص، ومكتب الإرشاد ومرشده؛ ما بين جبهة ترى ضرورة فرض القوة والتفجير والقتل، كسلاح باتر لفرض أيدلوجيات الإخوان الدينية والسياسية على مصر، ومن خلفها العالم، وجبهة أخرى تعتنق الأفكار نفسها، لكنها ترى في التدرج، والتخفي داخل صنم التسامح والانفتاح على الجميع، ضرورة حتمية للوصول إلى مشروع التمكين، وبعده يصبح لكل حادث حديث.

الكلمة للأقوى 
الكلمة الأقوى في الجماعة، كانت دائما من نصيب نبتة العنف والتطرف، التي ظلت تتلاقح، حتى استمرت بعنفوانها، وتسللت عبر تاريخ الجماعة من بوابة القطبيين، وباتت صاحبة اليد الطولى في مكتب الإرشاد، خلال تولي مرسي رئاسة الجمهورية؛ وكانت هي أيضا العامل الأبرز في إنهاء حكمه، ومعه جماعته، بعد عام واحد فقط، وهي أيضا صاحبة التوجه المعارض لوجود أيمن نور حاليًا.

التباس أفكار «البنا»
الباحث في شئون الجماعات الإسلامية «أحمد بان»، يرى أن كلا التيارين داخل الإخوان، يدعي الالتزام بخط حسن البنا المؤسس، ويرجع الباحث التخبط الحادث بينهما إلى «البنا» نفسه، الذي طرح في أفكاره صيغا غامضة ومتناقضة، ما يسمح له ولاتباعه، الارتكان إلى الشيء وضده الوقت نفسه، ما دام سيصب ذلك في صالح تحقيق الهدف الأسمى وهو الوصول للحكم، فمن يؤمن بالعنف بحسب «بان» سيجد من نصوص كلام مؤسس الإخوان ما يدعمه، ومن يؤمن بالتدرج والصبر والتقية، سيجد أيضًا ما يؤيد موقفه.
بالاقتراب أكثر إلى رؤية «بان»، يتضح جوهر صراع يشتعل أكثر بين فريقين في الجماعة، بسبب تناقض وازدواج أفكار «البنا»، الذي ظل لفترات طويلة في حالة خمول بسبب عسكرة التنظيم، وقواعدة الصارمة حركيًا وتنظيميًا، التي قمعت بنجاح جميع الاتجاهات المختلفة، وصهرتها في قالب تنظيمي مُحكم، سرعان ما تراجعت قوة قبضته، بفعل الفشل السياسي والأخلاقي، ومن خلفهما الضربات الأمنية المركزة التي تعرض لها الإخوان.

خلاف تاريخي
بينما يرى خالد فؤاد، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، أن الخلاف التاريخي الذي تفجر بين أجنحة الإخوان، بعد 30 يونيو، على جميع المستويات، بما فيها دوائر التحالفات ليس بالأمر الهين، موضحا أن حجم الاختلاف داخل الجماعة، يجسد عمق الأزمة، الأمر الذي يجعلها مهددة بشكل حقيقي، إذا لم تمتلك ما أسماه "المعرفة الدقيقة بتداعيات الخلافات الفكرية"، على وجود الجماعة سواء في مصر، أو الدول الأخرى.
ويعتبر الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، أن الخلافات التي تتعلق بالفكر والرؤية، يصعب بشدة إيجاد حلول لها، ما يعني أن التهدئة الحالية بين الطرفين لن تدوم طويلًا، وهو الأمر الذي سيدفع أصحاب رايات التغيير المختلفة، لاتخاذ خطوات انفصالية عن الجماعة، وتكوين كيانات صغيرة، تتأسس على رؤية كل فريق للتغيير المنشود، وربما يكون هذا السيناريو، هو الأخطر مقارنة بالسيناريوهات الأخرى، لا سيما أنها قد يؤدي إلى حالات تفكك متعددة خارج السيطرة، داخل جسد الجماعة، الأمر الذي سيؤدي إلى زوالها للأبد.
الجريدة الرسمية