رئيس التحرير
عصام كامل

بقر (تميم) المجد!


فيما يبدو أنها هواية، زيَّها زى جمع الطوابع، أو حيازة العُملات القديمة، قرر النظام القطرى مواصلة هوايته الأثيرة في جمع البقر، وذلك بعد استيراده شحنة أبقار تم استقبالها بشكل رسمى، ومشى البقر بقرة بقرة على السجادة الحمراء، بينما الفرقة العسكرية الأميرية تعزف بكُل حماس مقطوعة ما تبطَّل تمشى بحنية ليقوم زلزال!


وسألنى صديق عزيز له علاقة بصنعة الجزارة عن الأمر، وكُنت راغبًا في الحفاظ على الود بيننا يمكن يعمل لى تخفيض في كيلو بفتيك، أو يبتلينا ربنا في يوم بعزومة وأحتاجه يقسَّط لى مبلغ شراء تلاتة أربعة كيلو لحمة لزوم المنجهة قُدَّام الضيف، وقال: هي قطر هتعمل إيه بالبقر ده كُله؟ وأجبته: على رأيك، قاعدين يلمّوا بقر من كُل الدنيا، إيشى من إيران، وإيشى من تركيا، وأخيرًا شحنة جديدة من ألمانيا، البقر في قطر أصبح أكتر من البنى آدمين، ثم أضفت متوددًا له للغرض السابق الإشارة إليه: اللى زيَّك لو راح هناك يشيلوه فوق الراس.. فوق راس البقر طبعًا!

وكان الحديث دائرًا مع صديق آخر في صباح نفس اليوم للمُصادفة، إذ أكد لى أن الأبقار في أستراليا بتسمع موسيقى، وتقريبًا بتسهر في الأوبرا، واستنتجت وقتها أن هذه الأبقار بيحلبوا منها بودنج تقريبًا؛ فمستحيل البقر اللى بيجيب لبن وقشطة وجبنة علشان بياكل برسيم، وبيمشى في الغيط في الطين، ويعمل "بي بي" على نفسه وفى الطريق، يتساوى بنفس البقر المثقف المُطلع على أحدث أخبار جوائز الأوسكار، وبياخد شاى وكيك الساعة خمسة، وبيسمع نشرة أخبار السى إن إن أكيد!

لكن بما أن السيرة اتفتحت، فقد سألت أنا نفسى هذه المرَّة، هو ليه قطر لم تستورد أبقارا من أستراليا، وفضَّلت عليها أبقار ألمانيا؟ يعنى مش عاوزين بقر مثقف وفاهم وعنده وعى؟ واضح كده، واللا مُمكن البقر ده، بما إنه بيفهم ـ يستطيع في يوم وليلة إنه ينتزع حُكم البلاد، أو يعمل أي انقلاب من الانقلابات المشهورة هناك، وتلاقي بقرة جديدة بتحكُم إمارة قطر، مع فارق واضح إنها بتفهم ومثقفة!

لكن أكيد هناك سبب آخر لتفضيل البقر الألمانى نكاية في نظيره الأسترالى، إذ ربما بتشترط أستراليا على مستوردى البقر من عندها إنهم ياخدوا مع البقر "بغال أسترالية"، وكُلنا يعلم أن البغل الأسترالى هو أشهر ما في هذه البلاد البعيدة، بل إنه البغل الأشهر على مستوى العالم بعد البغل المصرى اللى مأخدش حقه في الدعاية، وبالتالى لم يصبح مشهورًا بهذا الشكل، ومن الواضح أن النظام القطرى رفض الصفقة لأن قطر حصلت من مصر فعلًا على عشرات البغال المصرية الهاربة، والمقيمين على أرضها واكلين شاربين نايمين على قناة الجزيرة ومشتقاتها!

وتؤكد الصفقة التي احتفلت بها البلاد، وقررت منح موظفيها هناك إجازة، مع مكافأة شهرين من راتب كُل مواطن، ولترين لبن بشرط يعملهم موز باللبن، كون الموز باللبن هو المشروب الرسمى هناك، خاصةً أن نظام الحكم القطرى قائم على الموز، وأكل الموز، وما ينتج عن ذلك من ضرورة التنطيط المُستمر، لا تشبُهًا بالقرود والعياذ بالله، لكن تشبُهًا بالبنى آدمين، أقول إن هذه الصفقة تؤكد أن الاستراتيجية القطرية في تمجيد (تميم) المجد تسير بنجاح عن طريق خطط بديلة، فبعد فشل حكاية تغيير اسم "فودافون قطر" إلى "تميم المجد"، أصبح البديل الأفضل هو "بقر تميم المجد"، وعلى مَن يرغب ـ حسب الإعلان ـ في تغيير جنسه في البطاقة من حمار (تميم) إلى بقر (تميم) الذهاب لأقرب حظيرة مواشى، وتقديم طلب، ودفع الرسوم التي تم تقديرها بحزمتين برسيم سودانى مُعتبر!

واستيراد البقر في حَد ذاته مش عيب، واحترام البقر أيضًا واستقباله بهذه الحفاوة أيضًا ليس عيبًا، فهناك بلاد كبيرة بتعبد البقر زى الهند، وبالتالى ففى هذا العالم لا مجال للاندهاش يا عزيزى، حتى لو فوجئت ببقرة بتفتى بجواز قتل الجنود والضباط المصريين، اللهم إلا لو كانت دهشتك نابعة من نجاح العلماء في قطر في تحويل البغل إلى بقرة، لكن هذه ليست مشكلة خالص، خصوصًا أن الصنفين من ذوات الأربع، اللى رافعين علامة الأربع صوابع دايمًا كشعار لهم!
الجريدة الرسمية